فكّر ثم أجب!

فؤاد اللحام:

(فكّر ثم أجب) عبارة كانت توجد قديماً في نهاية النصوص في الكتب الدراسية للصفوف الإبتدائية الأولى، لتساعد على فهم ما ورد في النص وما يمكن الاستنتاج منه.

ما دفعني لتذكّر هذه العبارة التي عشت معها أيام طفولتي هي التصريحات الرسمية العلنية التي أدلى ويدلي بها عدد غير قليل من المسؤولين من مختلف المستويات، والتي أثارت وما تزال تثير النقد والاستهجان والاستهزاء، فيقوم المسؤول أو الجهة التي يديرها بعد إطلاق التصريح أو الإجابة بنفي أو تصحيح أو شرح المقصود منه بشكل يختلف 180 درجة عن مضمون التصريح الأساسي، وأحياناً يزيد الأمور بلة وسوءاً. وربما كان هذا الوضع سبباً في توجيه مستويات من المسؤولين في فترة سابقة بعدم التصريح حول هذه القضية أو تلك. لكن هذا الأمر سرعان ما تتغلب عليه الممارسات المعتادة وهي إطلاق التصريحات دون التفكير مليّاً بأبعادها ونتائجها وتأثيراتها، أو إطلاق كلام عام وعبارات جاهزة يتم ترديدها وتكرارها في كل مناسبة، حتى أننا اعتدنا أن نتوقع ما سيصرح به هذا المسؤول أو ذاك قبل أن يبدأ بتصريحه.

المسألة لم تعد تنحصر فقط في التصريحات، بل تنسحب أيضاً على العديد من القرارات.
إذ يتم إصدار القرار وبعد المفاجآت بالردود عليه وكشف مخاطره وآثاره السلبية ، يتم التصريح بأن هذه الجهة أو تلك تدرس إصدار تعليمات جديدة بخصوصه أو يتم إيقاف العمل به بعد فترة من بروز الآثار السلبية، والأمثلة على هذه الحالات عديدة ومعروفة من وقف الأقراص إلى نقل الأموال بين المحافظات وتصدير المواد الطبية والغذائية، إلى التسهيلات وأسعار القطع وأخيراً وليس آخراً فرض تصريف 100 دولار عن كل سوري يدخل وطنه!

(فكِّر ثم قرّر) رجاء حار نوجهه للسادة المسؤولين، خاصة في هذه المرحلة العصيبة التي نعيشها والحافلة بالكثير من حالات التخبط والارتجال التي لم نعد نحتملها. و(التفكير) المطلوب من السادة المسؤولين هنا ليس التفكير الشخصي أو الفردي فقط بل التفكير الجماعي مع المعنيين والمختصين بما يضمن فعالية القرار المتخذ وتحقيق الأهداف المرجوة منه وعلى رأسها المصلحة الوطنية.



العدد 1102 - 03/4/2024