مهلاً.. إياكم والشخصية الوطنية خط أحمر!

منذ بداية القرن العشرين، إلى أن وصلنا إلى قرابة الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، مازلنا نعاني من استبداد واستعمار ومؤامرات من قبل الدول الغربية الحاضنة والحامية للصهاينة بوسائل وأدوات مختلفة، لكن الأهداف واحدة، وذنبنا الوحيد هو أننا من ملاكي الشرق الأوسط وما أدراك ما الشرق الأوسط؟ النفط والطاقة والثروات الباطنية والمياه، خاصة سورية والعراق ومصر ولبنان وفلسطين، وما يميزهم عن غيرهم بالطاقات البشرية التي تتمتع بكفاءات علمية عالية.

لذلك هنا نسأل: إذا توافرت الطاقات البشرية الكفأة مع النفط الصخري المكتشف على طول شريط ساحل البحر الأبيض المتوسط لتلك البلدان، ماذا يصيب أعداءه؟

الهستيريا التي نشاهدها بتصرفات أمريكا وحلفائها تؤكد ما نقوله… ألا يكفي هذا؟

إذا أحصينا عدد الضربات التدميرية والقتالية التي يتلقاها الشرق الأوسط، خاصة سورية ولبنان وفلسطين ومصر والعراق على مدى قرن وربع تقريباً، وفي كل مرة يفشلون، فهذا ما يجعلنا نتساءل: لماذا تعاود أمريكا وحليفتها الصهيونية مهاجمة تلك الدول، بالرغم من فشلها المتكرر في الحصول على هدفها؟ وما هو الشيء الأهم في خططها من الثروات الباطنية؟

في الماضي كانت المعارك تجري بين فريقين متضادين، أي من فصيلين مختلفين، فكان الأمر عادياً، لكن ما نلاحظه الآن هو أن المعارك كلها تدور في إطار (القاتل عربي والقتيل عربي والممول عربي) إلا أن المخطط غربي، وهذا ما يدعونا للقول بأن الغرب يلعب في ملعب العرب واللاعبين عرب، وهذا من أخطر المعارك وهو سلاح فتاك لأنه يستهدف الشخصية الوطنية والقومية العربية، وهل يوجد أخطر من هذا؟ الخطر يداهم الشخصية الوطنية من الداخل والخارج، والداخل أخطرها لأن العوامل الداخلية هي التي تهيئ التربة الخصبة للنيل منها خارجياً، وإلا كيف استطاع بعض الأفراد في ليبيا رفع علم الملك إدريس السنوسي، وفي مصر علم الملك فاروق وفي سورية علم الانتداب؟ فإذا تفاعلت الجغرافيا مع التاريخ من خلال سيادة الدول لصالحهم هنا يبدأ تهديد المصلحة الوطنية، لذلك استخدموا الإعلام والمال للوصول إلى الجيوش العربية في سورية ومصر والعراق بغية تفتيتها وتدميرها.

الحرب الحديثة رصاصتها الأولى هي تدمير الشخصية الوطنية عن طريق الإعلام، كمنصة لإطلاق الأكاذيب على المشاهدين في كل أنحاء العالم كما حصل في الستينيات من القرن العشرين بتطوير التلفزيون ونمو أخباره لإيصال الرسائل التي تخدمهم وتخدم أهدافهم، لذلك لم يعد ممكناً استخدام القوة العسكرية للأمة من دون التفكير في الطريقة التي تظهر بها القوة في أخبار الإعلام وفق تضليل مستمر، كما يحدث الآن.

لذلك على الأمة العربية تفادي الأخطار التي قد تداهمها إذا ما تنبهت للآتي، فمن هنا يبدأ الخطر:

عندما يبدأ السلك التعليمي بالتراجع.

عندما يبدأ السلك القضائي بفقدان نزاهته.

عندما يبدأ السلك الإداري بقلب الحقائق.

عندما يبدأ السلك التربوي بانعدام الأخلاق.

عندما يبدأ السلك الصحي بالتدهور.

عندما يبدأ العمل بمزاجية ومحسوبية المسؤول الإداري.

وعندما يفقد الإنسان الأمن الغذائي. أي عامل من هذه العوامل يفقد مكانته تهتز الدولة، فكيف إذا فقدت كلها؟ هذه العوامل يجب أن يُشغل عليها ليلاً نهاراً لاستدراك ما يمكن أن يصيبنا من ويلات الجحيم، هنا يكمن دور المسؤول الميداني للدولة في تحصينها، وعندئذ ستتهاوى كل الرهانات أمامها، وإلا من له مصلحة في تدمير وطنه إلا الخائن؟!

المصلحة الشخصية والنظرة الذاتية الضيقة هي دائما الصخرة التي تتحطم عليها أقوى المبادئ، ليس هذا فحسب وإنما الغرب يبقى وراء الفاشل حتى ينجح، ونحن العرب نبقى وراء الناجح حتى يفشل! تقولون بأن الغرب يدمر ويقتل، هذا صحيح! لكن دعونا نسأل أنفسنا أولاً: ما هي العوامل التي تهيئ له ذلك؟

العدد 1140 - 22/01/2025