عائدون منتصرون

د. أحمد ديركي:

جرى الإعلان عن وقف إطلاق النار ما بين لبنان والكيان الصهيوني، ودخل حيّز التنفيذ في تمام الساعة الرابعة فجراً، وكان من ترك المناطق المقصوفة أو المهددة بالقصف من قبل الكيان الصهيوني مستعداً للانطلاق باتجاه منزله، أينما كان.

وفعلاً هذا ما حدث، فما إن دقت الساعة الرابعة فجراً حتى توجهوا باتجاه الضاحية الجنوبية في بيروت أو البقاع أو الجنوب. مشهد جميل يعبر عن مدى تعلق الشعب بأرضه، وعند الرحيل عنها فهو يرحل مجبراً ليعود إليها في أول فرصة متاحة. يعود حاملاً فرحه ممزوجاً بفرح العودة إلى أرضه وبفرح أكبر هو فرح الانتصار على العدو الصهيوني. فهذا الكيان منذ نشوئه ومخططاته التوسعية المدعومة عربياً وعالمياً، كلما احتل أرضاً لا يخرج منها، بل يضمها إلى كيانه التوسعي ويسود الصمت حول ما ضُم، ولا يبقى سوى البيانات المستنكرة للضم تصدر في الأعياد والمناسبات الوطنية.

في لبنان الأمر مختلف، عما هو سائد في العالم العربي. الكيان الصهيوني في حالة حرب دائمة مع قوى المقاومة اللبنانية، بكل أشكالها. لأن مقاومة العدو في لبنان أخذت صيغاً متعددة خلال تاريخها المقاوم لهذا الكيان. نعم، استطاع هذا الكيان الوصول إلى بيروت، عاصمة لبنان كما استطاع تنصيب رئيس جمهورية صهيو – لبناني أتى على دبابة العدو وأمن نصاب انتخابه بقوة الصهيوني. لكن لا هو بقي في منصبه ولا الكيان استطاع البقاء في العاصمة. ويعود السبب في هذا إلى جبهة المقاومة الوطنية (جمول)، بكل أطيافها المقاومة، وطردت العدو إلى الشريط الحدودي.

هناك أسّس الكيان ما يعرف بـ(الشريط الحدودي) تحت قيادة أحد قياديي الجيش اللبناني، ولم يحاكم بتهمة الخيانة وبقي راتبه الشهري مدفوعاً من الدولة اللبنانية حتى آخر لحظة في خدمته العسكرية، وتقاضى من بعدها راتبه التقاعدي! وهو شريط لحماية الكيان، وُضع ضمن الأراضي اللبنانية بمحاذاة الحدود مع فلسطين المحتلة. كذلك لم تهادنه (جمول) واستمرت بعملياتها البطولية ضده وضد الكيان.

بعبارة أخرى الكيان الصهيوني أُجبر، بفضل(جمول)، على الانسحاب من كل الأراضي اللبنانية التي وصل إليها، وكان هذا أول تعبير عن انهزامية جيش الكيان ذاك الجيش المدعوم من الجميع، بلا استثناء، والملقب بـ(الجيش الذي لا يهزم). لقد انهزم وانسحب بفضل (جمول) حاملة المشروع البديل على مستوى الوطن وما بعد الوطن.

لم تدخل (جمول) بازار المساومات السياسية لا المحلية ولا الإقليمية ولا الدولية، لذا أتى انسحاب جيش الكيان بلا قيد أو شرط أو اتفاقات دولية.

لكن الكيان الصهيوني، باجتياحه عام 1982، استطاع إنجاز هدف مهم، يندر الحديث عنه. لقد دمر والأحرى قضى على المقاومة العسكرية الفلسطينية في لبنان. وكل من يراجع أحداث الاجتياح يستطيع أن يعرف ما المقصود.

وبهذا استطاع الكيان تأمين حدوده، من خلال القضاء على المقاومة الفلسطينية المسلحة، إضافة إلى (الشريط الحدودي). لكن أمنه لم يتحقق. فقد هزم جيشه باحتلال الأرض التي دخلها، والشريط الحدودي لم يؤمن أمن الكيان لاستمرار عمل المقاومة.

