ندوة في حلب بعنوان (مؤتمر البحرين وصفقة القرن)

دعت اللجنة المنطقية في منظمة حلب القوى السياسية الوطنية والفصائل الفلسطينية إلى ندوة سياسية بعنوان (مؤتمر البحرين وصفقة القرن) في المركز الثقافي العربي في حلب بتاريخ 27/6. وقد لبى الدعوة العديد من قيادات الفصائل الفلسطينية ولواء القدس وبعض قيادات أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ومجموعة من الرفاق والأصدقاء، وتضمنت الندوة مناقشة المحاور التالية:

1ـ موقف الأحزاب الشيوعية العربية وحزبنا الشيوعي السوري الموحد من صفقة القرن.

2ـ الأهداف الحقيقية لصفقة القرن.

3ـ الأبعاد السياسية لصفقة القرن.

4ـ مواقف الأنظمة العربية وأدوارها.

5ـ مؤتمر البحرين ودوره في الصفقة.

6ـ كيف يمكن مواجهة صفقة القرن وإفشالها.

ابتدأت الندوة كالعادة بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً وإكراماً لأرواح الشهداء من عسكريين ومدنيين، سوريين وفلسطينيين، ثم النشيد العربي السوري، أدار الندوة الرفيق خالد الحريري (سكرتير منطقية حلب) وافتتحها بكلمة قال فيها:

إن اجتماعنا اليوم هو مساهمة من الحزب الشيوعي السوري الموحد لدعم نضال الشعب الفلسطيني البطل ضد المؤامرات التي تحاك ضده. وقال أيضاً: في ظل ظروف الفوضى والحروب والتصعيد العسكري والحصار الاقتصادي التي فرضتها السياسة الأمريكية على المنطقة، وتواطؤ بعض الأنظمة العربية والدول الغربية الأوربية، يسابق ترامب وإدارته الزمن قبل انتهاء ولايته! لفرض واقع جديد في المنطقة لصالح الاحتلال الصهيوني عبر ما سمي بصفقة القرن، وهي في جوهرها مؤامرة على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ومحاولة لتصفية قضيته العادلة.

وقد تحدث الرفيق حسيب شماس (عضو المكتب السياسي للحزب)، عن المحور الأول فقال:

لقد اجتمعت الأحزاب الشيوعية العربية في بيروت في 20ـ21/6 تحت شعار(دور الأحزاب الشيوعية في تجديد حركة التحرر الوطنية والتقدمية) وجاء في بيانها الختامي إن تطورات هامة وخطيرة على المستويين الدولي والإقليمي يمر بها العالم اليوم، إذ تندفع الولايات المتحدة الأمريكية في هجمتها على شعوب العالم بهدف الحفاظ على موقعها كشرطي للعالم، فقد فرضت سطوتها طوال العقود الثلاثة الماضية في إطار الأحادية القطبية، لكنها ما لبثت أن وجدت نفسها في حالة تراجع مع تقدم الدول الصاعدة على المستوى الدولي، كما على مستوى كل إقليم، وتحديداً روسيا والصين ودول أخرى، لتفرض موازين قوى جديدة وترسي معادلة العالم المتعدد الأقطاب في السنوات القليلة الماضية.

وأضاف: إن الاجتماع اتخذ قراراً بتنظيم فعاليات تضامنية مع فلسطين وسورية والسودان، وحدد النصف الأول من شهر آب لإقامة مهرجان خطابي جماهيري في دمشق، يشارك فيه ممثلون عن الأحزاب الشيوعية العربية للتضامن مع الشعب السوري، واليوم نحن نتضامن مع الشعب الفلسطيني في مواجهة صفقة القرن وورشة البحرين ومن حلب الشهباء. ومن على هذا المنبر ندين بشدة ورشة البحرين الاقتصادية التي تعتبر مكوناً أساسياً لصفقة القرن التي تشكل طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني، ونقول أن هذه المؤامرة ستسقط كما سقطت سابقاتها بفضل وحدة الشعب الفلسطيني، فهو على الصعيد السياسي والشعبي مصر على إسقاطها.

وتحدث الرفيق محمد سالم شلحاوي (عضو قيادة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيس مكتب الإعداد والثقافة) عن الصفقة فقال إنها مؤامرة على الأمة العربية كما هي مؤامرة على الشعب الفلسطيني، وأكد أنها لن تنجح لرفض الشعب الفلسطيني لها أولاً، ولوقوف محور المقاومة إلى جانب هذا الشعب ثانياً.

