غرائب الإهمال في بيت الجهاز المركزي للرقابة المالية بالسويداء

ما يزال الإهمال والروتين والبيروقراطية تسيطر على عقل الأجهزة الإدارية والرقابية وتفكيرها، ويبدو أن من يفترض أنه يكافح الإهمال وانتشار البيروقراطية يحتاج إلى من يحاسبه، والأهم إعادة النظر بتعليمات رئاسة مجلس الوزراء لتجاوز تلك الشكليات أو توفير مستلزمات الأتمتة في جميع المحافظات.

 فقد وصل إلى مكتب جريدة (النور) بالسويداء شكوى من شباب تقدموا لمسابقة عامة خاصة بالبلديات (محاسب بلدية وجابي بلدية، وشرطي بلدية)، صدرت نتائجهم بالنجاح، وطُلب منهم تقديم الأوراق التي تطلبها البلديات المعينون بها. وفجأة اعترضت الجهة المشرفة على المسابقة، وهي الجهاز المركزي للرقابة المالية بذريعة الأتمتة، علماً أن الأتمتة غير متوفرة سوى بالجامعات. والجهة المعترضة كانت مشرفة على المسابقة منذ بدايتها. فهل تصبح المسابقات التي تنظم حبراً على ورق وتسكين أوجاع، أم تلاعب بعواطف وأعصاب الناس كي يتم تعيين المقربين وأصحاب المحسوبيات؟!

قبل البدء في تفاصيل الواقعة، نتساءل من الجهة التي تحاسب المقصرين في الأجهزة المالية والحكومية؟… أليس الجهاز المركزي للرقابة المالية؟ لكن هذه المرة رائحة الإهمال تفوح من نوافذ وأبواب الجهاز، فمن يحاسبه يا ترى؟

 تقول الشكوى المقدمة من (عامر كيوان، جمال صعب، وليم الشحف، ريما عربي، فارس المرعي، بسام صبح، زهير البريجي، محمد حمزة، خالد سليم أبو فخر، مشهور حسنية): إن المحافظة بالسويداء قامت بالإعلان عن مسابقة عامة بالقرار رقم 2822 بتاريخ 9/7/،2012 قمنا بتقديم الأوراق المطلوبة في البلديات المتقدمة بحسب الحاجة (محاسبين – بكالوريا علمي ومعاهد، وجباة – بكالوريا أدبي)، للعمل بمهنة محاسب بلدية، وجابي بلدية، وشرطة بلدية. أُجري الفحص الخطي بتاريخ 21/10/،2012 وكان الفحص الخطي مؤلفاً من 35 سؤالاً على نظام صح أو خطأ، وقال لنا المشرفون إن المسابقة ضمن الشروط، وهي مستوفية للجوانب القانونية لأنها تحت إشراف مفتشين بالجهاز المركزي للرقابة المالية بالسويداء. وبيّن أمين عام المحافظة المشرف على المسابقة أن كل خطوة في هذه المسابقة تحت إشراف المفتش بالجهاز المركزي، وأجواء الامتحان الخطية مريحة وقانونية. قمنا بإجراء فحص شفهي في 20/11/،2012 وصدرت أسماء الناجحين بالمسابقة بتاريخ 8/1/2013 بالقرار رقم ،101 وأرسلت الأسماء إلى مكتب الدور لحساب العلامات علماً بأن نظام المسابقة قسم العلامات، من 100 درجة إلى 70 درجة فحص خطي، 10 درجات شفهي، 20 درجة حسب قدم التسجيل بمكتب الدور لحساب الدرجات حسب السنوات.

رفعت الأسماء إلى الوزارة والجهاز المركزي للتفتيش بدمشق وأتت الأسماء التالية من دمشق: (عامر كيوان، جمال صعب، وليم الشحف، ريما عربي، فارس المرعي، بسام صبح، زهير البريجي، محمد حمزة، خالد سليم أبو فخر، مشهور حسنية)، بمهنة جباة، وعممت الأسماء على البلديات المتقدمة، وقامت كل بلدية بالاتصال بكل شخص منهم لاستكمال الأوراق المطلوبة لبدء العمل والدوام. قالوا: إن الأوراق بالجهاز المركزي للرقابة المالية بالسويداء لوضع الاعتمادات المالية، والمفاجأة الصاعقة أن الجهاز المركزي أعلن الاعتراض على المسابقة بذريعة الفحص الخطي غير مؤتمت، علماً بأن المحافظة لا يوجد فيها نظام أتمتة ومستلزماته من قاعات و(سكنرات)، والعمل بهذا النظام متوفر فقط في الجامعة ووزارة التربية. والمفاجأة القصوى أن صاحب هذا الاعتراض هو المفتش نفسه الذي جرت المسابقة تحت إشرافه كل خطوة بخطوة، فلماذا؟

 وإذا كانت هذه الجهة حريصة على تطبيق القانون وعلى المواطن، فلماذا لم تعترض قبل المسابقة؟ أهو ضمير المهنة الذي صحا عندها، لكن صحا متأخراً، أم هنالك لعبةٌ نحن لا ندري خفاياها؟ إننا نشك بالاثنين. والفكرة أنهُ ما ذنبنا نحن الذين قمنا بقطع أعمالنا ونحن بحاجة ماسة إلى العمل؟

 راجعنا السيد المحافظ وقام بمخاطبة رئاسة مجلس الوزراء بالكتاب رقم 225 س تاريخ 14/3/2013 لطلب استثناء، وعندما قمنا بمراجعة الموضوع قالوا لنا: إنه جاء شفهياً من مجلس الوزراء، من مدير مكتب مجلس الوزراء، بعدم الموافقة. (انتهى نص الشكوى).

مكتب جريدة (النور) نقل هذه الشكوى إلى السيد أمين عام المحافظة، فأجاب إن ما جاء بالشكوى صحيح بجميع تفاصيله، والمسابقة أقيمت وفق الحاجة، وهناك فعلاً نقص بعدد الجباة بالبلديات، وهي تبعاً للواقع الراهن. المسابقة لا غبار عليها من قبل جميع الجهات، إلا  أن الجهاز المركزي للرقابة المالية رأى ذلك وفق رؤيته، وأنا أضم صوتي إلى صوت أصحاب الشكوى فهم على حق، والشكليات كانت الحاجز في تنفيذ نتائج المسابقة.

لعل هذا الإهمال والروتين الذي بات عبئاً على روح التنمية وتحقيق فرص العمل لجيل الشباب يدفعنا لأسئلة أخرى نتركها في ذمة رئاسة مجلس الوزراء. لماذا الاستثناء بالموافقة لأناس، وآخرون مع عدم الموافقة؟! أليس الدستور قد نص على أن جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات؟ وكيف لرئاسة المجلس الوزراء أن تصدر تعيين الناجحين بالمسابقة، ثم بذريعة الأتمتة تلغى؟ وهي تعرف أن الأتمتة غير متوفرة أصلاً بالمحافظة.. إننا نرى ضرورة إعادة النظر بتعليمات وشروط المسابقات التي تتضمن الأتمتة، أو توفير مستلزمات الأتمتة في جميع المحافظات، لأن ذلك ظلم يا سيادة رئيس مجلس الوزراء! والأهم: من يحاسب الإهمال الذي تفوح رائحته من بيت الرقابة المالية التابعة لرئاستكم بعد صدور نتائج المسابقة؟!

العدد 1104 - 24/4/2024