بارقة أمل قيد الدراسة… الاستنفاد
غزل حسين المصطفى:
فكّرت كثيراً كيف سأبدأ مقالي هذا، أمن امتعاض صديقتي في
الصباح تعقيباً على جدول الدوام الجامعي المُكثّف الذي ينتهي عند الخامسة، دون أيّ
فاصل بين المحاضرة والتي تليها، أم من شكوى أخي حول الضغط الذي ينتظره وهو في
الأيام العادية كان يخرج من الحرم الجامعي عند الخامسة مساءً تبعاً لجدول المخابر
ومحاضرات العملي، فكيف سيكون الحال اليوم!؟
_دوامٌ جامعي يبدأ
منذ التاسعة والنصف صباحاً وينتهي بانتهاء المحاضرات لكلّ كلية، وبضمن ذلك يوم
السبت.
_ضغط المنهاج وجعل
المحاضرة الجامعية نصف المدة (ساعة واحدة).
_الطلب من الأساتذة
أن تكون الأسئلة موضوعية ومن ضمن المُقرّر
المُدرّس.
وبنود أخرى جاءت في التعليمات أو
الآلية التنفيذية لاستئناف دوام طلاب الجامعات، بعد توقفه بسبب إجراءات الوقاية من
كورونا.
وهنا يُطاردني السؤال:
لماذا لم نغتنم النهار منذ ساعاته
الأولى كما كُنّا سابقاً، فنبدأ عند الساعة الثامنة وننتهي عند الرابعة، إذ نُقلت
الساعة الصباحية لتصير مسائية ونحن مُقبلون على حرِّ الصيف ومشاكل النقل والمواصلات؟!
هل سيكون يوم الجمعة (يوم العطلة
الوحيد) كافياً لإعادة دروس الأسبوع؟
محاضرة لمدة ساعة قد يضيع نصفها في
فرد جهاز العارض مع كابلات التوصيل للحاسب المحمول (لابتوب) الخاص بالأستاذ
المحاضر!
من سيضع معيار الموضوعية للأسئلة؟ وهل
يُعقل أن تكون الأسئلة من كتب غير مُقرّرة
حتّى حدّدتها الوزارة من ضمن المُقرّر؟
هل تشكُّ الوزارة في أن الأسئلة
سابقاً كانت من خارج المُقرّر حتّى شدّدت في تعليماتها؟
كل تلك الأسئلة قد يراها البعض جدلية
لا نفع منها، لكن السؤال الأهم: أين حقّ الطلاب المستنفدين؟
تقول الوزارة إن دراسة أوضاعهم كانت شغلهم
الشاغل، لكن كورونا عرقل المسار، وهي اليوم بصدد إعداد لجنة والتّحري أكثر وإرسال
كتب وتلقي ردود.
هل الوقت في صالح الطالب حتّى إننا
نعيش الروتين القاتل بين كُتب ولجان وخطوط بيانية؟
هل الوزارة متأكّدة من أنها تعمل
لصالح الطالب وهي تُصدر اليوم جداول الدوام، وأولئك المستنفدون يحثون رؤوسهم
بالندم، فجامعتهم لم تكن الأم الحنون وتخلّت عنهم؟!
قد يعترض أحدهم ليقول لي: الطالب الذي
يهتم لمصلحته الدراسية لن يصل بنفسه إلى الاستنفاد.
أجيب دفاعاً عن كل هؤلاء: الحرب
العسكرية انتهت إلى حدٍّ ما، لكن دخانها ونارها لم يندثر أثرهما بعد، والظروف
الحالية تتضاعف وتشتد لتخنق الكثيرين.
قد تكون الظروف الراهنة غير مبرّرة،
لكن ليس كل الطلبة كما حالي أنا، لست مسؤولة عن أي شيء يخص أسرتي مادياً ولا حتّى عن
نفسي، ليس كل الطلبة يعيشون حياتهم الجامعية بجوار ذويهم، وليس كل طالبٍ جامعي يدرس
الفرع الذي يساير شغفه.
وأعود وأقول كل هذا ليس مبرراً.
لكن من غير المُبرّر أن تخرج الوزارة
وتحمل بيدها فتيل أمل جديد، وتقول قد نُشعله.
كيف يمكن لطالبٍ جامعي أن يغفر ما
يحصل، فكل الأشياء المُحيطة تُدمره نفسياً.
وإشارة أخيرة: هؤلاء الذين استنفدوا
مؤخّراً كانوا فأر تجارب، فقد أُلغي من غير سابق إنذار صريح الترفع الإداري أو
الدورة التكميلية، ولنفرض أن هذا لم يكن من حقّهم، هؤلاء الطلبة كانوا حقل تجربة
لفكرة النظام الفصلي والفصلي المُعدل.
ها هو ذا زميلي العام المنصرم بقي
فصلاً دراسياً كاملاً لم يقرب الامتحان، فمواده العشر المحمولة كانت من مواد الفصل
الثاني.
أيُعقل أن يكون هو المُذنب حين يقف
ترفعه ونجاته من الاستنفاد على مادةٍ واحدة ولم يتقدّم للامتحان الجامعي إلاّ مرةً
واحدة؟
لماذا لم يصدر القرار منذ بداية العام،
وكانت لهم الفرصة بعامٍ دراسي نظامي؟!
تبادل التُّهم وصياغة المُبررات ليس
هو محور حديثنا.
المطلب الأساسي اليوم هو النظر فعلياً
وبالسرعة القصوى بحال المستنفدين، والخروج بقرار يسوّي حالهم وإن كان ذلك بتحويلهم
إلى طلاب (تعليم موازي).
أعيد وأكرر الوقت ليس من صالحنا، ومن
غير المقبول أن يصدر القرار قُبيل الامتحانات بأيامٍ معدودة.
رُفعت الأقلام، وجفّت الصُّحف، فالأمر
لوزارة التعليم والبحث العلمي.