وقد تحدث الرفيق نزار القاضي (عضو قيادة فرع سورية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مسؤول منطقة حلب) فقال في محوري الأهداف والأبعاد السياسية للصفقة:

إن الأهداف التي يسعى إليها الكيان الصهيوني تتمثل في

1ـ ترسيخ الاعتراف الفلسطيني والعربي بشرعية وجوده كدولة يهودية، وأن إقرار الكيان الصهيوني بقانون القومية العنصري هو بمثابة تهديد وجودي لأهلنا في الداخل المحتل.

2ـ إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

3ـ منع إقامة أي كيان فلسطيني مستقل ذو سيادة.

4ـ التعامل مع القضية الفلسطينية بأنها موضوع اقتصادي أمني وليس سياسي وطني سيادي.

وفي هذين المحورين أيضاً قال الرفيق محمد هواري (عضو قيادة الجبهة الديمقراطية لإقليم سورية): إن الهدف الرئيس والبعد السياسي لصفقة القرن هو إنهاء القضية الفلسطينية وشطبها من المعادلة الإقليمية، لأن الصفقة لا تقف على الحدود الفلسطينية بل تمتد لتشمل كامل منطقة الشرق الأوسط لما تحتله المنطقة من موقع جغرافي هام يتوسط القارات الثلاث، ويسيطر على ممرات مائية هامة، ولما يملكه من موارد طاقة ضخمة ومعادن ثمينة، هذه العوامل دعت الولايات المتحدة وبعد فشل إسرائيل في فرض وجودها كعضو فاعل في المنطقة سياسياً واقتصادياً، جاءت هذه المبادرة الأمريكية، وقد سبقها عدة مشاريع تآمرية مهدت لها، وهنا يبرز أهمية إضعاف سورية والعراق ولبنان واليمن وليبيا ومصر في المشروع الأمريكي الصهيوني.

أما الأخ عبد القادر أبو رحمة (عضو قيادة إقليم سورية لحركة فتح مسؤول ملف الإعلام والثقافة) فقد قال في هذا السياق:

إن الأهداف الحقيقية لصفقة القرن تتمثل بالتأكيد على الجانب الإنساني الاقتصادي وتجنب البحث في القضايا السياسية الأساسية من حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني والدولة المستقلة وعاصمتها القدس، ومحاولة لفرض واقع جديد يسمونه ازدهار اقتصادي وهو بعيد كل البعد عن حقوق شعبنا المشروعة.

الرفيق د.حسيب شماس طرح رؤية الأحزاب الشيوعية العربية في هذا المجال فقال:

أكد المجتمعون (في بيروت) أن التطور الأخطر الذي يواجه منطقتنا الآن هو مشروع صفقة القرن الذي تقترحه الإدارة الأمريكية من أجل تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء كل حقوق الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير وإقامة دولته الوطنية المستقلة إلى حق العودة للاجئين، وتدفع الولايات المتحدة في هذا الإطار إلى إعادة تعريف (لاجئ) من أجل إلغاء حق العودة وحرمان أولاد الفلسطينيين في الخارج من تصنيف (لاجئ) لتخفيف عدد الفلسطينيين المشمولين بهذا الحق من عدة ملايين إلى بضعة عشرات الآلاف من المسنين، كما تقترح توطين الفلسطينيين في دول الشتات مقابل تعويضات مالية، وضم أراضي من الضفة الغربية لصالح المستوطنين، وعمليات تبادل أراضي من أجل تكريس هيمنة العدو على أرض فلسطين التاريخية، وفي الوقت نفسه يؤدي قرار الولايات المتحدة بوقف تمويل وكالة الغوث (الأونروا) المسؤولة عن دعم اللاجئين الفلسطينيين إلى إعاقة عملها وحرمان الشعب الفلسطيني في المخيمات من حقوقهم الشرعية في الصحة والتعليم، ويشكل هذا مكوناً إضافياً في سياق ضرب حق العودة وتوطين الفلسطينيين خاصة في دول الحوار، ويستمر العدوان الصهيوني على الفلسطينيين فتتوسع المستوطنات، ويشتد الحصار، وتتكرر الاعتداءات على قطاع غزة وسط دعم كامل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والناتو، ويشكل قرار يهودية الدولة خطوة خطيرة باتجاه حرمان المواطنين العرب من حقوقهم وتهديد مستقبلهم ووجودهم عبر موجات جديدة من التهجير القسري خارج أراضيهم، ويشكل القرار حلقة أخرى من سياسات التمييز العنصري والأبارتهيد الذي يمارس ضد الفلسطينيين.

