القرارات السديدة الواقعية والتطبيقات المنتظرة

الدكتور سنان علي ديب:

كان للقرارات الأخيرة ردود أفعال مختلفة وإن كان للبعض رؤى خارج السياق الجمعي، ومن المؤكد أن للقرارات الكلية أهدافاً عامة تبغي الفائدة الأكثر شمولية بما ينعكس على الوطن، وهو ما كان تصريح وزير الاقتصاد في رده على القرار ٨ وردود الأفعال نحوه، بأنه قرار للمواطن والتاجر والوطن، وهو ما كان مطلب الباحثين والمختصين منذ وقت طويل. وطبعاً للتوقيت أهميته، ومن يملك المعلومات الكلية أكثر قدرة على تحديد الوقت المناسب وعلى وضع الأهداف النهائية للقانون وعلى تحديد الصلاحيات والمسؤوليات الملقاة على عاتق كل جهة، في ظل تعدد الجهات ودور كل جهة، بعدما كان الموضوع منوطاً بجهة واحدة هي وزارة حماية المستهلك. في ظل القانون الجديد أصبح هناك دور محدد وواضح لوزارة الإدارة المحلية ولوزارة الداخلية ولوزارة حماية المستهلك، وفي ظل القانون أصبح هناك لجان مركزية للسلع المركزية ومحلية للمنتجات المحلية، ولجنة في الوزارة للاعتراض على الأسعار، وهو سلوك منطقي ليحفظ حقوق الجميع، وكذلك ما زالت صلاحيات الداخلية في التصرف للتهريب والمتاجرة بالسلع المدعومة من الحكومة وبالتهريب. المهم أصبحت هناك لجان مشتركة من الدوائر الصغرى فيها عنصران من لجان الأحياء، دورها المتابعة والضبط ورفع الضبوط لمراكز المدن، وهذا ما سيؤدي لحالة ضبط للأسعار وملاحقة الرفع العشوائي لها عبر إظهار الفواتير من الحلقة الصغرى لأكبر مستورد ومنتج. وهنا لابد من عدم إهمال صلاحيات وواجبات أخرى للوزارة تتعلق بخلق المنافسة ومنع الاحتكار، ولابد هنا من الاستيراد المباشر أو عبر مؤسسة التجارة الخارجية بشكل مباشر أو بمن يوثق بهم لا عبر تكرار الماضي عبر مناقصات للعموم للاستيراد عبر المحتكرين للمواد ولنعود إلى الدائرة نفسها.

المهم أن البعض وجد أن القانون ٨ من القرارات الخشنة الظالمة والتي تسلط ضد التجار، على عكس القرارات الناعمة ومنها رفع قيمة الصرف للحوالات إلى ٢٥٠٠ ليرة سورية للدولار، ومن المؤكد أن القانون ٨ لم يوجد إلا بعد أن وصلت الأسعار إلى مراحل تضخمية تجاوز بها التضخم حاجز ٢٢٠٠، مقارنة بأول الاحداث وعبر حرية غير منضبطة وبلا روادع، ما انعكس على المستوى المعيشي للبلد بأغلب سكانه وأفقر الأغلبية وتماهى مع ضغوط مورست على البلد لفرض غايات وأهداف سياسية غير مقبولة من الدولة والشعب، وهذه الأسعار كانت جسراً لأخطر أداة مورست علينا من أدوات الإرهاب الاقتصادي وهي المضاربة على سعر الصرف. والقانون مرن ووطني ويجب أن يطبق بحذافيره بعد أن يعرض لفترة قصيرة ويسوق إعلامياً حتى لا يكون هناك غبن ولا يكون مباغتاً وانتقائياً، وبالتالي القانون خشن على من سيحاول الالتفاف عليه ومخالفته والاستمرار بالمسيرة نفسها في الاحتكار والغش ورفع الأسعار وتزوير المواد.

أما فيما يخص القرارات الناعمة والمتعلقة بالإجراءات حول سعر الصرف، ومنها الحوالات وسعر التمويل عبر مراكز الصرافة وكذلك إعفاء الأغلبية من تصريف الـ ١٠٠ دولار على الحدود فهي كانت غايوية في توقيتها الذي جزء منها لزيادة حجم الحوالات في شهر الأعياد رمضان والفصح، وكذلك محاولة قطع الفوضى في سعر الصرف والمضاربات التي أغلبها من الخارج والمناطق خارج سيطرة الحكومة، ونجحت جزئياً في مواجهة الحالة النفسية وفقدان الثقة بالليرة، وعلى العكس أصبح رهبة لمن يقتني العملة الصعبة، ولكن في ظل تعيين حاكم جديد لمصرف سورية المركزي، وهو من العاملين ضمنه وكان النائب الثاني للحاكم وهو عارف بكل التحولات التي طرأت على سعر الليرة، والأسباب وكذلك القصور بالإجراءات، فالمنتظر كبير في تصويب السلوكية وإعادة الثقة والوصول إلى استقرار بسعر عادل وطني وعدم الاقتصار على إجراءات آنية إسعافية لم تظهر نتائجها بالشكل الصحيح، فالسعر الجديد سيعمم ويكون ذا ردود تضخمية عبر رفع الرسوم الجمركية والضرائب وعبر زيادة الكتلة النقدية في التداول الناجمة عن رفع سعر التحويلات، وهنا لابد من المرونة في التعاطي للوصول إلى سعر وسطي يعطي الثقة والأريحية بالتعاطي للأغلبية.

والمهم الهدف والغاية من القانون ٨ والاجراءات النقدية هو انعكاس النتائج على مستوى معيشة المواطن عبر إعادة الأسعار للمستوى الطبيعي العادل وخفض تكاليف الإنتاج ومواجهة الارهاب الاقتصادي الذي لم يترك أداة إلا وفعّلها.

ما نراه لليوم سعي حثيث ودؤوب للتطبيق الصحيح، وهو ما أزعج قوى الاحتلال والأدوات التابعة والمتربصين للبلد والساعين لتدميرها وضرب مؤسساتها، فكان الإرهاب الآخر بالاعتداءات الصهيونية على أراضينا، والقرار الجائر باتهامنا باستعمال أسلحة غير تقليدية، ومنع سورية من التصويت في المؤسسة الدولية لمواجهة الأسلحة الكيماوية.

قرارات صحيحة سديدة الهدف والتوقيت ويجب التشدد في تنفيذهما واستعمال الوسائل اللازمة.

وما دامت كلها لخدمة المواطن والوطن.. فهي قرارات وطنية يجب التعاون والتكامل لتنفيذها وإنجاحها وتصويب الاعوجاجات.

فهي للكل وعلى الكل مسؤولية في إنجاحها، وفي نجاحها إنقاذ لسوريتنا ولأهلنا.

 

العدد 1104 - 24/4/2024