الصداقة الحقيقية نقلة نوعية في حياتنا

وعد حسون نصر: 

الصداقة علاقة محبة متبادلة بين أفراد قد يختلفون بأمور كثيرة لكنهم يتفقون على المحبة الممزوجة بالضحكة والدمعة لذكريات أرشفتها الذاكرة بألبوم صور جمع كل المواقف. من هنا نرى دائماً في الصديق الأخ الذي لم تلده الأم، بيت الأسرار، الضحكة المدفونة بمواقف صغيرة وخاصةُ إذا رافقنا هذا الصديق في مختلف مراحل عمرنا، فهو أكثر شخص قادر على تعديل مزاجنا بذكريات مخبأة، لذلك كانت الصداقة علاقة إنسانيّةٌ واجتماعيّةٌ تجمع شخصين أو أكثر، قوامها الصدق، والمحبة، والتعاون، والإخلاص، والتفاهم، والثقة، وعلينا ألاّ نجعلها تفقد ركناً من هذه الأركان الرائعة لكيلا تتحوّل إلى عداوة فتسودها الكراهية والقطيعة والخيانة.

وإذا تأملنا بكلمة الصّداقة سنجدها كلمة مشتقة من الفعل صَدَقَ، ومن أصل الفعل تُشتقُّ كلمة الصديق، لذلك تكتمل الصداقة بمشاركة الأصدقاء همومهم، ومساندتهم في أيسر الأمور وأشدّها، فلا خير في صديقٍ يتخلى عن صديقه وقت الضيق، فإن فعل فهو ليس صديقاً حقيقياً منذ بداية العلاقة، وهناك الكثير من المواقف التي تختبر الصديق الحقيقيّ من الصاحب والرفيق، لذا يجب أن تكون المحبة والحكمة هي أساس الصداقة، فلا يجوز للآخر التخلّي عن صديقه، ولا فضح أسراره للآخرين. ولعلّ أهم صفات الصداقة المثالية أن يصبح الصديق صديقاً لجميع أفراد الأسرة وليس لشخص واحد فقط، فهو يعلم جميع أسرارها ومشاكلها، أفراحها، أتراحها، ومطّلعاً على حياة صديقه الشخصية والعائلية، وبالتالي يصبح مستشار العائلة والمرجع في كل الأمور، فالصداقة هي العلاقة الأصيلة التي لا تزول مع زوال المصالح والعلاقات الاجتماعية الأخرى، والصديق الحقيقي هو الذي يتصف بصفات أهمها تقديم النصيحة دون إلزام، ويجعلك تضحك في أشدّ لحظات ضيقك أو حزنك، يشجعك ويقف إلى جانبك، ينتقدك بطريقة لطيفة ومحببة، يفهمك حتى إن لم تقل شيئاً، وبالتالي كما هناك صديق حقيقي، هناك أيضاً شخص لا يستحق الصداقة ويسقط القناع عن وجهه بأصغر المواقف لتظهر أنيابه ويرمي خلفه سنوات جميلة عبر موقف صغير، وهذا لا يمكن أن نعتبره مثال الصداقة ولا الخلّ الوفي، وبالتالي لا يمكن أن نحزن لفراقه لنا، فقد اختار هو طريقه وسقط في الاختبار.. لذلك فالصديق الحقيقي هو الشخص الذي يبقى معنا لآخر لحظة في السرّاء والضرّاء، أما من ذهب فهو سحابة أخذتها الرياح لتمطر في سماء غيرنا، فهي ليست لنا ولا تحمل الخير لمواسمنا.

العدد 1104 - 24/4/2024