خبز وزيتون
وعد حسون نصر:
كلمات تتردّد على أفواه العاشقين وشغفهم للعيش معاً تحت سقف واحد يجمعهم، يكون قوتهم الخبز والزيتون فقط، لكن يا ترى هل ستكون الحياة إلى جانب هذين العاشقين وأحلامهما البسيطة؟ الوضع في البلد يتفاقم مع ارتفاع الأسعار وخاصةً المواد الأساسية قبل الكمالية، هل تقف الحياة بجانبهما؟ لا أظن، لأن كل الأحداث الجارية تحول دون تحقيق الفرح للأسف، خاصةً الحب والرغبة بأن يُكلّل بالزواج وإنشاء أسرة وإنجاب أطفال، فقد باتت أحلام شبابنا الحصول على عمل ولو مؤقّت لجمع مصروف يومي لشراء الاحتياجات الأساسية أو حتى قميص جديد، فكيف لهم أن يحلموا بخطوبة وزواج أو حتى ارتباط وعلاقة عاطفية أو حب، بالرغم أن الكثير من الفتيات تقول إنها لا تريد شيئاً من الحبيب أو العريس المنتظر لأن حلمها فقط سقف يجمع حبهما ويُكلّل حياتها بالسعادة وإنجاب طفلهم المدلل ثمرة هذا الحب، لكن للأسف الواقع أكبر بكثير من أحلام شبابنا، والغلاء والتضخّم الاقتصادي أبعدنا حتى عن الضحكة، وإن كانت الفتاة تريد التخلّي عن بعض الكماليات إلاّ أن الأهل يعتبرن أن المهر والذهب والأثاث من حق ابنتهم وهو حق شرعي، ويبقى السؤال هنا للفتاة بشكل مباشر، هل تعتبرين الذهب وخاصةً أمام هذا الارتفاع الباهظ هو حق ولا يمكن أن التخلّي عنه لتعيشي مع من تحبين؟ ربما كثير من الفتيات يُجبن إنه حق وهو مهر محدد كمهر مقدم وليس مؤجّل وضمان للمستقبل، وبالتالي هي لا تريد أن تُرخّص بقيمتها ولا أن تكون أقلّ من قريناتها لترضى بلا ذهب وبلا مهر، وإذا كان الشرع قد نص على أنه من حقّها، فلماذا تتخلى هي عنه؟ بالتالي هذه الإجابة قد تكون من نسبة قليلة من الفتيات، لكن بالمقابل هناك كثيرات يقلن إنه لا علاقة للذهب بالسعادة والرخص أو التقليل من قيمة الفتاة، وبالتالي يمكن أن يُسجّل هذا الذهب على أنه مؤجّل إن كان البعض يعتبره حقاً وضماناً للفتاة، وهنا لا يمكن أن نقول إن الفتاة كانت رخيصة لا تهتم لحقوقها، وهمها الوحيد فقط العريس والزواج.
أما من وجهة نظري الشخصية، فالزواج أسمى من عقود وذهب وملابس فخمة وعرس بأفخم مطعم، أو فستان من أفخم مول، الزواج وثيقة حب وشراكة بين طرفين قوامها الحب والاحترام والأسرة الواعية ومستقبل واعد لأبناء كانوا ثمرة هذه الوثيقة الناجحة، ومن تجربتي الشخصية، أنا لم أشتر ذهباً ولا فستاناً ولا حتى ملابس كما تفعل كثير من الفتيات، لأني اعتبرت الزواج رابطاً مُقدّساً بيني وبين زوجي، وعقداً لحياة جديدة نبنيها معاً، ولم أكن يوماً أشعر أنني رخيصة لأنني تخليت عن حقوقي، على العكس تماماً لأنني كلي ثقة أنني صح، بنيت أسرة جميلة يخاف أفرادها على بعضهم البعض، نتقاسم اللقمة، يجمعنا الفرح والحزن، نتدبّر أمورنا ضمن مقدرتنا، وحقوقي نلتها ليس بالذهب إنما بالاحترام المتبادل والثقة، وبالتالي أنا سيدة نفسي ومستقلة، وهذا برأيي أسمى من الذهب، فعندما تعامل المرأة على أنها مواطن لا فرق بينها وبين زوجها، وهي ليست للبيع والشراء، ولا هي كائن مُستضعف حقوقه مصونة بخاتم من ذهب ومقدّم ومؤجل، إنما حقوقها تُصان على أنها إنسان يتمتّع بالشخصية، ولا تقلُّ عن الرجل بشيء، عليها واجبات ولها حقوق، والضمان الأكبر للمرأة هو القانون الذي يساويها بالرجل.. عندما تستطيع إعطاء جنسيتها لأبنائها، وعندما تتمتّع بحريّة التنقّل دون وصيّ، عند ما تزوّج نفسها دون وليّ عليها، هنا تضمن حقوقها وتكون سيدة نفسها، مصونة الحقوق كمواطن كامل في مجتمع يريد أن ينتقص من كرامة الأنثى بمهر ومصاغ وكأنها للبيع والشراء، لا لتُكلّل بتاج الحب والسعادة تحت خيمة الأسرة القائمة على الثقة والحب، لذلك لا يمكن ربط كرامة المرأة بالمادة (المهر) إنما بالمكانة والمعنويات وبقدر اعتبارها جزءاً لا يتجزأ من المجتمع، ولا فرق بينها وبين الرجل إلاّ بالصفات النفسية والجسدية لأنها مواطن كامل وليست ضلعاً قاصراً تحتاج إلى وصاية.