الدعم السعودي للمجموعات الإرهابية في سورية يتزامن مع تنسيق استخباراتي سعودي ــ إسرائيلي

 لم تعد خافية على أحد حقيقة أن المملكة العربية السعودية تحتل المرتبة الأولى في تزويد المجموعات الإرهابية المسلحة بالسلاح بغية النيل من الدولة السورية، وقد بدأت الرياض منذ عام 2012 بشراء الأسلحة المضادة للدبابات من بعض دول أوربا الشرقية وإدخالها إلى سورية عبر الأردن وتركيا، وقد أعلن وزير خارجية آل سعود عادل الجبير مؤخراً وبمنتهى الصراحة أن الرياض ماضية في زيادة الدعم العسكري لما أسماه (المعارضة المعتدلة) ونقل السلاح إليها.

الدعم العسكري السعودي المستمر للمجموعات الإرهابية المسلحة، يندرج في إطار برنامج جرى وضعه سراً بين الاستخبارات العامة السعودية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية لتسليح آلاف الإرهابيين القادمين من أكثر من ثمانين دولة عربية وأجنبية وتدريبهم، وتولت الاستخبارات السعودية عملية التسليح والتمويل، فيما تولت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عمليات التدريب في معسكرات أُقيمت لهذا الغرض في تركيا والأردن، وسبق أن (أشارت تقارير الأمم المتحدة ووثائق تتَبُّع الطائرات وعقود الأسلحة التي أبرمتها السعودية مع بعض الدول الأجنبية بقيمة مليار ومئتي مليون يورو، وبعد تحقيقات استمرت عاماً كاملاً)، أشارت تلك التقارير إلى كيفية استقدام الرياض الأسلحة إلى المطارات السعودية من البوسنة، وبلغاريا، وكرواتيا، والجبل الأسود، وسلوفاكيا، وصربيا، ورومانيا وغيرها من الدول الأجنبية، ثم إرسالها إلى مراكز قيادة سرية في الأردن و تركيا، يجري بعدها إدخال تلك الأسلحة التي يتجاوز وزنها آلاف الأطنان إلى سورية إما براً عبر الحدود الأردنية السورية، أو يتم إسقاطها من الطائرات على الأراضي السورية.

في هذا السياق كشفت قاعدة بيانات الأمم المتحدة النقاب عن أن شركة صناعة الجبل الأسود الدفاعية صدّرت إلى السعودية منذ منتصف عام 2015 حتى شهر أيار الماضي 250 طناً من الذخائر والأنظمة المضادة للدبابات، وبضمن ذلك قذائف الهاون وذخائر المدافع المضادة للطائرات بقيمة مليونين وسبعمئة ألف يورو، إضافة إلى ذلك سبق أن قامت السعودية بتزويد المجموعات الإرهابية بصواريخ أمريكية مضادة للدروع من نوع (بي جي إم-71 تاو) بلغ عددها خمسمئة صاروخ.

الدعم السعودي للمجموعات الإرهابية يتزامن ويتوازى ويتناغم يوماً بعد يوم مع تنامي العلاقات القائمة بين الرياض وتل أبيب على مختلف الصعد والميادين، وخاصة على الصعيد الاستخباراتي، على وقع استمرار الحوار والتنسيق بين الجانبين السعودي والإسرائيلي، وانتقال هذا الحوار إلى العلن بعد أن كان، لفترة طويلة، محاطاً ببالغ السرية، وأكد تقرير لموقع (أنتليجانس أونلاين الفرنسي) الذي يهتم بالشأن الاستخباراتي، أن العلاقات القائمة بين السعودية وإسرائيل وبين الأخيرة وبعض الدول الخليجية، تعود في تاريخها إلى عشرات السنين وجرت تنميتها في الآونة الأخيرة وخاصة بعد الاتفاق الإيراني الأمريكي بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي أحدث حالة من القلق لدى بلدان الخليج وخاصة السعودية من جهة، وفي ضوء التورط السعودي في التآمر على سورية من جهة أُخرى.

وكشف الموقع الإلكتروني الآنف الذكر عما لديه من معلومات سابقة وحديثة خاصة بالعلاقات الاستخبارية بين السعودية والكيان الإسرائيلي، لافتاً إلى مستجدات التعاون الثنائي في هذا المجال، ومشيراً إلى اللقاءات التي استضافتها تل أبيب مؤخراً بين الاستخبارات السعودية والموساد الإسرائيلي وشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، في ضوء تطورات الوضع الميداني في سورية والإنجازات العسكرية التي حققها الجيش العربي السوري والقوات الرديفة في مواجهة المجموعات الارهابية في الآونة الأخيرة.

وفي معرض ما تضمنه تقرير الموقع الإلكتروني الفرنسي، الإشارة إلى أن ذلك التعاون الاستخباراتي شمل عملية تجميع المعلومات وتحليلها والتركيز على تجنيد الأشخاص وتطوير المسائل التقنية الخاصة بتكنولوجيا الاتصالات، ووصف التقرير التعاون الاستخباراتي السعودي الإسرائيلي بأنه تعاون مفتوح حفز أجهزة استخبارات بعض دول الخليج على التعاون مع الكيان الإسرائيلي وتوسيع إطار التعاون معها تحت ذريعة (مواجهة إيران).

هنا، تبدو ضرورية ومفيدة الإشارة إلى ما جاء في افتتاحية (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية في وقت سابق، حول سلسلة من اللقاءات السرية التي سبق أن عقدها مسؤولون استخباراتيون سعوديون وإسرائيليون منذ عام 2014 حتى الآن، جرى في أثنائها الشروع في التنسيق بينهما حول قضايا عربية وإقليمية ودولية، وصفتها الصحيفة الإسرائيلية بأنها ذات (أبعاد استراتيجية).

هذا غيض من فيض العلاقات السعودية الإسرائيلية ما هو مكشوف منها وما هو مستور، ولعل القادم من الأوقات سيكشف المزيد من الوثائق التي تدين السعودية وتثبت مدى عمالتها للصهيونية العالمية وربيبها الكيان الإسرائيلي، وتعاملها وتوافقها معه حول ما يخدم الغرب الاستعماري ويتناقض مع المصالح العربية المشروعة.

العدد 1104 - 24/4/2024