تغيّرت موازين القوى العالمية، وأُخرجت (جمول) من معادلة المقاومة، لأسباب متعددة منها ما هو ذاتي ومنها ما موضوعي، وحلت مكانها المقاومة الإسلامية، وتحديداً مقاومة حزب الله.

استكملت مقاومة حزب الله ما قد بدأته جمول، ولكن بمفهوم مغاير جذرياً. فحررت الشريط الحدودي وبهذا تحررت معظم الأراضي اللبنانية، إلا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهي محتلة حتى تاريخه. مجدداً هزم جيش الكيان والخونة المحليين الداعمين له.

استمرت عمليات المقاومة ضده، تارة تعلو وتارة تعلو، بما يتوافق مع الأجواء السياسية الإقليمية والعالمية.

الكيان منذ عام 1982 يجمع معلومات حول كل مقاوم، السابق واللاحق. كيان لديه كل الإمكانيات الإقليمية والعالمية ليجمع ما يشاء من المعلومات ويستفيد منها في حروبه التوسعية اللاحقة، إضافة إلى مراكز أبحاثه المتعددة والمتخصصة بكل العلوم من العلوم الطبيعية إلى العلوم الإنسانية. وهنا مجرد ملاحظة صغيرة، مجموع مراكز الأبحاث في الكيان يفوق عددها مجموع كل مراكز الأبحاث في العالم العربي! ولن نخوض هنا غمار طبيعة مراكز الأبحاث في العالم العربي وعلاقتها التبعية للسلطة السياسية وتملقها لفخامته، وسيادته، وسموه، و…

في عام 2006 عاود الكيان الصهيوني اجتياحه للبنان، ولكن جواً لا براً بعد أن ذاق لوعة الانهزام البري. وكان لديه ما يكفي من المعلومات لاستكمال القضاء على المقاومة، ولم يفلح في ذلك. انهزم مجدداً، رغم الإشراف الأمريكي المباشر على العدوان من أجل بداية تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد والانتهاء من القضية الفلسطينية وتأمين أمن الكيان ودعمه لاستمرار قضم فلسطين وشعبها ومقاومته.

انتهى العدوان بقرار دولي أممي معروف بالقرار 1701. قرار بمجمله يلزم الطرفين: حزب الله بالانسحاب حتى حدود نهر الليطاني لتصبح منطقة خالية من السلاح تحت حماية الجيش اللبناني غير المسلح إلا بأسلحة خفيفة والقوات الدولية تحت البند السادس، أي لا يحق لها استخدام القوة، والكيان الصهيوني بأن يوقف اعتداءاته.

ملاحظة صغيرة ولكنها مهمة تشير إلى مدى التنازل عن الحقوق المشروعة لأي دولة، وتحوّل الحق إلى المعتدي. عند أي نزاع وتتدخل القوات الدولية، مثل اليونيفيل وغيرها، تتمركز بأرض المعتدي لا المعتدى عليه. في لبنان هي تتمركز بأرض لبنانية لا على أرض المعتدي، أي ضمناً هذا إقرار عالمي، لأن القرار عالمي، صريح بأن لبنان هو المعتدي!

وأتى بنص القرار بالحرف على:

(اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان…).

أي المنطقة من الخط الأزق وصولاً نهر الليطاني، منطقة معزولة السلاح تؤمن الحماية للكيان الصهيوني. قرار يلغي حق تحرير الأرضي اللبنانية المحتلة، ويجعل من تحريرها عملاً تخريبياً إرهابياً! هكذا يتم التلاعب بالقرارات الدولية فيتحول المعتدى عليه إلى معتدٍ.

