لتغيير العالم.. غيّر نفسك

وعد حسون نصر:

لتواكب العالم انطلق من ذاتك!

عَرِّض أفكارك للنور, للشمس, ارفع وجهك للسماء, أطلق ذاتك وحرِّرها من قيود وعبودية فرضها عليك مجتمع رجعي, ثُر على أفكارك البالية، اركنها جانباً والبس ثوباً جديداً مزهراً بالحياة. تطوّر ليتطوّر العالم مع تطوّرك, لتنال هذه الحرية بروحك وتمنحها لذاتك، لابدّ أن تعمل من أجل أهدافك في الحياة، وتدرك أن قصة نجاحك ستصبح ملهمة لآلاف البشر. أيضاً عندما تحقق طموحك ستشعر بامتلاء روحي فريد، فإذا جرّبت مثل هذا الشعور فلن تستطيع النزول بعده من القمة, واعلم أنه بتحقيقك لأهدافك تصبح نموذجاً في محيطك، وسوف تدفع العشرات إلى الاقتداء بك، وتدرك عندئذٍ أنك شخص مفيد للمجتمع. ثق بنفسك لتتجاوز الكره, طبعاً من السهل جداً أن تُقزّم نفسك حتى تصبح جديراً بالشفقة، وستجد بعض الناس يتألمون لتعاستك ويحاولون مساعدتك، لكن عندما تتسلّح بالثقة والعزيمة ستتجاوز كل الصعوبات. توقف عن الشكوى والتذمّر لأن الشكوى مرادفة للطاقة السلبية، وهي سجن روحي للتفكير الإيجابي, وبعدها قدّس وعدك من خلال الوعد الذي يعتبر ميثاق شرف مقدّساً للجميع، ولا تخذل أحداً لأنك تخذل نفسك بالدرجة الأولى, ضع أمام عينيك أن عمرك لا ينتظرك للأبد، فهو مجموعة من اللحظات، وكل لحظة تمرّ لن تعود, لذلك أنجز ولا تترك أعمالك ولا تؤجلها, وبعد أن تنجز لتحقيق ذاتك، هنا لابدّ أن تتجه للمجتمع، فقد منحتَ روحك بالنجاح والعطاء، ولابدّ أن تمنح مجتمعك من عطائك وخاصةً بعد ثورتك على ذاتك وتحريرها من عبوديتك ومن سجن أفكارك المظلمة.

لكن يا ترى، إلى أي مدى سيكون هذا التغيير مُجدياً؟ وخاصةً بعد ربيع عربي بدل أن يُزهر براعم حب وشقائق نعمان معطرة بدماء زكية ممزوجة بطهارة الطفولة، أحرق الأخضر قبل اليابس وأشعل الحقد واغتصب الطهارة, فلم تعد الروح تفوح بالأمل ولا النفس تستنشق الحرية لثورة على الجلاد. أصبحنا غابة قويّنا يجلد الضعيف فينا والضعيف لا يقوى إلاّ على ذاته, تشوّهت المطالب وعدنا بالزمن للخلف بدل أن نتقدم بالخطوات, لم تعد ذاتنا تدعمنا فقد شُغِلنا بتأمين القوت اليومي ولا مجال مع الجوع أن تزدهر العقول, ولا ننسى ولن يغيب عن فكرنا التطرّف الديني الذي كان مبطّناً عند الأغلبية العظمى، وظهر واضحاً بعد أن نسّمت رياح الربيع، فبدل أن يكون هواؤها لطيف النسمة ثارت وكأنها رياح خريف عرّت كل ما بقي من ورق لتكشف لنا الأساس, فلا تغيير مع العصبة السوداء، لأن سوادها سيد الألوان، فكيف للسيد أن يتنحى ليظهر حاشيته, فلم تعد ثورة الذات تُزهر بعد ربيع قاحل، فربيعها جاء جافّاً وصقيعه نخر عظامنا لدرجة أننا أشعلنا النار بأرواحنا وكانت الجمرة بقايا العظام.

لكن علينا أن ندرك ونكون على يقين تام وإيمان مطلق بأن تغييرنا لذاتنا خطوة أولى لتغيير المجتمع، رغم كل اليأس علينا أن لا نستسلم لرياح الخماسين تعثّ قحطها بأرواحنا المزهرة بربيع الحب والعطاء, علينا أن نثق بذاتنا ونُعزّز هذه الثقة مع الآخرين. وأعلم أنه عندما تضع قدمك على سلّم مُتحرّك وتقف على أحد جانبي السلّم لتتيح للآخرين فرصة العبور، هنا تكون قد كوّنت ثقة مع نفسك ومعهم للنهوض بالمجتمع ببصيص أمل، بنوع من التعاون والشعور بحقوق الآخر ولو بالسماح له بالعبور عن السلّم المُتحرّك, ربما هذا التعاون يخلق نهضة من داخلك لتغيير مفاهيم كثيرة، أولها أن يدك وحدها لا تصنع حياة جديدة قوامها العطاء، ولابد ليد أخرى معك, وآخرها النهضة لربيع دافئ تحتاج إلى روح تحرّرت من شتاء حزين وانطلقت فرحاً بثياب صيفية مزركشة، تصافح الجميع وتخلق معهم تنوّعاً تشعُّ  ألوانه على كل بقعة في هذه الأرض, لذلك لتغيير العالم انطلق من ذاتك، ثُر عليها وعلى مفاهيمك الخاطئة مهما كانت العقبات، ربما أفكارك الايجابية بوابة لعالم خالٍ من السلبيات, وإن جاء ربيعنا بغيوم داكنة اجعل سماءك صافية غيومها بيضاء، وانطلق منها مُحلّقاً بفضاء من سلام يحمل معه النور بغدٍ مشرق وربيع دافئ، فلا تُعكّر اللون الأزرق في روحك فهو دليل نقاء، ارسم عليه أحلامك بريشة خضراء وانثرها لمن حولك، هنا ستغيّر العالم بريشة من روحك، وهذا دليل ثورة على عقد بالية قوامها أنت، ومنك للعالم جمعاء.

العدد 1102 - 03/4/2024