التوافق لا الاستئثار.. الحوار لا التفرّد | الطريق الآمن نحو سورية الجديدة

النور:

ما جرى خلال الأيام الأولى التي تلت فرار رئيس النظام السابق، يعبّر حسب اعتقادنا عن أمرين اثنين:

الأول: هو الخوف من ضياع فرصة انتظر السوريون طويلاً لاستثمارها بغياب التفرّد وفرض الآراء بهدف إحياء الأمل ببناء سورية.. وطناً لجميع السوريين بمختلف مكوّناتهم وأطيافهم.

الثاني: استثمار الفسحة التي نشأت بعد انهيار النظام السابق، كي يعبّر السوريون عن آرائهم في مصير بلادهم ومستقبل أبنائهم، وقد عبّروا عن هذه الآراء في المقاهي والساحات العامة والندوات العلنية، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي.

فما الذي استأثر باهتمام التجمّعات الشعبية والثقافية، وعبّرت عنه العديد من البيانات التي صدرت عن هذا الحراك الشعبي:

1- الحرص على عدم ضياع فرصة بناء سورية الجديدة.. الديمقراطية، ذات السيادة على كل شبر من الأرض السورية المحتلة من الكيان الصهيوني والاحتلال التركي والأمريكي، والتمسك بوحدة الأرض والشعب، سورية التي لا مكان فيها للفتن الطائفية والمناطقية.

2- إن الطابع المؤقت للإدارة الحكومية الحالية لا يسمح لها باتخاذ قرارات مصيرية، تؤثر على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ولابد من الانتظار لحين تشكيل إدارة حكومية منبثقة عن توافق السوريين في حوارهم، ووضع دستور ديمقراطي يصوَّت عليه باستفتاءٍ شعبيّ عام.

3- إن مؤتمر الحوار الوطني الذي أعلنت الإدارة الحالية للبلاد عن عقده، ينبغي أن تتمثل فيه الأحزاب السياسية، وجميع الأطياف الدينية والاجتماعية والإثنية دون إقصاء، وهو حجر الأساس لتوافق السوريين حول مستقبل بلادهم، وإن التحضير الجيد لهذا المؤتمر سيلعب دوراً رئيسياً في نجاحه.

4- العدالة الانتقالية لا تعني الانتقام، ولا تمارَس كيفيّاً، إذ يتطلب الأمر لجاناً ووثائق وأدلّة ومحاكم مختصّة تدين المتورطين وتنصف المظلومين.

5- الدين لله.. والوطن للجميع، وأن عقد المواطنة الذي يريده السوريون جوهراً للدستور الجديد، عليه أن يكفل حقوق المواطن السوري السياسية والاجتماعية، بغض النظر عن دينه وطائفته ومعتقده السياسي وانتمائه الإثني.

الحراك الشعبي الجاري حالياً يمثل طموح السوريين إلى الغد المرتجى، وهو رسالة موجّهة للداخل والخارج بأن الاستحقاقات السياسية الديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية قد آن أوانها ولا يجوز تأجيلها.

العدد 1140 - 22/01/2025