بعد طوفان الأقصى قرر الكيان الصهيوني، بدعم عربي وإقليمي وعالمي، بحجة العملية البطولية لتحرير أرض فلسطين، أن يستكمل القضاء على المقاومة الفلسطينية في الداخل وفي الوقت نفسه يستكمل ضم الأراضي الفلسطينية لتصبح جميعها أرض الكيان! وهكذا تنتهي القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وتنتهي معها كل القوانين الدولية وحقوق الإنسان وتفرعاته والأمم المتحدة وتفرعاتها. فتصبح جميع هذه القوانين الدولية وتفرعاتها والأمم المتحدة وتفرعاتها بخدمة المشروع الصهيو – أمريكي.

فاستخدم، وما زال، آخر ما توصلت إليه آلة القتل الأمريكية والأوربية لتنفيذ مهمته، وقرر حزب الله، أن يساند مقاومة غزة. وفعلها وتصاعدت وتيرة المقاومة ضد الكيان إلى أن أعلن الكيان، طبعاً بضوء أخضر من الجميع، ضرب المقاومة اللبنانية مباشرة، وأينما وُجدت.

كيان يملك كل تحركات المقاومة وقادتها، كما ذكر سابقاً، فهو يعمل على تتبع كل مقاوم منذ عام 1982، وحتى تاريخه، وقد منح آخر ما توصل إليه الذكاء الاصطناعي، في الوقت الذي ما زلنا فيه لا نعرف سوى استهلاك هذا المنتج والتفشخر بأننا نملك آخر نسخة من الهواتف الذكية لنتميز طبقياً عمن لا يملك آخر نسخة، ولدينا صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي لنضع عليها ما يميزنا طبقياً عن غيرنا بأننا تناولنا وجبة طعام في هذا المطعم الراقي أو سهرنا في ذاك المكان… غير آبهين بأن هناك كياناً يجمع كل معلومة يمكن قولها أو نشرها على أي وسيلة تقنية حديثة لأنه قد منح كل مفاتيح الذكاء الاصطناعي، من دون إغفال دور خونة الأرض الذين يزودونه ببعض المعلومات التي يعجز عنها الذكاء الاصطناعي.

استخدم الكيان الصهيوني كل هذه التقنيات لضرب المقاومة، كما يجب الاعتراف بأنه استطاع اختراق أمنها. فعرف مكان قادتها واغتالهم فرداً فرداً. رغم كل همجية الكيان ووحشيته بالقتل، ورغم كل الدعم العالمي الذي يحظى به لقتل من يشاء، قادة أطفال شيوخ نساء أبرياء مدنيين…، بلا عقاب، فإنه  لم يفلح في القضاء على المقاومة في لبنان. أي هزم مجدداً بعد هزيمته الأولى على أيدي مقاومي (جمول).

من بطولات المقاومين التي تحولت إلى أيقونة ومثال يحتذى به، ووحشية قتله التي هزت أركان إنسانية الإنسان أينما وُجد، طبعاً الشعوب لا الأنظمة، وهزيمته أمام المقاومين خضع لصفقة سياسية قام بها الصهيو-أمريكي لاتفاقية وقف إطلاق النار. اتفاقية تتألف من 13 بنداً، لم تنشرها أي جهة رسمية في لبنان، وما يعرف عنها هو ما نشرته صحف العدو وقالت إنه نص الاتفاقية، تضاف إلى القرار 1701.

ومسألة نشر الوثائق إبهام آخر في العالم العربي المتستر على تسترته في الوقت الذي يمكن للجميع أن يحصل على المعلومات المتستّر عليها من أي وسيلة إعلامية غير عربية!

لن ندخل هنا بمدى قانونية هذه الاتفاقية لأسباب متعددة أولها: أن القرار 1701 قرار دولي وأي إضافة إليه بحاجة إلى موافقة الأمم المتحدة، وثانيا: لا يوجد في لبنان، وهذا أمر اعتيادي، لا رئيس جمهورية ولا مجلس وزراء، وثالثا: ندع هذا النقاش لخبراء القانون الدولي!

