تحرر المرأة يكون بتحرر المجتمع!

يارا حسون:

باتت مسألة تحرّر المرأة من المواضيع المهمّة مجتمعيّاَ وثقافياَ، ومقبولة لدى معظم المجتمعات العربية اليوم. وكذلك انعتاقها من شرانق التخلّف والتّبعية والعادات والتقاليد الموروثة التي يحافظون عليها إلى درجة التقديس، ولكسر هذه الحلقة المفرغة التي تنتج وتعيد إنتاج التخلّف والانحطاط، لا بدّ من تغيير وضع المرأة في المجتمع، والقضاء على الأفكار التي تنظّم المجتمع على أساس ذكوريّ، وتحريرها الذي لن تصل إليه إلاّ بتحرير المجتمع بدايةَ، ثم جعل المعرفة والوعي صديقها الحقيقي، وعلى الرجل والمرأة أن يشتركا في تحرير المجتمع من القمع الذي لا يفرّق بين من هو ذكر أو أنثى.

أيضاَ هناك الكثير من الاعتقادات والأفكار، وفي المجتمعات المعاصرة خاصةَ التي تظهر تخلّف المرأة المسلمة ورجعيّتها بسبب التزامها بالحجاب الشرعي، بالقول إن الحجاب يقيّد حرية المرأة ويمنعها من ممارسة حياتها، وأنه منافٍ للحرية أو الإنسانية، وأنه وصل بالمرأة الى حيث يستحيل عليها أن تتمتّع بالحقوق التي منحتها لها القوانين الوضعية، فبقيت في حكم القاصر لا تستطيع أن تباشر عملاَ ما بنفسها مع أن الشرع يعترف لها في تدبير شؤونها المعاشية بكفاءة مساوية لكفاءة الرجل، وفي الوقت ذاته جعلها سجينة، في حين  أن القانون يعتبر لها من الحرية ما يعتبره للرجل، والبعض منطلقين من نظرة تحرّرية يحثونها على التبرّج والسفور وخلع الحجاب للتحضّر والتحرّر، ألّا أنّ ذلك في الحقيقة لا يمتُّ إلى التحرّر والتحضّر بأيّ صلة.

ولا يخلو الأمر من وجود بعض من القوى الدينية المتشدّدة والمتطرّفة التي تعمد إلى البرهنة على دونية المرأة وعلى أنّها عورة وجب سترها وتغطية كل جزء من جسدها لحمايتها من الآخر ولحماية الآخرين من مفاتنها، ممّا توّلد عن ذلك نظرة دونية عن المرأة وأنها أدنى من الرجل، فإذا كان المجتمع بطبيعته يبرّر تلك الممارسات لأنه يملك إرثاَ من الناحية الدينية التي يسوء استخدامها، خصوصاَ إذا كان هذا المستخدم ذكراَ، فإن المرأة تجعل من ذلك الرجل خصمها الأوّل، وتنسى أن طبيعة المجتمع والتنشئة الاجتماعية الخاطئة هي من جعلته يفكّر بتلك العقلية الذكوريّة، سواء كانت تلك الأفكار تلقاها جاهزة في حياته المعيشة، أو أنها قد تراكمت لديه عبر السنين من خلال تلك الحكم والقصص التي نتلقاها كل يوم.

وإلى ما غير ذلك ينظر البعض الآخر إلى الحجاب على أنه حرية شخصية، وأنها امرأة حاصلة على جميع حقوقها، سواء كانت محجّبة أو غير محجّبة كلتاهما حرّة ومتحرّرة قادرة على التعامل في المجتمع سياسياَ واجتماعياَ واقتصادياً.

كما أنّه في ظلّ وجود مجتمع حضاري، لا نستطيع فرض وتحديد المظهر الخارجي للمرأة الذي يتعلّق بحريتها الشخصية وبقرارها، لأنها كما هي فكر فكذلك هي جسد، والجسد ليس عاراَ، الجسد أحد أسباب فخر المرأة بنفسها واختلافها الجذريّ عن الرجل، ولا يسمح بسيادة الرجل عليها، كي لا تكون تحت رحمة أي ضغوطِ دينية أو اجتماعية أو جندرية، لأن الانسان الحرّ هو حرّ بعمله وبفكره، حرّ بمظهره وبعلاقاته الاجتماعيّة والشخصية دونما خضوع لأيّ ضغط.

العدد 1104 - 24/4/2024