ترامـب يصنع الأمواج

سبّب انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة اضطراباً جدياً في عقول الناس، مثل المويجات التي تحدث بعد إلقاء حجر في بركة ماء.

من حرّك ترامب؟

يزعم بعض المعلقين لدى الحديث عن انتخاب دونالد ترامب للرئاسة، أن المرشح فاز في الانتخابات ضد رغبات أصحاب السلطة الأمريكيين، وعلى النقيض من مشاعر وول ستريت التي راهنت على كلينتون. وعلى الرغم من بروباغندا الإعلام الجماهيري المركزي إلخ.. وهذا الرأي غير صحيح. هيلاري كلينتون نفسها ألقت بالمسؤولية عن خسارتها على مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي الذي فتح قبل وقت قصير من يوم التصويت، تحقيقات حول مراسلاتها الإلكترونية، ورأت أن هذه الحقيقة الافترائية أقنعت مشاعر الناخبين بالانتقال إلى الحزب المنافس.

ويمكن أن نتذكر أيضاً أنه خلال الحملة الانتخابية ظهرت على الإنترنت (تسريبات) ضد كلينتون أظهرت أن وقفتيها تعاون مع إسلامويين، وتلقت أموالاً من دولة قطر وغيرها.. وهكذا نرى أن جزءاً من أصحاب السلطة الأمريكيين، جزءاً من قوات الأمن راهن على فوز ترامب، ولذلك يمكن الحديث عن (انقسام النخب) في الولايات المتحدة.

خطط ترامب: هل ستنفذ أولاً؟

داخل الولايات المتحدة يعِد ترامب بتنفيذ سياسات الحمائية اليمينية، ولكنه في الميدان الدولي تحدث عن الحاجة إلى تليين السياسة الخارجية الأمريكية العدوانية، شارحاً أن ذلك يعود إلى نقص الموارد في أمريكا. ولكنه إذا حدّ ترامب حقاً من عدوانية الولايات المتحدة على المسرح العالمي، فسيكون ذلك تحديداً لمصلحة قوى التقدم في جميع القارات.

ولكن من المبكر جداً التصفيق.. كلمات الرؤساء الأمريكيين تختلف في الكثير من الأحيان عن الأفعال.. تحدث جورج دبليو بوش في الحملة الانتخابية الرئاسية أيضاً عن الرغبة في تقليص التوسع الخارجي بالمقارنة مع أيام رئاسة الديمقراطي بيل كلينتون، ولكن بعد 11 أيلول 2001 ازداد النشاط التدخلي للجيش الأمريكي حدّة وبدأ بأفغانستان والعراق.

خطط الرؤساء الأمريكيين بالنسبة للسياسات الداخلية كذلك لم تنفّذ.. عندما رشح بيل كلينتون نفسه للانتخابات وعد الناخبين بإصلاح نظام الرعاية الصحية ليشمل المزيد من الأمريكيين العاديين.. ولكن رغبته واجهت معارضة المصالح الراسخة، ولم تكن النتيجة مرضية، وعلى نحو مماثل أعلن الكونغرس الأمريكي إلغاء إصلاح العناية الصحية الذي تصوره باراك أوباما (أوباما كير).

ظروف جديدة للمعارضة الروسية

إذا نفذ ترامب وعده بتقليص التدخل في شؤون البلدان الأخرى و(الانخراط أكثر في الشؤون الداخلية) سيسمح للناس بالتنفس بسهولة أكبر، ومن ضمنهم المعارضة اليسارية الروسية.

أولاً- تحارب المعارضة الآن نظام بوتين وليس عليها أن تنفي الاتهامات بـ(العمل لصالح أعداء خارجيين).

ثانياً- بإضعاف تهديد الولايات المتحدة بالتدخل المباشر في الشؤون الروسية.. ستكون المعارضة قادرة على محاربة النظام السياسي الذي يحكم روسيا دون خشية أن يكون (الاهتزاز) حقاً في صالح (خصم خارجي).

العدد 1105 - 01/5/2024