الإدارة بالأهواء الشخصية

الدكتور سنان علي ديب:

منذ سنوات كتبت مقالة حول مفهوم جديد للإدارة لدينا في المؤسسات الحكومية، التي تعاني ما تعانيه وسط امتعاض من الموظفين المهمشين والمراجعين ومن كان من أنصار الدفاع عن القطاع العام وإصلاحه.

فأغلب المديرين حكام مقاطعات ومتحكمين ومقررين بعيدين عن الأنظمة والقوانين الناظمة والضابطة، التي هي غطاء لا يحمي فساداً أو انتهاكاً أو إساءة ويلجأ له لتلبيسه ما اُنتُهك، هو ما نجم عنه تفشي الفساد وضياع الثقة بين المواطن والمؤسسات، على عكس مؤسسات كان المواطن يعاني ويشتكي في الأغلب من تعاملها، أحيطت بقوانين تنتهك الطاووسية والتكبر والتفرد بشخوص كسروا جزءاً من الحواجز مع شرائح كثيرة، وبانتظار ترسيخ هذه المعاملات لمصلحة الوطن والمواطن.

ونعود للإدارة بالأهواء الشخصية لأمور وحاجيات انعكاساتها أخطر ونتائجها كارثية على المواطن والوطن ومعنوياته ووهنه وعلى أفقه بأمل منشود وبمعاناة فاقت التصور من تأمين المعيشة بحدودها الدنيا، وفوضى عارمة بالأسعار ترافقت مع إدارة بالأهواء الشخصية لسعر الصرف أظلمت الكثير من الأمل المنشود.

فمن تصريحات مسؤولي وزارة وضعت لتحمي المستهلك والوطن وسط ظروف صعبة تجهر بعدم تدخلها بالأسعار لتكون الأسواق مركز تحديدها وتتناسى دورها بالتدخل لحماية المواطن وكسر الاحتكار وتتحول قائدة وداعمة لأسعاره وتثبيط دور حقيقي وفاعل لمؤسساتها ولاختيار توقيتات مؤلمة لتمرير رفع الأسعار بعد توصيل المواطن الفاقد لأغلب مشاعره وأحاسيسه الإنسانية نتيجة صعوبة تأمين أبسط الحاجات وسط الطوابير

وليكون خاضعاً وخانعاً ومتقبلاً لها مع جهله لما ستؤدي إليه ووسط مفاجأته باستمرار الظروف مع ارتفاع جنوني للأسعار وسط ما توقعناه وما عارض تصريحات مسؤولي قرارات الغفلة بعدم تأثر الأسعار بهذه القرارات، لتدخل موسوعة غينس للتصريحات الطائشة أو المطيشة وكله وسط إدارة بالأهواء الشخصية للأسعار، فمن يجرب أن يركب تكسي أجرة بأيّ محافظة يلاحظ أسعاراً متعددة هوائية بلا رادع، ومن يدخل مقهى من الشعبي للطبقة المتعالية ومن يحاول الحصول على ربطة خبز، وأسعار الألبسة والأحذية، حتى اليانصيب الذي أصبح طموح وأمل كل السوريين بعدما فقدوا الأمل للإدارة العجيبة الغريبة التي تقلل قدرته الشرائية كل يوم ليزداد الفقر والمعاناة مع أجر لا يكفي لـ٥ أيام لأي أسرة ومع فقدان للإنسانية والوطنية للتعاطي مع أغلب حلقات البيع،

ومع تغاضي المؤسسات عن دورها الذي لا نعرف لماذا استمرارها إذا كانت تزيد العبء وحامية للخلل عبر موظفين يقبضون رواتب عبئاً على الحكومة ويضيفون أعباء على التاجر كبيراً وصغيراً عبر رشا مقوننة.

ويبقى الموظف الحلقة الأضعف المذعن والرافع يديه لله داعياً الوقوف معه كما وقف مع الوطن.

ويبقى السؤال: إلى أين ستقود هذه الإدارة بالأهواء الشخصية؟! وأصبحنا نخجل من الدعوة للصبر والتحمل لأن الوطن على مشارف الحلول الصعبة وصبرنا وصمودنا ونحن من حطمتهم قرارات الأهواء الشخصية وأسعار الأحقاد الشخصية ونحن لسنا ممن يسيرون وراءهم عشرات الحرس وأسطول سيارات ومصاريف بعشرات آلاف الدولارات ونحن من قدمنا الدماء الطاهرة، وما زلنا نذكرهم بقداسة الدم وتضحية الشهداء وبطولات الجيش هؤلاء الذين حاصرتهم قرارات الأهواء الشخصية والأسعار الشخصية الوهمية لسلع مخزنة من سنوات.

هل نخجل أم نستمر بالصمود مع إخوتنا من الطبقة المستجيرة؟! على مر العصور والزمان تنتصر الأوطان بالطبقات المستجيرة وليس قانوناً أن ينعم الانتهازيون بمكاسب الوطن والوطنية.

أوقات صعبة نطلب من الله أن يمدنا بالصبر لتناسي العوز والقهر ولينتصر القانون على الأهواء الشخصية وتنتصر المؤسسات على من حاول ويحاول تقويض دورها.

وسينتصر الوطن بمستنجدي الله والصابرين لآلام ما زارت أي بلد من قبل و آمرات معقدة مركبة هدفها تجفيف الصبر وتسعير المشاعر.

العدد 1102 - 03/4/2024