أيتها الحكومة… ساعِدونا لنستمرّ!!

رمضان إبراهيم: 

في الوقت الذي يلهث كثيرون ممن ضاقت بهم الدروب وأغلقت في وجوههم أبواب الحظ والوظيفة، لتأمين حياتهم وقوت أيامهم، بتعبهم وعرقهم وسهر الليالي من خلال العديد من الحرف والمهن والأعمال الأخرى، نجد القسم الآخر ممن ابتسم لهم الحظ وفتحت الأبواب أمامهم ووجدوا الدروب الخفية لكراسي المسؤولية يضعون شتى أنواع المشاكل والمعوقات في طريق من تحدثنا عنهم في القسم الأول من مقالنا هذا.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد نجد البعض ممن تغرّب وقاسى لسعات الغياب ومرارة الغربة في سبيل العودة إلى بلاده ليفتتح فيها مصلحة ما تكفل له الحياة الكريمة بعيداً عن ذل الطلب وبشاعة الحاجة، ومن بين هؤلاء من أقام صالة لتربية الدواجن مثلاً، وسخّر لهذه الغاية كل جنى العمر! ولكن ماذا كانت النتيجة يا ترى!؟

هذا الشخص الذي أتحدث عنه نيابة عن بقية أقرانه ممن امتهنوا هذه المهنة يكاد لا ينتهي من خسارة لينهض قليلاً ثم يعاود الانتكاسة مرة أخرى، إذ دخلت على هذه المهنة الكثير من المشاكل والمعوقات، في ظل غياب تام للدولة متمثلة بالحكومة أو بالوزير المختص أو بالجهات المعنية صاحبة العلاقة، فالأدوية المخصصة لهذه المهنة تتسلل إلى الكثير من الصيدليات البيطرية دون أن يُعرف مصدرها وتاريخ صنعها وتاريخ انتهاء صلاحيتها، دون مراقبة من أحد، مروراً بالصوص الوافد عبر بعض المعابر (الفلتانة) التي يحرسها عدد من الـ(مشلّحين) في بعض الأماكن، والأمراض التي يعاني منها منذ اليوم الأول وصولاً إلى العلف ومصادره المختلفة التي لا يعلم الا الله وأصحابها ما يدخل في تركيبها، ما يجعل الصوص عرضة لكل أمراض الجهاز الهضمي والمناعي والتنفسي وأخيراً آلية التسعير التي تتحكم بها (فلانة أو فلان) وعلى عينك يا حكومة، فيما لسان حال المربي يقول وهو يتحسس حجم الخسارة القادمة: اللهمّ نجّنا من الأعظم يا رب العالمين!

ومن الأمثلة العديدة واقع من امتهنوا الزراعة وحب الأرض، على اعتبار أن اليد المنتجة هي العليا، فقلبت الأراضي وزرعت بمختلف أنواع الحبوب والأشجار المثمرة والخضروات، وبين عمليات الزراعة وانتظار الفلاح لجني ثمار تعبه، يمرّ هذا المسكين بالكثير من الحفر والمطبات، فتأمين البذار يخضع للسمسرة وعمليات الغش، كما حدث في بعض مواسم القمح والشعير والبطاطا، وصولاً إلى الأدوية والأسمدة التي طارت أسعارها، إلى استلام المحصول والابتزاز الذي يخضع له الفلاح في سبيل تصنيف المنتج وفق درجات النوعية، وبالطبع لن ننسى تدني الأسعار ورداءة المبيدات والادوية التي تصل أسعارها، كما ذكرنا، إلى أرقام لا يمكن احتمالها، والتي باتت تستنزف مدخراته.

والقائمة تطول، فحتى أولئك الذين امتهنوا تجارة البيع بالمفرق في محلات صغيرة وجدوا أنفسهم أمام دوريات التموين والجمارك تطاردهم للتدقيق في محتويات محلاتهم المتواضعة، دون أن يتجرأ هؤلاء على ملاحقة الجهات التي أدخلت هذه السلع أو البضائع إلى اسواقنا.

بالطبع، لو أردنا تعداد الأمثلة لطال بنا المقال، ولأصبحنا عاجزين عن التوقف، ولكننا سنكتفي بهذه الأمثلة القليلة، فهل تسمع الحكومة نداءنا ونحن نستغيث طالبين منهم النظر بعين واقعية وواعية هي عين الحق والحقيقة!؟

أيتها الحكومة: ساعدونا لنستمرّ، فقد شارفنا على الإفلاس!!

 

العدد 1102 - 03/4/2024