والاتفاقية بالنص تقول، في أحد بنودها، البند رقم 13، وغيره، بعد أن ترجم من العبرية، لأنه منشور في صحف العدو، إلى العربية:

(إعلان وقف الأعمال العدائية والالتزامات المتعلقة بترتيبات أمنية معززة نحو تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.

بعد مناقشات مع حكومتي الجمهورية اللبنانية (ويشار إليها فيما بعد بـ (لبنان() ودولة إسرائيل (ويشار إليها فيما بعد بـ (إسرائيل()، تفهم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا أن لبنان وإسرائيل يسعيان إلى إنهاء مستدام للتصعيد الحالي للأعمال العدائية عبر الخط الأزرق، وهما مستعدان لاتخاذ خطوات لتعزيز الظروف المؤدية إلى حل دائم وشامل. تعكس هذه التفاهمات الخطوات التي يلتزم بها كل من إسرائيل ولبنان من أجل التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، مع الإقرار بأن القرار 1701 يدعو أيضاً إلى التنفيذ الكامل للقرارات السابقة لمجلس الأمن، بما في ذلك (نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان(، بحيث تكون القوات الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في لبنان هي القوات المسلحة اللبنانية (LAF) وقوى الأمن الداخلي ومديرية الأمن العام والمديرية العامة لأمن الدولة والجمارك اللبنانية والشرطة البلدية (ويشار إليها فيما بعد بـ (القوات العسكرية والأمنية الرسمية للبنان(). لتحقيق ذلك، تفهم الولايات المتحدة وفرنسا النقاط التالية:

1- ستنفذ إسرائيل ولبنان وقفاً للأعمال العدائية بدءاً من الساعة 04:00 (بتوقيت إسرائيل/بتوقيت شرق أوربا) يوم 27 نوفمبر 2024 وفقاً للالتزامات الموضحة أدناه.

2- بدءاً من الساعة 04:00 (بتوقيت إسرائيل/بتوقيت شرق أوربا) يوم 27 نوفمبر 2024، ستمنع حكومة لبنان حزب الله وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية من القيام بأي عمليات ضد إسرائيل، ولن تقوم إسرائيل بأي عمليات عسكرية هجومية ضد أهداف لبنانية، بما في ذلك الأهداف المدنية أو العسكرية أو الحكومية الأخرى، على الأراضي اللبنانية برّاً أو جوّاً أو بحراً.

3- تعترف إسرائيل ولبنان بأهمية القرار 1701 لتحقيق السلام والأمن الدائمين، وتتعهدان باتخاذ خطوات نحو تنفيذه الكامل دون انتهاك.

4- لا تمنع هذه الالتزامات أيّاً من إسرائيل أو لبنان من ممارسة حقهما الطبيعي في الدفاع عن النفس، بما يتماشى مع القانون الدولي.

5- دون المساس بعمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) ومسؤولياتها، أو بالالتزامات الواردة في القرار 1701 والقرارات السابقة له، فإن القوات العسكرية والأمنية الرسمية اللبنانية، بما في ذلك بنيتها التحتية وأسلحتها، ستكون القوات المسلحة الوحيدة المنتشرة في منطقة جنوب الليطاني الموضحة في خطة انتشار القوات المسلحة اللبنانية المرفقة (ويشار إليها فيما بعد بـ (منطقة جنوب الليطاني().

6- ووفقاً للقرار 1701 والقرارات السابقة له، ولمنع إعادة إنشاء وتسليح الجماعات المسلحة غير الحكومية في لبنان، ستقوم حكومة لبنان بضبط ومراقبة أي عمليات بيع أو تزويد بالأسلحة والمواد ذات الصلة إلى لبنان. إضافة إلى ذلك، سيتم ضبط ومراقبة جميع عمليات إنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة داخل لبنان من قبل الحكومة اللبنانية.

7- لتنفيذ القرار 1701، وعند بدء وقف الأعمال العدائية وفقاً للفقرة الأولى، ستمنح حكومة لبنان جميع الصلاحيات اللازمة، بما في ذلك حرية الحركة، للقوات العسكرية والأمنية الرسمية اللبنانية، وستوجهها، بما يتماشى مع القرار 1701 والقرارات السابقة، إلى:

أ‌. مراقبة ومنع أي دخول غير مرخص للأسلحة والمواد ذات الصلة إلى لبنان أو عبر أراضيه، بما في ذلك جميع المعابر الحدودية.

