على الهامش
غزل حسين المصطفى:
ملامح الحزن، والقهر، والبكاء كانت قادرة على البوح بكلّ
القصة.
سافر ابنها منذ ما يقل عن 72 ساعة.
جلست تُقلّب كفّيها والدمع يتسابق على
صفيح وجهها، تقول: مكانه على المائدة فارغ، صوته في البيت يُلاعب جدران المنزل بضحكته،
قلبي يا الله… قلبي.
ابنتي الكبرى لم يُسمح لي برؤيتها منذ
ما يقارب السبع سنوات، أنا في كل يوم أبكيها، ماذا سأفعل بنفسي واليوم صار لي في
الغربة بضعة أخرى من قلبي وروحي؟!
وأجهشت بالبكاء..
بلمحة سريعة على حال (أم محمد) يمكن
أن تُفتح في روحك آلاف الجروح النازفة لتتضامن مع ألمها وحسرتها.
رغم أنها قد أرسلت ابنها البالغ من
العمر ٢٣ عاماً ليفتح لنفسه باباً جديداً في الحياة بعيداً عن كلّ الظروف التي
نعيشها، أي سافر وقد ودعها وسيحادثها طوال اليوم، أي لم تحرم منه نهائياً.
كنتُ في تلك اللحظات التي أسمع فيها
نواح جارتي وأرى أمي قد انضمت إليها، فهي على أبواب هذه المرحلة وبولديها الإثنين.
كنتُ أسأل نفسي، كيف يكون حال الأم
التي تُحرم أمومتها عنوةً؟!
يُقطف أطفالها من حضنها بقوة القانون
أو من غير قوانين تردع الحدث؟
لماذا حين ينجح الأطفال يُرجع ذلك
لوراثتهم من والدهم، وحين يسوء سلوكهم يُقال: (ترباية أمهم)؟!
لماذا تورث الأمهات الحزن الخوف
الدائم على أقدس مشاعرها (الأمومة)؟!
لماذا نتركهنَّ للبكاء، للألم،
للويلات؟!
لماذا تُكرر قصص السيدات اللواتي
سُلبن أطفالهنّ ولم يستطع القانون أن يردّ لهن أمومتهن؟!
كيف يمكن أن تُترك للوهن ٩ شهور
وللولادة والتربية والأعباء الأخرى، ثم بكل بساطة تُجرّد من كل شيء إلّا الحزن والقهر
والبكاء؟
لماذا في كل قضية نضطر لأن نفرد سجلاً
خاصاً بويلات النساء تجاه الموضوع المطروح؟
لا أدري كيف يمكن أن يكون القانون
مُنصفاً حين يضع النساء في الكثير من المواضع: (على الهامش)؟
كل شيء مُكرّر، قديم، ورغم التضامن
المُعلن عنه لكنه تضامن شفهي، شكلي، لم يُحرّك إلى اليوم ساكناً!!
نسمع في كل يوم صرخات استغاثة ونحن
نقف في المكان نفسه نتستّر خلف القانون.
أيُّ قانون! أيُّ عدالة! أي إنسانية؟!
ليس هناك كلام يُقال، أأكتب توصيات
ومقترحات قانونيّة وإنسانيّة تُحِقُ الحق وترفع راية العدل وقد مرّ على هذه القضية
أجيال قبلي وقفوا منها موقفي ذاته، وخطّوا آلاف الأوراق وضاعت.
لا أدري ماذا يمكن أن أقول بعد، صدقاً
الموضوع مؤلم لا يحتاج إلى توصيف ولا يحتاج إلى وصف مشاعر.
إنه بحاجة إلى حلّ… حلٍّ فقط.