اللعب بالأرقام

فؤاد اللحـــام:

كما في أية حالة مرضية، لا يمكن تحقيق المعالجة الصحيحة والفعالة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية الراهنة دون الوقوف على الوضع الحقيقي الراهن لهذه الأوضاع والمشاكل.

ما نشهده اليوم من تضارب البيانات والأرقام وانتقاء نشر بعضها وإخفاء بعضها الآخر يشير إلى صعوبة الوقوف على الوضع الحقيقي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بشفافية ووضوح. وبالتالي تمكين المختصين من اقتراح الإجراءات الصحيحة المطلوبة.

أسباب عديدة تكمن وراء بروز هذه الحالة واستمرارها، في مقدمتها عدم معرفة الوضع الراهن على حقيقته، أو عدم الإفصاح عنه لأسباب عديدة، أو انتقاء ما يناسب من هذه الأرقام والبيانات وتسويقها كمنجزات لخدمة الوضع الشخصي لهذا المسؤول أو ذاك. وكل هذه الأسباب أدت وما تزال إلى عدم فعالية معظم الإجراءات والتدابير التي تتخذ استناداً لهذا الواقع.

على سبيل المثال هناك أرقام عديدة نشرت وما تزال تنشر حول الإنتاج والمبيعات والتصدير والتمويل.. يمكن تصنيفها تحت ما سبق ذكره. فالحديث مثلاً من قبل هذه الجهة العامة أو تلك عن ارتفاع قيمة مبيعاتها و زيادة نسبتها عن العام السابق واعتبار ذلك إنجازاً هاماً، يتحول إلى نوع من إغفال الواقع عندما يكون الرقم المعلن بالأسعار الجارية دون مراعاة نسبة التضخم وأنه جاء بسبب رفع الأسعار، وليس عن طريق زيادة نسبة التنفيذ من خطة الإنتاج والتسويق التي غالباً ما تكون نسبة تنفيذ المخطط منها متدنية.. وبدلاً من معالجة أسباب انخفاض نسبة الإنتاج يتم تحويل هذا التقصير إلى إنجاز.

عميد الإحصاء في سورية المرحوم الدكتور عادل العاقل يقول في مقدمة أحد كتبه: الكذب ثلاثة أنواع: الكذب العادي، والكذب الأبيض، والإحصاء. ونحن اليوم في أشد الحاجة لأن يكون الإحصاء أكثر حداثة ومصداقية، لنتمكن من معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بكفاءة بعيداً عما نشهده اليوم بشكل واضح من حالات التخبط والارتجال في اتخاذ القرارات وتنفيذها.

العدد 1102 - 03/4/2024