لاهدنة للعاشقين في الحرب.. «هدنة» على مسرح الحمراء في دمشق

يلامس المخرج مأمون الخطيب وجع الحرب في بعده الإنساني من خلال كشف تفاصيل الحكاية التي تعج بتفاصيل الحياة اليومية، ويصور في عرضه المسرحي الأخير (هدنة) الحرب من عمق الوجع الإنساني، ويساهم في خلق أسئلة عن مكنونات الوجع اليومي الذي يعيشه العاشق وقت الحرب، فتظهر جلياً جدلية الحرب والحب في ثنايا الحوار والأمكنة وفضاءات المشهد المسرحي. ويأتي العرض الأخير (هدنة) تكملة لعروض سابقة لمأمون الخطيب (كلهم أبنائي 2011) و(نبض 2014)، إذ أراد عبر هذه العروض رصد الواقع في المقلب الآخر للحياة الإنسانية في الحرب.

تنطلق حكاية المسرحية (هدنة) التي كتبها الشاعر عدنان الأزروني من حكاية هادي (يامن سليمان) الشاب المهندس الذي يلتحق بخدمة العلم، وينتقل بالأمكنة ليحول المتراس الذي يتصدر المشهد مكاناً حالماً لبيت يريد أن يبنيه مع حبيبته الفنانة التشكيلية مريم (نسرين فندي)، وتدور الحوارات بعيداً عن الزمان والمكان ويستعيد هادي الحكاية من أولها في رصد الأمكنة التي تحولت إلى أحلام.

وتنتقل الحكاية بانتقالات الإضاءة على خشبة المسرح، وتقاطعها حوارات الأمس بين هادي وأمه (لينا حوارنة) وأبيه (غسان الدبس)، والخلافات التي تحدث في أسرة عصرية وبين الأجيال. وبالمقابل فإن الحكاية تكتمل أيضاً  في حوارات العائلة الأخرى أم مريم (رنا جمول) وأبيها (جمال نصار) ليكتشف المتلقي وبعد مرور عدة مشاهد أن الحكاية تبدو طبيعية لكن منغصات الحرب جعلتها بمفردات جديدة باتت متداولة بين الناس (شبيح  مندس  معارض  موالي  وخائن). ورغم أن هذه المفردات أعطت إضاءة خافتة للمشهد المشتعل، إلا أنها أعطت البعد الإنساني للحكاية في الحرب والحب.

وتبدو للحكاية أمكنتها المتنقلة عبر عشق صديق هادي عمار (أسامة تيناوي) الذي يسرد الأمكنة بحب وعشق ويحاور صديقه هادي الذي يفتقده في لحظة من لحظات الحرب، لكن حضور عمار على خشبة المسرح أعطت وهجاً حسياً وجمالياً، إذ إن انتقالاته من بقعة ضوء إلى أخرى كانت تضفي ملمحاً إنسانياً عميقاً للحكاية، فيسرد هادي تفاصيل شخصية عمار الذي يضحك دائماً ويحب الحياة.

وفي المشهد الأخير وفي وداع هادي للالتحاق بالجبهة التي لاتبعد كثيراً عن بيته يقف الجميع  خلف المتراس ويوزعون (أصص الزريعة) الدمشقية على حدود المتراس، وقد وضع مأمون الخطيب في هذا المشهد الأمل في انتهاء الحرب وغلبة الحب على الحرب.

بطاقة العرض: النص: عدنان الأزروني، الإخراج : مأمون الخطيب، الممثلون حسب الظهور: يامن سليمان، نسرين فندي، جمال نصار، أسامة تيناوي، لينا حوارنة، غسان الدبس، رنا جمول. الموسيقا : طاهر ماملي، سينوغرافيا: أحمد يوسف، إضاءة: ريم محمد، أزياء: هشام عرابي، فوتوغراف: يوسف بدوي، غرافيك وميلتيمديا: م. أمجد ممدوح بربور، مساعد مخرج: رامي السمان، مدير منصة: عمر فياض، ماكياج: ريما عرابي، الصوت: فؤاد عضيمي، تنفيذ الإضاءة: عماد حنوش، تنفيذ فني للديكور: يامن حمشو.

يستمر العرض حتى يوم الغد الخميس الثامن والعشرين من الشهر الجاري.

العدد 1105 - 01/5/2024