التعليم في وثائق المؤتمر الـ 13 للحزب الشيوعي السوري الموحد

تضمّنت وثائق المؤتمر الثالث عشر للحزب الشيوعي السوري الموحد فقرة عن التربية والتعليم، ننشرها فيما يلي:

التربية والتعليم

التعليم حقٌّ أصيل من حقوق الإنسان، وهو حقٌّ من حقوق المواطنة نصَّ عليه الدستور، وأوجب على الدولة ضمان هذا الحق وتيسير سبُل الحصول عليه، ومن ذلك مجّانيتُه، وإلزاميّته.

فإذا أردنا أن نستفيد من دروس الأزمة الكارثية التي مازال يعاني تبعاتِها شعبُنا وبلادُنا، فإن قضية التربية والتعليم تستحقّ أن تكون قضيةً وطنية استراتيجية من الدرجة الأولى، لأن مستقبل بلادنا وشعبنا يعتمد في كثيرٍ من جوانبه ويرتكز على إعداد الأجيال الجديدة لبناء هذا المستقبل الذي نريده عَلمانياً ديمقراطياً.

وواقع الحال، دون أن ندخل في التفاصيل، يستلزم أولاً إعادة صياغة المناهج التربوية والتعليمية، وفق مبدأ فصل الدين عن الدولة وعن التعليم، ويستلزم، في الوقت نفسه، تأمين مستلزمات التنفيذ الناجح لهذه المناهج (بناء مدارس وجامعات، تأمين قاعات ومخابر، إعداد الكوادر التعليمية والإدارية…)، بحيث لا يزيد عدد الطلاب في الشعبة الواحدة عن خمسة وعشرين طالباً، وتتيح أن يصبح المتعلّمُ، عملياً لا نظرياً فقط، محورَ عملية التعلُّم والتعليم، ويكون المعلِّمُ ميسِّراً لا ملقِّناً. وبذلك تنتهي أو تتقلّص، إلى أدنى المستويات، عملياتُ الحشو والتلقين والحفظ الصمّ، وتحلّ محلّها طرائقُ وأساليب تتيح أن يتعلّم الطالبُ: التفكيرَ النقديّ، والبحث باستخدام التقنيات الحديثة، وإبداء الرأي، والحوار، والعمل ضمن فريق …إلخ.

ويتطلّب ذلك:

-عقد مؤتمر وطني لتطوير المناهج يشارك فيه وفي الإعداد له وتحضير وثائقه، إضافة إلى المختصين التربويين والأكاديميين، ممثلون عن القوى السياسية الوطنية والنقابات المهنية والعمالية ومنظمات المجتمع المدني.

-زيادة حصة التربية والتعليم في الموازنة العامة السنوية، لتصل، على الأقل، إلى ما بين ضعفَين وثلاثة أضعاف نسبتها الحالية، وكذلك من موازنات المحافظات، ووضعها في سلّم الأولويات للتنفيذ.

-إنصاف المعلّمين والمعلّمات والإداريين في المدارس والجامعات، بمنحهم رواتب وتعويضات مجزية، تحفظ كرامتهم وتحقّق استقرارهم المادي والمعيشي، وإعادة تأهيلهم وتدريبهم، بما يتيح لهم مجاراة التطورات التقنية والعلمية والأساليب التربوية الحديثة. واعتماد أسس ومعايير جديدة تضمن أن تكون الدفعات الجديدة، من المعلمين والمعلمات والكوادر الإدارية، من المتميّزين علمياً وتربوياً.

وفي هذا الإطار لا بدّ من استعادة الدور الفاعل لنقابة المعلمين، التي تكاد لا يُسمَع لها صوت، دفاعاً عن أعضائها، وذلك برفع الوصاية السياسية عنها، وإعادة هيكلتها واختيار قياداتها بالانتخاب لا بالتعيين.

-الارتقاء بالبحث العلمي وربطه بخطط التنمية الاقتصادية الاجتماعية.

-اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة، لا الانتماء الحزبي، الذي ما يزال خلافاً للدستور سائداً، في اختيار الكوادر الإدارية، وفي اختيار الموجهين التربويين والاختصاصيين. ووقف عمليات التنسيب الإجباري للطلاب، جماعياً وإفرادياً، إلى اتحاد الشبيبة، وإلى حزب البعث العربي الاشتراكي.

-وضع الأسس والمقومات، طبقاً للدستور، لضمان تنفيذ ديمقراطية التعليم، ومجّانيته، ومنع إفساده، ووقف مظاهر الفساد فيه، ومعالجة أسبابه، حتى تنتفي الحاجة إلى الدروس الخاصة والدورات المكثّفة والمعاهد والمراكز التعليمية الخاصة والعامة.

-تكثيف الجهود، في التعليم والتنشئة الصحية، لتعويض ما فات أطفال ملايين السوريين الذين أُجبروا على ترك بيوتهم وقراهم ومدنهم ومصادر رزقهم، وهُجِّروا داخلياً أو خارجياً. ويجدر التأكيد أيضاً أن الاستثمار في قضية التعليم، إذا ما أُعطيت حقّها من الاهتمام، هو الاستثمار الأفضل والأكثر جدوى. فالدراسات التتبّعية لمدخلات عملية التنمية ومخرجاتها تُظهر أن الخبرة البشرية تأتي في المرتبة الأولى من هذه المدخلات والمخرجات، لأن عائد الاستثمار التربوي يفوق كلَّ عائد، ولأن العلم وتطبيقاته ركيزة كلّ استثمار، ومنطلق كلّ إنجاز.

العدد 1102 - 03/4/2024