نداء وطن ومناجاة مواطن

الدكتور سنان علي ديب:

مع تزايد حجم الضغوط التي تمارسها دول الاستكبار العالمي الفاقدة للإنسانية، والكاذبة باسم الديمقراطية، والمدعية محاربة الإرهاب وهي الراعية له بكل أنواعه، من المسلح إلى الثقافي والديني والسياسي والإعلامي، والأهم الاقتصادي الذي برعت به عبر وسائل متعددة، منها المحلية ومنها الإقليمية ومنها الدولية، فما ادعته عولمة قولبت أدوات تنفيذية تابعة لها ومدمرة لدواخل الدول التي توجد فيها وأدوات محيطة بالدول المستهدفة تمارس شتى الأدوات الإرهابية من تهريب بالاتجاهين حسب الحاجة وحتى تهريب السلاح ومراقبة الحدود وحتى بأساليب غير شرعية وبعيدة عن رغبة الحكومات، وصولاً إلى اللعب بسعر العملات وأسعار الصرف للوصول إلى تدمير الاقتصاد بمراحل لاحقة لتدمير الطاقات الإنتاجية، وصولاً إلى سرقة العملات الأجنبية الداعمة وبشتى الطرق، من اللعب بسعر الصرف إلى سرقة علنية ومنع التحويلات الرسمية وصولاً إلى إرهاب إعلامي تضليلي يضرب الثقة بين المواطن وشخوص ليصل التضليل بالبلد، وهذا ما وجدناه فيما سبق ما سمي قانون سيزر غير الشرعي وغير القانوني، فاقد الإنسانية وفاقد الديمقراطية ومتجاوز السيادات ومرهب الدول الأخرى، لقتلنا اقتصادياً، هذا القانون الذي وضعوه وهو حطب ليبثوا به الحياة عبر إرهاب وتهريب اقتصادي وتهديدات غابوية بعيدة عن الحضارة، وعبر أدوات قذرة حرضت وتحرض وتبارك تجويع أهل بلدها الذين تدعي تمثيلهم، وهم من ساهم وشارك وأسهم في قتلهم وتجويعهم في ظل موقف الكل يعرفه لعقوبات لن تطول إلا الفقراء، ولا تهدف إلا لنهب وسرقة وسلب متزايد لثرواتنا، ويبقى التأثير الكبير بحكم الدول الحليفة التي هو للضغط عليها والقوى الوطنية وتشاركية الجميع العام والخاص والمشترك لتجاوز ضباب أسود كثيف طالما أشعلت حرائق وأحرقت جثث لتكوينه ليتحول صبر شعب ومؤسسات تحدت الموت لتبقى على قيد الحياة وتحمي وطننا، عجزت من قبل كل القوى الاحتلالية عن سلبه الحياة، وكلنا يتذكر يوسف العظمة الذي فضّل الاستشهاد على أن يقال دخل الفرنسيون من دون مقاومة. رغم خداع البعض وخيانتهم وكلنا يذكر كيف أفشلنا حلف بغداد ومبدأ إيزنهاور وسرنا في طريق النمو والتنمية، لنصل إلى درجة متميزة بها قبل أن يمهدوا لإرهابهم بسياسات هشمت الداخل المتين ويتحول شعب تربى بعز الرفاهية وسط طبقة وسطى مسيطرة، إلى طبقة محتاجة مسيطرة وسط ابتعاد أغلب من اغتنى من الوطن لمد العون ولمحاولة الوقوف على التلة في وقت ينادينا الوطن وفي وقت أوصلت اللعب الإرهابية ومن يتماهى معه من منافقين يلعبون بالأسعار ويحتكرون المواد ويمنعونها عن الإمداد حتى الدواء لن يسلم من اللعب في دولة كانت الخدمات الاجتماعية وخاصة الصحة والتعليم مجانية وبجودة متميزة.

ويصل أنين المواطنين إلى ربّ السماء. مواطنون طالما وقفوا وضحوا بالدم وبالجسد وبالمال وبالفكر ولم ينكروا أسلوباً لحماية بلدهم إلا قدموه.

في هذه الظروف ينادينا الوطن ويقول لا تزعلوا مني ولكن إن تخليتم عني فلن أعيش طويلاً، ولا ثقة إلا بكم عنوان الكرامة والانتماء والشرف والعطاء، ظلمتكم سابقاً ولكنكم أصلاء لم ولن تهربوا من عطاء ورجولة وإيثار ولن نترك بعضنا بعد تجاوز الإعصار وفي ثبات شرفاء وفقراء الوطن وبعد مناجاتهم من سوداوية ما أوصلهم إليه إرهابهم بتحالف قتلهم وخيانتهم وفسادهم من تفقير وتجويع ويأس وقنوط ومحاولة قتل الأمل لن نتخلى عنك ورغم جراح تحالفوا على تدميتها، ولكن روحنا وحياتنا وتنفسنا وهواءنا من خيراتك، ولن نخذلك.

للأسف من اغتنى ويلعب بالاسعار ويرهب سعر الدولار وكون ثروات جعل نفسه شريكاً لمؤامرة داعشية متداخلة الأدوات ما بين الخارج والداخل والإقليم، ونسي أنه إن قتل الوطن فلن يسلم هو وأمثاله.

ليس وقت عتاب لأصواتنا عندما وجدناهم يقتلون القطاع العام ويحتكرون المواد ويقوضون المؤسسات، وعندما نصحنا من مؤامرة على الليرة وعلى فرض الدولرة لمن ظنوا أنفسهم أسياداً وحاولوا جعل المؤسسات والمنظمات والأحزاب هياكل بلا فاعلية، وأتى الرد من أشرف المؤسسات بتحريض الأرض وحماية العرض والشرف وتوحيد البلد وهي من ما زال يمنحنا الأمل وعليها نتكل.

من قوض التشاركية والتنافسية وضاعف الفساد وطالما حاول ليّ ذراع الحكومة، وقبل أن يكون يداً لبرامج لا تناسب الخصوصية لن يهمه سيادة ولا ريادة وإنما زيادة أمواله السوداء.

ومن المؤكد عندما ينادي الولد سيتناسى الشرفاء آلامهم وجراحهم ويلبون النداء مع كل الشرفاء.

فعار أن يبكي الوطن ولو جاع وبكى الولد، فلن نقبل ببكاء الوطن وخائن من يسعى لبكائه.

وأخيراً، المضيّع ذهب يمكن سنة أو سنتين وينساه، ويمكن بسوق الذهب يلقاه، لكن الفاقد وطن وين الوطن يلقاه؟!

لن تموت سورية ولن تضيع ما دام هناك دماء في الوريد.

الرحمة لشهداء سورية والقداسة لدمها الطاهر المقدس.

والتحية لشعبها الصابر المقاوم.

العدد 1102 - 03/4/2024