قانون هام برسم العناية المركزة

 
علمتنا التجارب والواقع العملي ألا نستبشر وألا نتفاءل كثيراً بأي قانون أو قرار صدر وكنا نتمنى صدوره ونطالب به. حالات كثيرة أدت إلى الإحباط في هذا المجال سواء بالتسرع في إصدار قرار لرفع العتب ومن ثم حفظه في الأدراج، أو إفراغه من محتواه وأهدافه من خلال التعليمات التنفيذية التي يتفنن واضعوها بالتعقيد والعرقلة. والأمثلة على ذلك عديدة ومتنوعة سواء قبل الأزمة أو خلالها. لكن هذا الواقع يجب ألا يحول دون المطالبة بمزيد من التدقيق والمراجعة ومشاركة الجهات المعنية في صياغة هذه القرارات والتشريعات وتعليماتها التنفيذية قبل صدورها أو بعده حتى لا تخيب آمال كل من طالب أو اقترح إصدارها.

ما ذكرناه آنفاً هو مقدمة للحديث عن قانون هام هو القانون 19 الذي صدر بتاريخ 30/3/2017 والذي بموجبه أعفيت الآلات وخطوط الإنتاج المستوردة لصالح المنشآت الصناعية المرخصة من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم المترتبة على الاستيراد لمدة سنة، وتكليف وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بمنح إجازات الاستيراد الخاصة بالآلات وخطوط الإنتاج المشار إليها.

هذا القانون يشكل خطوة هامة في مجال إعادة تأهيل المنشآت الصناعية وتشغيلها وتدوير عجلة الإنتاج في مختلف القطاعات الصناعية، لكن (وكالعادة لابد من كلمة لكن في ضوء ما بينّا أعلاه) لابد من إيلاء هذا القانون عناية مركّزة، وتوفير المستلزمات الضرورية اللازمة لتنفيذه بالشكل الذي يحقق أهدافه بالسرعة والكفاءة والفعالية المطلوبة، حتى لا ينضم إلى قائمة القوانين والقرارات التي أشرنا إليها، خاصة أنه قد مضى نحو شهر على صدوره دون أن نعلم، حتى الآن، بأية إجراءات عملية اتخذت لتنفيذه.

العناية المركزة المطلوبة للتعامل مع هذا القانون تتمثل بعدة أمور، في مقدمتها العمل على تحقيق أهدافه، من خلال تبسيط الإجراءات المطلوبة لتنفيذه بوضوح وشفافية ولمصلحة أوسع شريحة ممكنة من الصناعيين وخاصة المتضررين منهم، دون تفصيلها مسبقاً لصالح هذا أو ذاك. والأمر الثاني هو تمكين الصناعيين من تنفيذ هذا القانون، ومرة أخرى نقول وخاصة المتضررين منهم، من خلال إعادة منح القروض الاستثمارية والتشغيلية، وإخراج مؤسسة ضمان مخاطر القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من قائمة الانتظار، وقد مضى أكثر من عام على إحداثها، ومعها توأمها الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي لم تستطع حتى الآن إنجاز تعريف المشروعات التي أنيطت بها عملية تنميتها. إذ تعتبر هاتان الهيئتان مثالاً حياً عما ذكرناه آنفاً.

الوضع الاقتصادي بشكل عام والوضع الصناعي بشكل خاص لم يعد يحتمل المزيد من قرارات رفع العتب ووقف التنفيذ، لذلك نعود للمطالبة والتمني على الجهات المعنية بأن يكون هذا القانون محط العناية المركزة في الاهتمام والتنفيذ بما يحقق الأهداف والغايات المرجوة منه، ولا يشكل إحباطاً جديداً للصناعيين هم في غنى عن المزيد منه.

فؤاد اللحام

العدد 1105 - 01/5/2024