وحول مؤتمر البحرين ودور الأنظمة العربية المشاركة به، قال الرفيق حسيب إن الأحزاب الشيوعية العربية أدانت بشدة عقد هذه (الورشة) في البحرين واعتبرت مشاركة أي دولة أو مؤسسة عربية في مؤتمر المنامة خيانة لقضية شعب فلسطين، ودعت إلى مواجهة شاملة لمشروع صفقة القرن والمشروع الأمريكي في المنطقة على كافة المستويات وبكل السبل.

وقال الرفيق نزار القاضي ممثل الجبهة الشعبية في هذا المجال:

إن ورشة البحرين لها هدفان أساسيان: أولهما الالتفاف على طبيعة القضية الفلسطينية بتحويلها من قضية سياسية كما هي مطروحة على جدول أعمال الأمم المتحدة والتي أصدرت بشأنها عدة قرارات دولية أهمها قرار التقسيم رقم 181، وحق العودة والتعويض على اللاجئين الفلسطينيين رقم 194، وتحويلها إلى قضية اقتصادية. ثانيهما تحويل طبيعة الصراع العربي الصهيوني إلى رؤية جديدة أساسها العامل الاقتصادي. إن الحضور العربي لورشة المنامة الاقتصادية هو تأكيد بالممارسة العملية على انتهاج طريق التآمر على القضية الفلسطينية والعمالة لواشنطن، خاصة في غياب ممثلها الشرعي الوحيد! وهو الشعب الفلسطيني، وهذا يتعارض مع منظومة الأخلاق العربية الصادقة التي درج عليها العرب في مناصرة المظلوم والوقوف معه حتى يسترد حقوقه، لقد تسارعت خطوات التطبيع العلنية مع الكيان الصهيوني مع إيقاع خطوات التمهيد للمخطط الأمريكي الصهيوني، وإحدى حلقاته هي مؤتمر البحرين وبحضور عدد كبير من الدول العربية دون حضور فلسطيني رسمي، في حين كانت إجراءات التطبيع قبل ذلك تتم بشكل سري، إن محاولة تصفية حقوق الفلسطينيين هذه المرة يعتمد بالأساس على دور عربي يمول عملية نزع هذه الحقوق وتغطية ذلك سياسياً عبر مؤتمرات رسمية.

وقال الأخ عبد القادر أبو رحمة ممثل فتح في هذا المجال:

ورشة المنامة رأس حربة صفقة القرن، وتضع الرؤية الأمريكية للقضية الفلسطينية محل رؤية المجتمع الدولي، ووضع الاقتصادي المخاتل مكان السياسي الجوهري، لإيهام العالم أن القضية الفلسطينية هي قضية استثمار وأموال دون ذكر أي شيء عن الاحتلال والاستيطان.

الأخ سمير نجيب (أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح الانتفاضة ومسؤولها في حلب)، قال في هذا السياق:

إن مؤتمر البحرين هو جوهر فكر نتنياهو الصهيوني في رؤيته لحل الصراع العربي الصهيوني وقد عبر عن ذلك منذ سنوات في كتاب ضمنه هذه الرؤية.

وفي المحور الأخير عن كيف يمكن مواجهة صفقة القرن وإفشالها، تساءل الرفيق أنس الدربي (مسؤول قيادة منطقة حلب للجبهة الشعبية (القيادة العامة) تساءل هل هناك جدية فلسطينية في الاستفادة من التحركات والمواقف الرافضة لصفقة القرن وورشة عمل البحرين الخيانية؟ هل هناك جدية لتجاوز الخلافات والذهاب إلى مصالحة وفق المتفق عليه في كل الحوارات التي تمت؟ هل هناك قدرة لدى منظمة التحرير الفلسطينية على تطبيق قرارات المجلسين المركزي والوطني الأخيرين؟ وقد اتفق الرفيق أنس مع الرفيق نزار القاضي ممثل الشعبية في الخطوات التي يجب اتخاذها لإفشال صفقة القرن وقد وصفها الرفيق نزار كما يلي:

