المواطن بين أحلام اليقظة والواقع

 لا يختلف اثنان على أن الظروف المعيشية في سورية صعبة جداً، وأن الدخل لا يتناسب مطلقاً مع حاجات المواطن ومستلزماته الضرورية، فضلاً عن أنه أنفق كل مدخراته، وبقي خالي الوفاض، لا يملك من أمره شيئاً، سوى العمل المضاعف والمستمر، في محاولة لمجاراة الغلاء، وهو يحلم بحياة أفضل، بعد انقضاء هذه الأزمة الخانقة.

أصحاب الدخل المحدود هم الأكثر تضرراً بهذه الحرب، وكثيرون منهم كانوا يملكون بيوتاً ومحلات في أرياف المدن، وهم اليوم يعلمون أنها قد سرقت أو دمّرت، ولكنهم لا يعلمون كيف سيعيدون بناءها وترميمها، بعد انتهاء الحرب،
وقد بدأنا نشهد عودة للأمن والاستقرار إلى كثير من المناطق، ما جعل المواطن السوري يعيش في أحلام اليقظة، ويحلم بأن ترجع الامور إلى سابق عهدها، ويسترد ما سُلب منه، ويعيش بنعيم حياته القديمة، التي أفنى عمره لتأمينها، ولكن اليوم،
وفي هذه الظروف الاقتصادية القاسية، التي  باتت الصدور فيها شاكية، والجيوب خاوية، لا يملك سوى انتظار حل يهبط عليه، وينجيه من معاناته.

فأحلامه لا تنتهي، بدءاً من الحصول على عمل محترم، يمكّنه من تحمّل مصاريفه المتزايدة، إلى متابعة دراسة أبنائه، دون خوف من قسوة التكاليف المرتفعة، وتأمين العلاج الأفضل لأسرته، من غير أن يضطر للاستدانة، وهو يتمنى أن تتحول هذه الأحلام إلى واقع حقيقي، لا إلى وهمٍ يغرق صاحبه في همّ الوصول إليها.

ولا سبيل إلى ذلك، حسب رأيي، سوى العمل على تنشيط العجلة الاقتصادية، وفتح منشآت جديدة تسهم في زيادة فرص العمل، ورسم خطط لإعادة الإعمار، بشكل يؤمّن للمواطن مجدداً تحقيق أحلامه، التي قد يصعب عليه تحقيقها وحده، فالغلاء الفاحش جعل الدخل لا يكفي، ولا يسد سوى القليل من المستلزمات، فكيف سيتمكن من الادخار لمستقبل أبنائه؟!

المواطن السوري الذي ضحّى بأغلى ما يملك، وقدّم أبناءه لحماية سورية من براثن الإرهاب، وصمد وتحمّل في سبيل ذلك التهجير والجوع والبرد، يتوقع أن يكون الشغل الشاغل للحكومة تحسين أوضاعه المعيشية، فالمسألة باتت لا تحتمل تأخيراً إضافياً، خاصة بعد الإنجازات العظيمة لجيشنا الوطني.

 

العدد 1105 - 01/5/2024