قرارات التسرع والتأخر
فؤاد اللحام:
وفق تصريحات العديد من المسؤولين الحكوميين، ترتكز السياسات والقرارات الحكومية التي يتم اتخاذها بمعالجة الوضع العام في سورية وخصوصاً الأمور الاقتصادية على قاعدة العمل يوماً بيوم. وهو ما أدى إلى اتخاذ العديد من القرارات والإجراءات الآنية دون ربطها برؤية أو خطة مستقبلية تحقق نقلة نوعية في معالجة العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية الراهنة. وباستثناء عدد محدود من القرارات والإجراءات، كانت القرارات الأخرى موزعة بين الارتجال والتسرع أو التأخر والتباطؤ أو عدم القدرة على التطبيق والتنفيذ.
فقسم من القرارات اتُّخذ بشكل متسرع، وسرعان ما ثبت عدم جدواه وقصوره في تحقيق الأهداف المعلنة منه، ومن ثم جرى البحث في وقف تنفيذه أو تعديل تعليماته التنفيذية. وإعادة قطع التصدير ومؤونة الاستيراد ومؤخراً وقف استيراد مادة (الشورتينغ) أحد الأمثلة على ذلك. في حين يجري التأخر والمماطلة في اتخاذ قسم آخر من القرارات التي تستأثر منذ فترة طويلة بمطالب الصناعيين، لأهميتها في إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية وتمكينها من تلبية الحاجة المحلية والتصدير. وموضوع التمويل ومعالجة القروض المتعثرة أحد الأمثلة على ذلك.
والقسم الآخر يضم تلك الإجراءات والقرارات التي اتخذت دون دراسة كافية لإمكانيات تطبيقها عند إصدارها، الأمر الذي حال دون تنفيذها، وموضوع إحداث مؤسسة ضمان مخاطر القروض التي أحدثت منذ خمس سنوات ولم تدخل حتى الآن مجال العمل الفعلي مثال على ذلك.
إضافة إلى كل ذلك، وعلى الرغم من الاجتماعات العديدة عالية المستوى التي عقدت مع غرف الصناعة، والتي تضمنت الموافقة على العديد من المطالب، فإن معظم ما تتم الموافقة عليه في هذه الاجتماعات واللقاءات لا ينفَّذ. وأكبر مثال على ذلك هو قرارات المؤتمر الصناعي الثالث الذي عقد بحلب بتاريخ 5/11/2018 وبحضور مجلس الوزراء، ومن ثم اعتماد توصياته في اجتماع لاحق للحكومة بتاريخ 21/1/2019، فإن معظم توصياته حسب تصريح رسمي لرئيس اتحاد غرف الصناعة السورية لم تنفّذ. وعليه تم تأجيل المؤتمر الصناعي الرابع الذي كان مقرراً عقده في دمشق بتاريخ 23/11/2019 حتى إشعار آخر.
أمثلة عديدة أخرى يمكن إدراجها ضمن تصنيف القرارات التي سبق ذكرها، وجميعها تؤكد أن التسرع والتأخر والتأجيل في تنفيذ القرارات الاقتصادية التي لا تتم دراستها بالشكل المناسب والمطلوب أصبحت سبباً أساسياً في زيادة صعوبات الأوضاع الاقتصادية الراهنة وتعقيدها. والمطلوب هو الاستفادة من هذه التجارب بدراسات ومشاركات أعمق وأوسع لمشاريع القرارات والتشريعات من قبل الجهات المعنية العامة والخاصة قبل اقتراحها للاعتماد والإصدار، في الوقت ذاته الذي يجب التأكيد على المصلحة العامة في كل هذه الأمور بعيداً عن التفصيل المتعمد لمصالح أشخاص أو فئات محددة.