الثقة.. نبع النجاح والعطاء

إيمان أحمد ونوس: 

تقوم تربية الأبناء وتكوين شخصياتهم المُستقبلية على ركائز أساسية وضرورية، أهمّها الحب والثقة التي يجب أن يغرسها الأهل في نفس الطفل منذ سنواته الأولى، عبر ممارسات وسلوكيات يُحسّها، فتُعزز شعوره بالأمان والثقة بنفسه وأهله ومحيطه، وتستمر معه في مختلف مراحل حياته لاحقاً.

جميعنا يُدرك ولا شكّ قلق الأهل وخوفهم على أبنائهم في العديد من المراحل والمواقف التي تواجه أولئك الأبناء، ولعلّ أهمها مراحل الدراسة منذ بدايتها حتى آخر مراحلها، مهما بلغ من العمر والنضج.. وهذان بالتأكيد قلق وخوف مشروعان لا يمكن إنكارهما، شريطة أن يكونا أو يظلاّ في حدودهما الطبيعية.. غير أن ما نلمسه اليوم من مبالغة غير مُبرّرة لهذين الشعورين في غالب الأحيان لا يمكن أن تنعكس إيجاباً لا على الأبناء ولا على الأهل أنفسهم، إذ أن تلك المُبالغة تُبقي الأهل في حالة من التوتّر والانفعال السلبي الذي يقود إلى ردود أفعال سلبية تجاه الذات والأبناء الذين يحتاجون أساساً لاسيما في فترة الامتحانات قدراً أكبر من الهدوء والتعاطف والتفهّم والحب من الأبوين، ليكونا دعماً وسنداً في حالة القلق الذي يعيشها الطلبة في تلك المرحلة العصيبة من حياتهم، على اعتبار أن نتائج تلك الامتحانات هي التي ستُحدد مصيرهم ومستقبلهم، في ظلّ معدلات جامعية ترتفع عاماً بعد آخر مُقلّصة أحلام أولئك الطلبة إلى حدودها الدنيا، إن لم تتلاشَ في بعض الأحيان والحالات.

ولعلّ إحدى أهم تلك المبالغات في قلق الأهل وخوفهم هي مرافقة الأبناء إلى المدارس طيلة عامهم الدراسي خاصّة في المراحل الدراسية الأولى، يُكللها مبالغة أشدُّ وطأة عليهم ألا وهي مرافقتهم إلى المراكز الامتحانية في الشهادتين الإعدادية والثانوية، في ظاهرة لافتة ومُدهشة وغريبة كانت مُبَرّرة بعض الشيء خلال سنوات الحرب الماضية، لكنها اليوم مرفوضة لأنها لا شكّ تترك في نفس الابن بعضاً من قلق الأبوين الذي ينتقل إليه لاشعورياً، فيُعزّز الخوف الموجود أصلاً بسبب الامتحان، وهذا ما سيتركه ربما في حالة من التخبّط أثناء الإجابة عن الأسئلة داخل القاعات.

ولعلّ المُفارقة الغريبة في هذا المضمار هي أن غالبية أولئك الأبناء من الجنسين كانوا يعيشون حياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية برفقة الأصدقاء أو الأقارب بعيداً عن رفقة الأهل، بينما اليوم وأثناء الامتحان يُظهر الأهل هذا الخوف المُدهش وغير المُبرّر!!

فلنترك لأبنائنا مساحة من الحرية المُدعّمة بالثقة والحب، كي يتخطّوا إحدى أهم وأصعب مراحل حياتهم باتجاه مستقبل أفضل وأرقى، وليخطّوا طريقهم بأنفسهم، لأنهم الأقدر على اختيار ما يرونه مناسباً لميولهم وإمكاناتهم.

العدد 1102 - 03/4/2024