بوم الخرائب برنارد ليفي

 قيل عنه: (غراب الثورات، حيثما حلّ حلّ معه الخراب)، وقيل (سفير اسرائيل غير الرسمي في باريس) و(عرّاب الصهيونية في فرنسا) و(عرّاب الربيع العربي) و (لورانس العرب الجديد) و(زعيم ثورة الجرذان) وكثيرة هي الألقاب والصفات التي أطلقت عليه مثل (عصفور النار) و(شيطان الفوضى) و(الفيلسوف الدموي) و(جيمس بوند الفرنسي).. وو الخ، فمن هو برنارد هنري ليفي؟

هذا الذي قدمه الإعلام العربي كأهم فلاسفة فرنسا المعاصرين، وعتّم على تنظيره لمجازر عصرنا ودوره في الخرائب الحاصلة، وعلاقاته بالكيان الصهيوني واللوبي الصهيوني ومثقفي باريس العرب وزعماء وناشطين قوميين و(يساريين) وإسلاميين عرب، حتى أن جريدة الصحراء اليوم الإلكترونية في 26/12/2012 قالت إنه مؤسسة قائمة بذاتها، لها موظفوها وعملاؤها في العالمين العربي والإسلامي من رجال أعمال وسياسيين وأحزاب، وهو أهم من يلعبون على المسرح الدولي لصالح دولة إسرائيل والصهيونية العالمية.

ولد برنارد هنري ليفي لعائلة يهودية فرنسية في الجزائر عام 1948 وبعد أشهر قليلة انتقلت العائلة إلى فرنسا وهناك تلقى ليفي تعليمه وتتلمذ على يد المفكرين جاك دريدا ولويس ألتوسر، وحصل على شهادة في الفلسفة، لكن بداية شهرته كانت مراسلاً حربياً أثناء تغطيته الحرب بين باكستان وبنغلاديش عام 1971. ومنذ عام 1976 بدأ يعرف كأحد أبرز من يسمون بالفلاسفة الجدد، وقد حدد سلوكه السياسي طبيعته الفكرية فقد سلم عام 1981 إرهابيي أفغانستان معدات لإنشاء إذاعة أفغانستان الحرة، وعاد للظهور بين هؤلاء عام ،1998 ثم وقف عام 1999 إلى جانب جيش تحرير كوسوفو وهو أول من دعا إلى تدخل الناتو لقصف صربيا، وخلال الأعوام الأخيرة من التسعينيات أسس مع شريكين آخرين معهد ليفناس الفلسفي في القدس المحتلة.

كان في بيروت بين المتظاهرين بعد اغتيال رفيق الحريري 2005 متضامناً مع ما سمّي بثورة الأرز، كما أنه خدم في الجيش الإسرائيلي وزار الجبهة أثناء حرب تموز 2006 في لبنان، وجبهة غزة عام 2008 وفي العام نفسه نشر كتابه (يسار في أزمة مظلمة) زعم فيه أن اليسار استبدل بقيمه كراهية الولايات المتحدة وإسرائيل…عام 2010 صرح عن الجيش الإسرائيلي في مؤتمر الديمقراطية وتحدياتها في تل أبيب بأنه لم ير في حياته جيشاً ديمقراطياً كهذا…ثمة شيء غير اعتيادي في الديمقراطية الإسرائيلية.

عام 2011 صرح في كلمة ألقاها في الملتقى الوطني الأول للمجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية في فرنسا: (لقد شاركت في الثورة الليبية من موقع يهوديتي). وأضاف لصحيفة لو فيغارو: (لقد انطلقت من الوفاء لاسمي وللصهيونية ولإسرائيل) و(قمت بما قمت به لأني يهودي، وقلت ذلك في بنغازي وفي طرابلس أمام عشرات آلاف الليبيين)! يذكر أنه كان وراء شن الغارات الجوية الفرنسية على ليبيا، وفي العام نفسه اجتمع مع قادة الإخوان المسلمين في مصر.

نشاط ليفي ومتابعاته الميدانية في البؤر المشتعلة من العالم وحروبه الأهلية ومجازره المروعة ليست سوى تطبيق حي لنظريات التفوق المتلائمة مع مصالح الكيان الصهيوني، وهو صاحب نظرية الحرب من أجل التغيير، المعتمدة لتبرير الاستعمار الجديد، وهو القائل بلا خجل (أنا صهيوني وقلبي يكون حيثما تكون إسرائيل) وهو الذي اعتبر التدخل في العالم الثالث ليس مؤامرة إمبريالية، بل أمراً مشروعاً تماماً، ومن هنا انطلق الببغائيون للترديد وراءه: (لا توجد مؤامرة – أنا لست مع نظرية المؤامرة…ووالخ).

برنارد ليفي بالنسبة لمنطقتنا هو أهم المشرفين على تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، ودوره في الأزمة السورية من أسوأ الأدوار وأكثرها وحشية، فمنذ عام 2011 كان ينظم فعاليات وخطوات تدمير الدولة السورية بأيدي أبنائها، مستلهماً نجاحه في تدمير ليبيا، ابتداء من مؤتمر سان جرمان للمعارضة السورية الذي مولته المؤسسات اليهودية الفرنسية، وقد حشد لتلك الغاية خليطاً من العملاء السوريين المقيمين خارج سورية ولديهم امتداداتهم إلى الداخل السوري وخاصة في أوساط جماعة الإخوان المسلمين وحزب الشعب الديمقراطي، الجناح السياسي لما يسمى بالجيش الحر، مظلة الجماعات التكفيرية الذي يتكون 70% من عناصره من اللصوص والقتلة والمتطرفين الدينيين، بينما يصنف أمريكياً فصيلاً معتدلاً، ويؤمّن تغطيته فكرياً بعضُ مثقفي باريس السوريين وغيرهم من المختومين بنجمة داوود الذين لم يقتصر دورهم على ذلك، بل إنهم أداروا عملية تهريب آلاف الأطنان من السلاح من ليبيا إلى الإرهابيين في سورية، بتمويل قطري وأوامر بوم الخرائب برنارد هنري ليفي، المستشار الرئاسي الذي كان له تأثيره البالغ على كل من ساركوزي وهولاند في السياسة الخارجية الفرنسية المتهورة والرعناء التي أوشكت على تكرار تدخل الناتو في سورية على الطريقة الليبية لولا الفيتو الروسي الصيني.

العدد 1105 - 01/5/2024