تسرّع في القرار أم صعوبة التمرير؟
الدكتور سنان علي ديب:
من المؤكد أنه في الأزمات والحروب هناك قرارات استثنائية تتماشى مع المتطلبات الواقعية للبلد ومع الإمكانات المتاحة، إذاً، القراءة الصحيحة والقائمة على مدخلات محددة مؤكد ستعطي نتائج قليلة الانحراف عن المراد، وهكذا تفعل الإدارات العقلانية الحكيمة أو الإدارات المخول بها تنفيذ المقررات للخلايا المنوط بها.
وهكذا وجدنا الإجراءات المنضبطة التي أجمعت عليها قيادات البلد لمواجهة الجائحة الخطيرة بكل أبعادها الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية وعجزت عن مواجهتها الدول العظمى المتباهية بنهج اللبرلة والتفوق الحضاري والاستعلاء العالمي، وأدى عجزها لتيارات شعبية وسياسية وستظهر نتائجها لاحقاً ولتفشل بأول امتحان حقيقي يدخل بناها، وخاصة من اعتاد على نقل معاركه ومشاكله للآخرين ممن بعربدتهم وإرهابهم قوضوا الثقافات والنجاحات التنموية للبلدان عبر فرض نهج موحد بعيد عن خصوصية البلدان ومنها بلدنا. وهكذا كانت الإجراءات المتوافق عليها مسبباً لانزعاج الكثير من الأدوات الداعشية التي همها طوال الحرب القذرة الربح على حساب الدماء، وعدم الوصول إلى حل سياسي وطني عادل يفرض القانون على الجميع ويساوي بالحقوق والواجبات ويقوض الفساد، فكان محاولة افتعال أزمات بأهم سلعة وهي كانت خطاً أحمر، وذلك بفرض توزيعها عبر ما سمي (بطاقة ذكية) وهي ما سبق أن نبهنا أنها لن تواجه ذكاء قوى الفساد وما ينجم عن هذا التوزيع من مكاسب عبر بيع الأجهزة التكنولوجية المطلوبة، وعبر تجميع معلومات هي في كل البلدان محض أمنية خاصة، وليكون التراجع عبر المسؤول المختص وبقرار تجاوزه، ولكن يستمر التطبيل والتزمير عن التهريب للطحين والمازوت والهدر وضرورة تحسين النوعية ورفع الأسعار، ويظهر الواقع الحالي كاشفاً لكل الأزمات المفتعلة سابقاً لغايات كثيرة، أزمة البنزين والمازوت وما وجدناه من ذكاء لتهويج الناس عبر اللعب بمعطيات الغاز، وليكون العنوان للبعض لا يهمنا إلا الاستغناء ولو حل البلاء! ولا يمكن أن يكون أي حل إلا كما نفرض، وليكون صدى مواجهتهم وجعلهم يتراجعون عن القرار أبعد من الحدود، وليستمر الضغط لفرض الأجندات وحتى لو فاضت الدماء عبر التحريض لمخرجات العولمة من أجهزة تواصل، ولتفشيل إنجازات الحكومة والخوف من تمرير الوباء، ومتناسين أن صوم شهر أسلم من ندم دهر. ولن نتناسى اللعب الرهيب بالأسعار والاستمرار بالاحتكار ولوي ذراع الحكومة واللعب بالدولار عبر صفحات خارجية في ظل حدود مغلقة وطلب شبه معدوم، وكذلك ظهرت صفقات مخدرات المتابعة الجيدة كشفتها وتهريب السلع والبضائع التي تضاعفت أسعارها لتحرق المواطن وتحرق الوطن، ويستمر الصراع بين دولة المؤسسات التي هي عنوان الانتصار، وبعض الدواعش بلباسات مختلفة والتي من يراجع بواطن سلوكها لن يجدها إلا بالمقدمة لبرامج تدمير سورية واستمرار مشاريعها بعدما أجهضت المؤسسة العسكرية والشعب الوطني الصامد أخطر المشاريع، متناسين أنهم وجه العملة الأخطر للعقوبات والحصار من دول الإرهاب العالمي التي هيأت البلدان لتكون هشة لأيّ هجوم عبر تهشيم دواخلها بما سماه ليبراليتها المنافقة والتي تخلت عنها عند الضرورة وعبر أدوات معتمدة وهي صائبة بتخطيطها، فأثبت كورونا أن تحصين الداخل ضد الجوع والفقر والفساد والعدالة الاجتماعية أقوى حصن، ولا تكفي الجيوش للحماية المطلقة، وتحصين الداخل ضرورة وحجر أساس لإفشال الإمبريالية وأدواتها وما سبق يضعنا أمام أسئلة مهمة: هل كان هناك تسرّع بالقرار الخطير أم أن حجم قوى الكبح كانت أقوى وأعلى وأدهى؟!
هل سيكون هناك دراسة حقيقية للقرارات المقبلة لحجم خطورتها في ظل الوقائع الصعبة والحروب القادمة؟!
وهل التصدي لكورونا المتفشي أصعب من وباء كورونا؟!