هل تجد أنقرة بديلاً عن الغاز الروسي؟

 يرى المحلل السياسي والخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية نيكولاي باخوموف أن هناك عدداً من العوامل الاقتصادية والسياسية التي تعيق تركيا عن الحد من اعتمادها على الغاز الروسي. ونشرت صحيفة (ناشيونال إنترست) الأمريكية مقالة للخبير والمحلل السياسي باخوموف يوم الجمعة 18 كانون الأول، قال فيه إنه سيكون من الصعب على تركيا إيجاد مورد آخر للغاز الطبيعي من خارج روسيا، لافتاً إلى أن الأزمة الحاصلة بين روسيا وتركيا بعد إسقاط أنقرة للقاذفة الروسية في سورية، أضحت لها عواقب متعددة، منها تجميد مشروع نقل الغاز الروسي إلى تركيا (السيل التركي).

وقبل استعراض خيارات أنقرة لإيجاد مورد للغاز من خارج روسيا، تجدر الإشارة إلى أن استهلاك الغاز في تركيا نما نمواً مطرداً في السنوات الأخيرة، وبلغ 1,7 تريليون قدم مكعب في عام ،2014 ويجري  تلبيته أساساً عبر الاستيراد من الخارج، وبالأخص من روسيا التي تلبي أكثر من نصف احتياجات الغاز في تركيا. وتزامن ارتفاع استهلاك الغاز مع نمو ملحوظ للاقتصاد التركي في العقد الماضي، ولا يوجد أي سبب للافتراض أن نمو الاقتصاد التركي سيتوقف أو يتباطأ، لكن في الوقت نفسه تشير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن الاستهلاك السنوي من الغاز الطبيعي في تركيا يقترب من الحدود العظمى لقدرة البنية التحتية التركية على استيراد هذه المادة.

وبعد أخذ هذا بالحسبان، فإنه ليس من المستغرب أن نشاهد مساعي موسكو وأنقرة للاتفاق حول مشروع الغاز (السيل التركي)، إذ أن المشروع كان بالنسبة لتركيا استمراراً للتعاون مع شريك أساسي كروسيا، وبالنسبة لموسكو خطة (ب) بعد تعليق مشروع نقل الغاز الروسي إلى أوربا عبر بلغاريا (السيل الجنوبي). وفي ضوء المتغيرات التي تشهدها العلاقات الروسية التركية، يبرز سؤال عن مدى قدرة تركيا في العثور على إمدادات طاقة كافية في مكان آخر. وهل ستتمكن دولة أخرى من توريد الغاز إلى أوربا عبر تركيا غير روسيا؟

كانت هناك فرضية تقول بأن إسرائيل ستقوم بتزويد تركيا بالغاز، ومنها إلى أوربا، إلا أن المسؤولين الأتراك رفضوا هذه الفكرة. إضافة إلى إسرائيل هناك قطر والسعودية، ولكن يستحيل تنفيذ بناء خط مكلف للغاية لنقل الغاز في ظل الأوضاع الأمنية التي يشهدها العراق وسورية. وثمة خيار آخر لتركيا وهو إيران، التي تملك ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم. ولكن الاقتصاد الإيراني منهك بعد سنوات من الحصار الدولي، لذلك من غير الواضح فيما إذا كانت الصناعة الإيرانية قادرة على تنفيذ مشروع لنقل الغاز إلى تركيا ومنها إلى أوربا، التي تسعى إلى تحسين علاقتها بطهران مع اقتراب لحظة رفع العقوبات الدولية عنها.

وفي ظل هذا الوضع فإن المورد الوحيد الآخر لأنقرة هي أذربيجان، التي تربطها علاقات وطيدة بتركيا، إذ يقوم البلدان ببناء خط لنقل الغاز من حقل شاه دنيز الأذربيجاني إلى جنوب إيطاليا، مروراً بجورجيا وتركيا واليونان وألبانيا، يسمى (تاناب) بقوة تمريرية تقدر بنحو 6 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً إلى تركيا، ونحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز إلى أوربا، ما يدل أن مشروع (تاناب) لن يكون كافياً لتلبية احتياجات تركيا من الغاز.

وخلص المحلل نيكولاي باخوموف إلى أن جميع خيارات تركيا لتلبية احتياجاتها من الغاز، من دون صادرات إضافية من روسيا، ستكون صعبة ومكلفة، مضيفاً: (قريباً سنرى خيار أنقرة، وفيما إذا كان سيؤثر على موقع الغاز الروسي في السوق الأوربية).

العدد 1105 - 01/5/2024