سلطان الأباريق… يمارس دوره في دوائرنا الحكومية

 يحكى أن رجلاً كانت وظيفته ومسؤوليته الإشراف على الأباريق في حمام عمومي، والتأكد من أن هذه الأباريق مليئة بالماء بحيث يأتي الشخص ويأخذ أحدها ويقضي حاجته ثم يعيد الإبريق إلى صاحبنا الذي يقوم بإعادة ملئه للشخص التالي وهكذا.

 في أحد المرات جاء شخص إلى الحمّام وكان مستعجلاً، لدرجة أنّه خطف أحد الأباريق بصورة سريعة وانطلق نحو دورة المياه، فصرخ به مسؤول الأباريق بقوة، وأمره بالعودة إليه فرجع الرجل على مضض.

 أمره مسؤول الأباريق أن يترك الإبريق الذي في يده ويأخذ آخر بجانبه، فأخذه الشخص ومضى لقضاء حاجته، وحين عاد لكي يسلم الإبريق سأل مسؤول الأباريق: لماذا أمرتني بالعودة وأخذ إبريق آخر مع أنه لا فرق بين الأباريق؟؟

فقال مسؤول الأباريق بتعجب: إذاً ما عملي هنا؟

إن هذه القصة القديمة تدعوني إلى مقارنتها بأيامنا هذه، والقول إن هذا يحدث يومياً في مكاتبنا ودوائرنا الحكومية، إذ يظن كل موظف أنه سلطان، ويبدأ بإصدار الأوامر على باقي الناس، وكلها قرارت وأوامر لا نفع منها، فعلى سبيل المثال ما حدث في الفترة الأخيرة في (وحدة الترشيح المركزي)، أو ما يسمّى مكتب التشغيل فقد تجمّع المئات من المواطنين، موظفين وخريجي جامعات، بانتظار الحصول على شهادة (قيد العمل)، وعلى ما يبدو فإن الموظف المعيّن للوقوف أمام الباب بغرض إدخال المراجعين وطلباتهم، وإخراجهم، يبدو أنه يحاول أن يمارس دور سلطان الأباريق، فتراه يصرخ في وجه هذا ويشتم هذا ويسب تلك، دون أي احترام للناس وأعمارهم، دون أي رقيب أو حسيب، فلم كل هذا؟

يخيّل لي أن كل موظف في دوائرنا الحكومية يطبّق الشيء ذاته، فهذا أيضا نراه واضحاً في موظفي شؤون الطلاب في الجامعات، وعلى الأخص كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فترى الموظفين كلّهم سلاطين، وإنجاز الورقة الذي يأخذ ساعة أو ساعتين، يصبح لليوم التالي، أو للأسبوع التالي، فقط من أجل إثبات سلطنتهم في وظيفتهم، فأي قانون يسمح لهؤلاء بالتحكم في الآخرين؟!

وذلك ينطبق على كل شيء تقريباً، ولسنا هنا بقصد الإساءة أو التقليل من أي منصب أو عمل مهما صغر، ولكن على الفرد أن يحترم عمله قبل كل شيء، كي يدفع الغير إلى احترامه وعدم التقليل بأهميته.   

العدد 1105 - 01/5/2024