مدينة دوما.. مسحة حزن وفسحة أمل
محمد إنجيلة:
بعد سبع سنوات عجاف، تخلصت مدينة دوما من براثن الإرهاب والتكفير، بعد مخاض عسير، نال فيها المدينة ما نالها من خراب وتدمير وهلاك.
دوما.. عروس الغوطة الشرقية، عدد سكانها قبل سيطرة الإرهابيين 500 ألف نسمة، يسكنها حالياً أكثر من 200 ألف نسمة، والعدد بتزايد مستمر، كل مؤسسات الدولة تعرضت للتخريب والدمار والسرقة، ولم تنج منازل المواطنين من ذلك.
وفور دخول الجيش العربي السوري المدينة محرراً، تشكل مجلس مدينة، مؤقت لمدة ستة أشهر ريثما يتم ترتيب الأوضاع الأولية داخل المدينة.
الوضع الاجتماعي والاقتصادي
اشتهر سكان المدينة بعدد من المهن الزراعية والتجارية، ويعد الفلاح الدوماني من أشهر من عمل بالزراعة، لدقة عمله وإنتاجيته وحرفته المهنية.
ويعد سوق الهال في المدينة الأول على مستوى المحافظة والثاني على مستوى المدينة والريف.. ويعد رافداً أساسياً لكل المحاصيل الزراعية المحوّلة لدمشق، كما تحوي المدينة منطقة صناعية وحرفية هي الأولى على المحافظة، وتعد دوما المركز التجاري والصناعي والحرفي والزراعي رقم واحد في ريف دمشق.
مجلس المدينة الجديد
استلم مهامه في الشهر العاشر من السنة الماضية، وقد مثّل فيه حزبنا الشيوعي بعضوية المكتب التنفيذي.
باشر المجلس الجديد مهامه مباشرة، وسط اندماج وطموح منقطع النظير، ويمكن القول إنه بدأ من الصفر التأسيس وببضعة موظفين لا يتجاوز أعدادهم أصابع اليد.. فكان ترحيل الأنقاض وفتح الشوارع العمل رقم واحد في مهامه، وبدأت عجلة الأعمال المتراكمة تدور ببطء شديد، فكان أمام المجلس جملة مهام كلها رقم واحد وأولية قصوى: تجهيز المدارس، والمعلمين، ورفع الأنقاض وتأمين مادة الخبز والآليات والصحة ورفع القمامة ودخول مؤسسات الدولة الواحدة تلو الأخرى، بعد ترميم البنى والأماكن المخصصة لدوائر الحكومة وخاصة التي تهم المواطن بشكل يومي.
انعكست أعمال المجلس الجديد نتائج على الأرض بدت واضحة للقاصي والداني، ومازال العمل مستمراً لإنجاز الأعمال المتراكمة، فالتركة ثقيلة جداً.
لجان المجلس
شكل المجلس الجديد لجانه المختلفة المتخصصة، وباشرت أعمالها لكن الهم اليومي للمواطن هو الشاغل الأساسي، وبدأ المجلس استكمال كوادره وفنييه وعماله، لكن لم يتم استكمال الدائرة الفنية والقانونية حتى هذه اللحظة، وهذا ما يؤخر إنجاز الأعمال المراد استكمالها.
أما نظافة المدينة فقد أخذت حيزاً هاماً وخاصة مساحة المدينة الواسعة، وهناك نحو ثلاثين ألف تلميذ وطالب عادوا لمدارسهم. ولعل عودة مؤسسات الدولة للمدينة، هي الأهم، وذلك في محاولة لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، ومازالت بعض الدوائر تجهز أماكنها للعودة، ووصلت الكهرباء إلى بعض الأحياء ولم تستكمل حتى اللحظة.
صعوبات ومشاكل
مازالت المدينة تعاني نقصاً في مواد الطاقة وغلاء في المواد الأولية لزوم الزراعة والصناعة، ومازالت بعض الطرقات تحتاج إزالة الركام، ولعل عودة باقي المؤسسات هو الأهم، ومازال وضع المشفى الحكومي المدمر معلقاً، فالمدينة كبيرة وسكانها يتزايدون وبحاجة لتدخل الحكومة في هذا المجال، وخاصة أن المدينة هي عاصمة الريف بامتياز. ولا ننسى هنا الدور السريع الذي قام به عدد من سكان المدينة في ترميم عدد من الأماكن التي تخص دوائر الحكومة، تلبية لاحتياجات المواطنين، وشكلت لجنة خاصة (لجنة العمل التنموي)، ورغم هذا العمل الخيري المفيد، لكن تدخل الدولة والحكومة ضروري لإنجاز المشفى والهاتف والاتصالات ومعملي الأعلاف والعمران، وتخصيص الميزانيات المالية التي ستعود بالنفع على الدولة والمواطن.
هناك صعوبات في النقل والتنقل والحصول على الموافقات اللازمة.
طموح
المواطنون الذين بقوا في المدينة ولم يخرجوا ورفضوا الخضوع لإملاءات الإرهابيين، هم مع الدولة، وهؤلاء يحتاجون إلى ترطيب الأجواء الأمنية وتهذيب النفوس وتحسين المزاج الأمني، وخاصة أنه منذ التحرير لم تحدث أي حادثة أمنية.
هذا استعراض سريع غير نهائي لمجمل الأوضاع في مدينة دوما، عسى قادمات الأيام تحسّن الوضع العام في كل الغوطة وكل ربوع سورية.