ب‌. بدءاً من منطقة جنوب الليطاني، تفكيك جميع المنشآت غير المرخصة التي تنتج الأسلحة والمواد ذات الصلة، ومنع إنشاء مثل هذه المنشآت في المستقبل.

ت‌. بدءاً من منطقة جنوب الليطاني، تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة غير المرخصة والتي لا تتوافق مع هذه الالتزامات.

8- تعتزم الولايات المتحدة وفرنسا العمل ضمن اللجنة الفنية العسكرية للبنان تمكين وتحقيق نشر كامل لعشرة آلاف جندي من القوات المسلحة اللبنانية إلى جنوب لبنان في أسرع وقت ممكن. كما تعتزمان العمل مع المجتمع الدولي لدعم القوات المسلحة اللبنانية بما يتناسب مع تحقيق هذا الانتشار وزيادة قدراتها.

9- عند بدء وقف الأعمال العدائية وفقًا للفقرة الأولى، وبدون الإخلال بتفويض ومسؤوليات اليونيفيل بموجب القرار 1701 والقرارات السابقة، ستقوم إسرائيل ولبنان، بالتنسيق مع اليونيفيل، بإعادة صياغة وتعزيز آلية ثلاثية الأطراف (ويشار إليها فيما بعد بـ (الآلية(). ستتم استضافة الآلية المعززة والمُعاد صياغتها من قبل اليونيفيل، وستترأسها الولايات المتحدة، بمشاركة فرنسا، لمراقبة التزامات الأطراف والتحقق من تنفيذها والمساعدة في ضمان تنفيذها.

أ‌.  ستتعاون إسرائيل ولبنان مع الآلية وستسهلان عملها، وستضمنان سلامة المشاركين فيها.

ب‌. ستعمل الآلية بالتنسيق مع اللجنة الفنية العسكرية للبنان لتعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية تدريبها على تفتيش وتفكيك المواقع غير المصرح بها والبنى التحتية فوق الأرض وتحتها، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، ومنع وجود الجماعات المسلحة غير المصرح بها.

ت‌. إلى جانب عمل الآلية، سيستمر عمل اليونيفيل وفقًا لتفويضها، بما في ذلك الجهود التي تدعمها اليونيفيل من خلال دورها التنسيقي الذي يعزز فعالية الآلية.

10- ستقوم إسرائيل ولبنان بالإبلاغ عن أي انتهاكات مزعومة إلى الآلية واليونيفيل دون المساس بحقوقهما في التواصل المباشر مع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ستقوم الآلية بوضع الإجراءات المناسبة للتشاور والتفتيش وجمع المعلومات والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات.

11- عند بدء وقف الأعمال العدائية وفقًا للفقرة الأولى، سينشر لبنان قواته العسكرية والأمنية الرسمية على جميع الحدود، وكذلك في جميع المعابر الحدودية البرية والجوية والبحرية، سواء الشرعية أو غير الشرعية. إضافة إلى ذلك، ستقوم القوات المسلحة اللبنانية بنشر قواتها ووضع حواجز ونقاط تفتيش على جميع الطرق والجسور الواقعة على طول الخط الذي يحدد منطقة جنوب الليطاني.

12- عند بدء وقف الأعمال العدائية وفقًاً للفقرة الأولى، ستنسحب إسرائيل بقواتها بشكل تدريجي إلى جنوب الخط الأزرق. وفي الوقت نفسه، ستنتشر القوات المسلحة اللبنانية في منطقة جنوب الليطاني في المواقع المحددة في خطة انتشار القوات المرفقة، وستبدأ في تنفيذ التزاماتها بموجب هذه الاتفاقات، بما في ذلك تفكيك المواقع والبنى التحتية غير المرخصة، ومصادرة الأسلحة والمواد ذات الصلة غير المرخصة. ستقوم الآلية بتنسيق التنفيذ بين قوات الدفاع الإسرائيلية والقوات المسلحة اللبنانية للخطة التفصيلية الخاصة بالانسحاب التدريجي والانتشار، على ألا تتجاوز فترة التنفيذ 60 يوماً.

