ماذا بعد الانتظار؟

السوريون محكومون بالانتظار وليس بالأمل، تخيل أنك تنتظر كل يوم 5 ساعات وسط البرد والمطر لشراء أسطوانة غاز منزلي، لتطبخ عليها بعضاً من الأرز أو القمح، باعتبار طهي اللحم لا يتناسب مع أزمة الغاز أو راتبك الشهري، وتنتظر انتهاء وقت التقنين الكهربائي لتقوم بأعمالك التي تعتمد في معظمها على الكهرباء، وتنتظر أن يهطل المطر وتجف الحفر من الماء كي لا تقع في إحداها وتنكسر قدمك، هذا كله بعد تحرير الكثير من حقول النفط وتوقف الاعتداءات على محطات توليد الكهرباء، بعد أن كان كل ما سبق حجّة في انقطاع الكهرباء والغاز والأنفاس.

السوريون عاشوا أيضاً جحيماً في انتظار موعد انخفاض الدولار ليتمكنوا من شراء الاحتياجات التي يزداد ثمنها مع ارتفاعه، ولا ينخفض مع انخفاضه بقدرة قادر.

بالطبع الموقف هنا أكثر بشاعة: أنك تنتظر لمجرد أنك تنتظر ولا حلول بديلة.. ولكن لنفرض أنك انتهيت من الانتظار، فعليك انتظار آخر هو باص أو سرفيس النقل اللذين يأتيان دائماً وهما محملان بأكداس من البشر. وهناك أيضاً انتظار آخر يتخلله الشعور بالخوف، المتخرجون في الجامعة ينتظرون فرصهم في إيجاد عمل، وهو محصور بمن لديه واسطة، أو بمن لديه قريب من مسؤول ما وغير ذلك.

وينتظر السوريون أخباراً عن أبنائهم المخطوفين، إنهم ينتظرون الفرج الذي لا يأتي ومع ذلك فهم ينتظرون.

بيد أن هذا الانتظار من قبل المواطن لابد أن ينفد، لأن قدرته على التحمل ليست لا نهائية، وأن معاناته من الغلاء المستحكم وسوء الخدمات والفساد المتفشي والبطالة والسكن أصبحت لا تطاق.

إن ما يحتاجه السوريون ببساطة هو فريق عمل مكون من نظيفي اليد له الصلاحيات في اتخاذ القرارات اللازمة دون العودة إلى لجان تقليدية، ودون السير بالطرق البيروقراطية، في وقت أحوج ما نكون فيه إلى حلول إسعافية، والأوليات في قطاعات الصحة والتعليم وحل مشكلة الإسكان لمن فقد بيته في الأزمة وغيرها.

إن ما تقوم به الحكومة من زيارات وجولات استعراضية وتسويف الحلول لا حاجة للمواطن بها، إنه بحاجة إلى حلول ناجعة وسريعة وليس إلى شعارات تردد له لا تعنيه في شيء.. فماذا يعني المواطن إذا كان مؤشر الليرة يرتفع والحفرة تكبر أمام بيته والرقع تزداد في بنطاله؟

على خيبة الأمل يحيا السوريون اليوم، بعد انتظار وصمود طالت سنواته، فهل من حكومة ترتقي إلى مستوى هذا الشعب؟ أم أن علينا تفصيل شعب على هوى قرارات الوزراء الذين يبدو أنهم يعيشون في وادٍ غير الوادي الذي نعيش فيه نحن السوريين؟!

العدد 1104 - 24/4/2024