مصائب قوم عند قوم فوائد!

ديانا رسوق:

فيروس جعل من عاصمة الحديد تضع الكمامة على التنين، قرع أجراس الدول كافة لاستعدادها للصراع معه الفيروس الذي طرق باب البلد الأجمل وحصد للتو الآلاف منها، وبدت إيطاليا وكأنها تودع آخر رمق لها واستسلمت لخصمها كورونا من خلال إقدام سكانها على رمي نقودهم على أرصفة الطرقات، إلى تجمعهم في الساحات وتوديع العالم زاهدين فيما سيأتي بعد خسارتهم أمام هذا المرض الذي تغلب عليهم بعد عدم مبالاتهم في الالتزام بشروط التجنب والحذر، ولكن تجربة الصين في التصدي للفيروس الجديد كانت مختلفة، ذلك أن أول انتشار له ظهر في الصين ولكن تعاملهم  بجدية وذكاء معه أدى للتغلب عليه، ولكنه  كان قد أخذ بالانتشار إلى معظم الدول العربية والغربية ومنها سورية التي سجلت إلى الآن تسع عشرة حالة شفي منها حالتان وتوفيت حالتان ، وأخذت تتبع إجراءات الحذر والحيطة من فيروس كورونا بإغلاقها للمطار والحدود وقرارات إيقاف الدوام في المدارس والجامعات، إلى تخفيض عدد العاملين وساعات العمل في الدوائر الحكومية، ومنع التجوال بين الريف والمدينة ومنع التنقل بين المحافظات إلى فرض حالة حظر تجوال من الساعة السادسة مساء إلى السادسة صباحاً من اليوم التالي، وزيادة ست ساعات يومي الجمعة والسبت.

إضافة لاجراءات عزل مناطق التي ظهرت بها حالات  (منين – ومنطقة السيدة زينب) وأيضاً كان من الإجراءات إغلاق المحال التجارية باستثناء المحال الغذائية والصيدليات التي  أخذ الشعب بالتوافد إليها لشراء المعقمات والمطهرات لحماية أنفسهم وحماية أطفالهم وهنا ظهر تجار خوف المواطن وحرصه على سلامته فأخذوا برفع أسعار المعقمات والمنظفات وقفازات اليدين والكمامات الطبية مستغلين الأزمة الحالية، فقد أصبح بلمح البصر سعر علبة الكحول المتوسطة الحجم ١٦٠٠ ليرة بعد أن كانت ٧٠٠ ليرة، والحجم الصغير منها الى ١٢٠٠ ليرة بعدما كان ٣٥٠ ليرة، وضربت اسعار المعقمات بثلاثة اضعاف ما كانت عليه سابقا ، أما لو تحدثنا عن تجار مواد التنظيف، فقد رفع هؤلاء السعر بما يهوى وبما يرتئي وتختلف الاسعار من سوبر ماركت إلى غيرها اختلافاً لا يقل عن ٢٠٠ ليرة سورية.

أصبحت الأسعار كأسهم الشركات تصعد وتهبط مع ظهور أزمة جديدة ومع ازدياد حاجة المواطن إضافة لظهور المحال التجارية التي تبيع مواد التنظيف بـ (الكيلو) فالتاجر وجد خطة جديدة للاحتيال على عقول المواطنين ببيعهم هذه المواد رغم الضعف في تركيزها ونسبة تعقيمها الضئيلة جدا ولكنه يعمل على جانب الترغيب بأنه حسب المال المتوافر لديكم تستطيعون الحصول على المعقمات والمنظفات، وكأن شعار التجار هنا يجب ألا ندع كورونا تسبقنا بسل عافية المواطن، كل هذا ونضيف إليه غلاء اسعار الطعام الذي يحتاجه المواطن من خضار وفواكه، في حين أن تاجر هذه المحال كحال كل مستغل ويريد أن يضاعف ربحه على حساب المواطن، فأصبح الأخير غير قادر على الموازنة بين احتياجاته من مواد تعقيم أو مواد غذائية، فيقف هنا أمام خيارين إما أن يحمي نفسه من كورونا بشراء المعقمات وارتفاع نسبة الجوع لدى عائلته أو أن يحاول التوفير في الطعام والتقليل من التعقيم، ويبقى له الخيار بذلك، فأسعار الخضار لا تختبئ نفسها بأن باهظة الآن ، أما خيار المواطن ذي الدخل اليومي هنا يقف مكتوف الأيدي لأنه وخلال الحظر الذي فرض عليه لن يعمل، ولن يحصل على المال ولن تمطر له السماء بمائدة ولن تبوح له الأرض بالمال والمواد اللازمة، ورغم ذلك المواطن السوري لم يظهر الرفض او الحاجة بل حاول تدبر أمره لأنه مقدر بأن هذه الأزمة  مفروضة على الجميع، ولكن ماذا عن سخرية بعض مواقع التواصل عن طوابير الناس وتجمعها أمام غرف السورية للتجارة وأمام المصارف؟ ألا يعلم ذاك المستهزئ بأن المواطنين بهذا التجمع واضعين أيديهم على قلوبهم خوفاً من انتقال الفيروس ولكنهم بحاجة لأن يعيشوا؟! لا يطلبون أكثر من الحصول على مستلزماتهم أي أنهم لا يذهبون ويتجمعون أمام المصارف استهزاء بالفيروس بل من خوفهم بدلاً من الموت بكورونا الموت من الجوع.

العدد 1104 - 24/4/2024