13- تطلب إسرائيل ولبنان من الولايات المتحدة، بالتعاون مع الأمم المتحدة، تسهيل مفاوضات غير مباشرة بينهما بهدف حل النقاط المتبقية المتنازع عليها على طول الخط الأزرق، بما يتماشى مع القرار 1701.

تفهم الولايات المتحدة وفرنسا أن الالتزامات المذكورة أعلاه سيتم قبولها من قبل إسرائيل ولبنان بالتزامن مع هذا الإعلان. تهدف هذه الالتزامات إلى تمكين المدنيين على جانبي الخط الأزرق من العودة بأمان إلى أراضيهم ومنازلهم. وتعتزم الولايات المتحدة وفرنسا قيادة الجهود الدولية لدعم بناء القدرات والتنمية الاقتصادية في جميع أنحاء لبنان لتعزيز الاستقرار والازدهار في هذه المنطقة)

انتهى النص

بعيداً عن تفصيل ونقاش كل نقطة منه لتوضيح مضامينه، لكن الأبرز فيه، وهي نقطة لم يعلنها أحد مسألة تتعلق بالخط الأزرق. فالإعلام الصهيوني نشر خريطة مرفقة مع اتفاقية وقف إطلاق النار يوضح فيها مسألة الحدود، وهي لا تتوافق مع الخط الأزرق، بل خط جديد يحمل تسمية خط 2024! من دون أن تتضح ماهية هذا الخط الذي يتوافق بصورة كبيرة مع حدود نهر الليطاني، إلا أنه لا يتطابق معه في جزء صغير تحديداً في القطاع الأوسط! أي وفقاً للخريطة، فقد دفش الكيان الخط الأزرق مسافة ما يقرب 1 كم باتجاه الداخل اللبناني وتحديداً عند منطقة قريبة من بنت جبيل اللبنانية، ومدن أخرى موضحة بالخريطة! فأي خط أزرق سوف يحدد الحدود بين الكيان ولبنان؟ ويبقى فتيل الاشتعال قائماً.

السؤال الآخر والذي هو بحاجة إلى نقاش معمق يتعلق بمسألة لماذا لبنان، كدولة، لا يُعلن مقاومة العدو ويترك الأمر لأحزاب مقاومة تقاومه؟

نعم لقد عادوا إلى أرضهم منتصرين لعدم قدرة جيش الكيان على احتلال الأراضي التي دخلها. وما زال السؤال مطروحاً هل تضمنت صفقة وقف إطلاق النار بين الطرفين، إطلاق يد الكيان، بضمانات أمريكية عالمية، لاستمراره في القضاء على الشعب الفلسطيني ومقاومته وضم الضفة الغربية إلى هذا الكيان؟ ويبدو أن ترامب متجهز تماماً، وفقاً لفريق عمله في المنطقة، لإعلان ضم الضفة الغربية إلى الكيان! والسعودية مجهزة تماماً للاعتراف علناً بالكيان وللتطبيع! وهكذا تنتهي القضية الفلسطينية!

بالنسبة لكل مقاوم للكيان ولكل مقاوم للاحتلال أينما كان في أي بقعة على الأرض ولكل مقاوم للعنصرية من فلسطين، وباتجاه فلسطين، مجدداً تنطلق مقاومة الاحتلال لأن فلسطين بوصلة النضال المستمر حتى تحرير كل أرض فلسطين. عائدون منتصرون ليس إلى جنوب لبنان وبقاعه وضاحيته فقط، بل إلى فلسطين أيضاً.

المصدر: جريدة الاندبندنت البريطانية

 

 

العدد 1140 - 22/01/2025