اتخاذ القيادة الفلسطينية المتنفذة قراراً واضحاً وعاجلاً بسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، والتخلص من اتفاق أوسلو والتزاماته الأمنية والسياسية والاقتصادية وفي مقدمتها التنسيق الأمني وبروتوكول باريس الاقتصادي، وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني عبر برنامج التحرير والعودة، وإعادة الاعتبار للميثاق الوطني الفلسطيني، والدفع بالجهود لاستعادة الوحدة الوطنية، وبناء نظام سياسي ديمقراطي مبني عل احترام المؤسسات والتخلص من هيمنة الفرد الواحد على المقدرات والقرار، وإطلاق العنان للمقاومة الفلسطينية الشاملة بكل أشكالها وخصوصاً في الضفة الغربية المحتلة، والتصدي لجرائم الاحتلال على الأرض، ولأية مشاريع تصفوية تستهدف تحشيد أصدقاء الشعب الفلسطيني لمقاطعة إسرائيل باعتبارها دولة استعمارية تمارس مختلف أنواع الجرائم.

إن من سيسقط صفقة القرن كما أسقط كل المحاولات السابقة لتصفية القضية الفلسطينية هو صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقوقه غير القابلة للتصرف، وإن أي تسوية لا تزيل نتائج نكبة الـ 48 لن تنجح، وفي هذا السياق يجب إعادة الاعتبار للموقف الفلسطيني الجمعي عبر شعار (وحدة الشعب والأرض والمصير) وضرورة تعزيز صمود أبناء شعبنا في الداخل المحتل الذين يتعرضون لسياسات عنصرية تستهدف طردهم وتهجيرهم، ويجب على الفلسطينيين الأحرار الوقوف بالمرصاد لمن تسول له نفسه التنازل عن حقوقنا واعتباره خائناً، وإعادة الاعتبار لشعار (لا صلح لا اعتراف نعم لاستمرار المقاومة) .

إن مواجه صفقة القرن بحاجة إلى هبة عربية شعبية تقطع الطريق على المشروع الأمريكي والتغلغل الصهيوني في الوطن العربي، وهذا يستوجب أولا تجريم التطبيع وملاحقة رموزه وطرد السفراء الصهاينة من بعض الدول العربية الموقعة اتفاقيات سلام مع الكيان وسحب السفراء العرب من الكيان، ووجوب تحرك دولي تقوده المؤسسات الدولية المنصفة لشعبنا ونزع شرعية الاحتلال وإدانة جرائمه، وتحويل هذه الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية.

أما الرفيق محمد هواري فقد كان أكثر تحديداً في ذكر الإجراءات التي يجب أن تتخذ لمواجهة صفقة القرن إذ قال إنه فلسطينياً آن الأوان للخروج من لغة الرفض الكلامي إلى تجسيده مادياً عبر:

1ـ عقد اجتماع من أجل وضع الخطوات التنفيذية لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة وإجراء انتخابات شاملة (رئاسية وتشريعية ومجلس وطني).

2ـ تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بجلسات الحوار الوطني في الضفة وغزة وصولاً للقاهرة.

3ـ تنفيذ قرارات المؤسسات الشرعية للمجلسين المركزي والوطني.

4ـ إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية كجبهة وطنية ائتلافية قائمة على مبدأ الشراكة وتصحيح العلاقات الداخلية فيها وإعادة المؤسسات التي انتزعت منها لصالح السلطة بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني بعيداً عن التفرد والهيمنة.

5ـ تطوير كل أشكال المقاومة وعلى رأسها الكفاح المسلح.

6ـ بناء تحالفات عربية وإقليمية استناداً لمواقفها من القضية الفلسطينية.

7ـ الدعوة لمؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة والدول الخمس في مجلس الأمن لتنفيذ القرارات ذات الصلة بالحقوق الفلسطينية.

8ـ التصدي لكل أشكال التطبيع التي تبذل من أجل التطبيع العربي مع العدو الصهيوني، وبناء حلف عربي لا لمواجهة العدو الوهمي (إيران)، إنما لمواجهة العدو الحقيقي الصهيوني.

9ـ رفع جرائم الاحتلال إلى محكمة الجنايات الدولية.

10ـ اكتسب العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة.

11ـ استعادة ملفي السكان والأراضي من الإدارة المدنية الصهيونية.

وقد أنهى مدير الندوة الرفيق خالد الندوة بقوله: إن القضية الفلسطينية أكبر من أن تستطيع الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني تصفيتها، لأنها ذات بعد دولي وإقليمي، خاصة مع صمود الشعب الفلسطيني البطل ورفضه الاستسلام والخنوع، ومع تأييد محور المقاومة لحقوقه المشروعة ووقوفه إلى جانبه.

العدد 1104 - 24/4/2024