هل يصلح شباب اليوم للحياة الأسرية؟!!
سامر منصور:
لعلّنا جميعاً نلمس الفارق بين الشباب العازب والشباب المتزوج قبل سنوات الحرب.. لكننا نُفاجأ اليوم عندما نسمع أن بعض الشبّان والشابّات هم آباء وأمهات، لأننا لا نلمس لديهم النضوج الكافي ولا سوية الوعي والأخلاق اللائقة بالأبوّة والأمومة، وبما أن فاقد الشيء لا يعطيه، فنحن ننظر بعين القلق إلى الجيل الصاعد وذريته. وبما أن الغالبية العظمى من شبابنا السوري اليوم على جبهات القتال المختلفة دفاعاً عن وطنه، لابدّ أن نُميّز بين شكلين من أشكال الميول.. فئة اعتادت الترحال من مكان إلى مكان وغياب الأنثى والأطفال عن معظم أيام حياتهم، وأن البيت والأسرة هي مكان لقضاء استراحة شهرية، ولم يعتد هؤلاء الشباب على الحياة والمسؤوليات الأسرية، بل اعتادوا ترك تصريف شؤون الأسرة للزوجات، ولم تدخل الأسرة بعد إلى حيّز المستقر الدائم في ذهنيتهم. وباعتقادي أن هذا الشكل من أشكال الزواج المجزوء إن صحّ التعبير يُشكّل عائقاً أمام التحوّل في السلوك من مرحلة الشباب التي قد تتّسم بالطيش والاندفاع والعبث والمغامرة، ومرحلة الزواج والأبوة وما تفرضه من تعزيز لحسّ المسؤولية وضبط النفس والعطاء عند الإنسان. ويُعزز الزواج المجزوء احتمالية الوقوع في مشاكل أسرية منوطة بعدم الوفاء للأسرة وعدم الالتزام بأداء الواجبات الأسرية، خاصة مع تنامي ظاهرة الزواج المبكر واختصار فترة الخطوبة والاعتماد على التواصل الجزئي مع الأسرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وما يحمله هذا التواصل من جوانب سلبية. وهناك من جهة أخرى شبّان أكثر وعياً ينتظرون حياة الاستقرار، وبهم شغف إلى الحياة الأسرية نابع من شعور بالتقصير والرغبة بتعويض الزوجات عمّا كابدنه.
وإذا أردنا أن نكون أكثر صراحة، فلا أحد من الطبقة الكادحة يمتلك وقتاً للحياة الأسرية، فانشغاله بجزئية الواجبات الأسرية الرئيسية كتأمين الطعام وأجرة المنزل والفواتير وغيرها تدفع الكثير من الناس للعمل لأوقات طويلة، والعجيب أن وتيرة إنجاب الأطفال لم تنخفض رغم عدم توافر الوقت والمال اللازم لضمان عيش لائق وسوية تربوية لائقة لهم. ولعلّ ضغوط الحياة ستدفع الشبّان للهرب من قفص الحياة الزوجية بعد زواجهم، خاصة أن الحرب استنزفت القوة النفسية للكثير منهم، ومن أراد من أبناء الطبقة الكادحة الالتزام بالحياة الأسرية فهو غير جدير بأن نتطرّق إلى سيكولوجيته قبل الزواج وبعد الزواج، لأنه سيغدو بعد الزواج محض مكنة تعمل ليلاً نهاراً لتأمين الاحتياجات الضرورية. ففي ظل هذا الواقع يبقى السؤال مشروعاً: هل يصلح شباب اليوم للحياة الأسرية؟!!