كوابيس!
محمود هلال:
يعيش الناس في هذه الأيام كوابيس متلاحقة في هذه الظروف الصعبة، فكابوس الغلاء والارتفاع الجنوني للأسعار يؤرق الناس صباح مساء، وكذلك كابوس الوباء وجائحة كورونا، وزاد عليها هذه الأيام غلاء الدواء وفقدانه من الصيدليات، الأمر الذي شكل هاجساً مقلقاً لأصحاب الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والربو وغيرها وفقدان هذه الأدوية يشكل خطراً حقيقياً على حياة أصحابها.
أما الكابوس المرعب في هذه الفترة الذي نريد التحدث عنه فهو كابوس الامتحانات لطلاب الشهادات. لقد جرى هذا العام بشكل استثنائي، بسبب جائحة كورونا، نقل طلاب الصفوف الانتقالية، بقرار وزاري، إلى الصفوف الأعلى، وانزاح كابوس الخوف عن صدور هؤلاء الطلاب. والسؤال: ما هو حال طلاب الشهادات مع اقتراب موعد الامتحانات بعدما جرى تأجيلها؟
يعيش الطلاب الذين يخوضون (معارك) امتحانات الشهادتين الثانوية والتعليم الأساسي في كل عام حالات توتر وترقب وأرق وكوابيس مخيفة، وكذلك أهاليهم الذين لا تقل حالة الاستنفار والتأهب عندهم عن أبنائهم، وقد تكون في بعض الأحيان أكثر، فكثير من الأهالي يصرحون عن حالات القلق والتوتر التي تنتابهم أثناء فترة الامتحانات، وعند بعضهم قد تبدأ منذ بداية العام الدراسي.. وكثيرون من الأهالي يفرضون جواً خاصاً في المنزل بغية توفير الأجواء الدراسية المناسبة، وذلك طبعاً من واقع الخوف والحرص الشديدين على الأبناء ومستقبلهم الدراسي.
غالباً ما يقع الطلاب الذين يتقدمون إلى امتحانات الشهادات تحت ضغوط كثيرة من الأهل بالدرجة الأولى، كالتهديد والوعيد والتوبيخ في حال عدم الحصول على درجات عالية، وكذلك من المدرسة والمدرسين والمراقبين أثناء الامتحانات، بالتخويف من حرمانهم من التقدم إلى الامتحانات، في حال نسيان بطاقة الامتحان أو البطاقة الشخصية، أو سحب الأوراق منهم بسبب التفاتة أو استفسار عن سؤال، وكل ذلك يخلق أجواء مشحونة وضغوطاً نفسية على الطالب، وكثيراً ما تحدث بسبب ذلك الخوف حالات إغماء في القاعات الامتحانية أو انهيارات عصبية أو الانسحاب من الامتحان أو محاولات انتحار، وغير ذلك من الحالات الطارئة والمفاجئة التي قد تحدث مع الطالب/ة أثناء فترة الامتحان. وزد على ذلك في هذا العام اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية بسبب كورونا، التي تزيد الضغوط النفسية والخوف من المرض والعدوى أكثر فأكثر.
والسؤال: لماذا كل هذا الرعب وهذا الخوف؟ وهل الخوف سبب محفز للنجاح كما يظن البعض؟ أيام قليلة وتنتهي الامتحانات وينزاح هذا الكابوس الثقيل عن صدور الطلاب وأهاليهم، لكن هل تنتهي الأمور عند هذا الحد وتعود الحياة إلى طبيعتها بعد مرور سحابة الصيف الكأداء؟ أعتقد أن الأمر ليس كذلك، لأنه بعد فترة الامتحانات تظهر كوابيس جديدة تتعلق بسلالم التصحيح بصدور النتائج، ثم معدلات القبول الجامعي وتحديد المصير وغير ذلك.
أخيراً.. إلى متى نبقي نظام الامتحانات كوابيسياً مليئاً بالترهيب والخوف؟ ومتى نستبدل به نظام امتحانات عصرياً يعزز الثقة عند الطلاب ويعتمد على الحوار والفهم والمناقشة بعيداً عن الحفظ البصم والتلقين وحشو المعلومات في رأس الطالب، وهي تتبخر، غالباً، فور خروجه من قاعة الامتحان؟!