الأتمتة.. ما نفعها للبطون الجائعة؟

وحيد سيريس:

دولة الصين التي كان تعداد سكانها يفوق المليار نسمة قبل عشرات السنين.. قامت بأضخم ثورة زراعية واستطاعت إطعام شعبها.. ثم التفتت إلى الصناعة لتحقق ثورة صناعية عظيمة.. وأول ما صنعته هو الصناعات المرتبطة بالزراعة والإنتاج الحيواني.. ولم يكن آنذاك سوى الاتصالات الأرضية.. فلا حواسيب ولا جوالات.. ولا إنترنت، من كل الأجيال.. الآن يتنعم شعب الصين بالجيلين الخامس والسادس.. وتقنياتهما من صناعتها.

في سورية، يتحدث بعض المسؤولين، عن ضرورة تحسين النت وإدخال الجيل الخامس.. مع أن غالبية المواطنين يدفعون مبالغ كبيرة قياساً لدخولهم وهم لا يحصلون على خدمة نت جيدة.. وقلة منهم يستفيدون وفي بعض الأوقات من اليوم فقط، من خدمة النت من الجيل الرابع، في إهمال فاقع لأولويات حياة الشعب السوري وضروريات حياته.

ما يلزم سورية أولاً هو أن يشبع شعبها، كل شعبها، الطعام.. فالأمن الغذائي هو الأولوية القصوى لأي دولة وشعب.

الحكومة الجديدة التي هي قيد التشكيل، عليها الاهتمام ووضع برامج لشيئين أساسيين: الزراعة بشقيها النباتي والحيواني، والطاقة.. وبعد الوصول إلى الأمن الغذائي وأمن الطاقة.. أتمِتوا ما تشاؤون.. وطوِّروا الاتصالات.. بشرط أن تكون بمتناول الجميع، وليس للنخبة الممتلئة فقط، ولكي تكون كذلك يجب أن تكون متناسبة مع متوسط الدخل للمواطن السوري.

التجربة الصينية الفائقة بنجاحها المذهل، تستحقّ بجدارة أن تحتذى، هي في متناول كل الدول والحكومات، ليست ألغازاً ولا أحجيات، تحتاج إلى قيادة حكيمة ونزيهة للاقتصاد، تأخذ قرارات بسيطة وعملية، ببرامج تُحشد كلُّ الطاقات لإنجازها.

عليكم أن تشبعوا البطون أولاً.. وتنوروا حياتهم بالطاقة الفعالة المستدامة والرخيصة.. وهي إحدى البنى التحتية الأساسية للإنتاج الزراعي.. ثم فكروا بأشياء أخرى أقل أهمية.. مثل تعميم الأتمتة.. أو إدخال خدمة الأجيال الجديدة من الاتصالات وتقنيات أحدث للتواصل الاجتماعي، لأن الجائع لن يتواصل إلّا مع بطنه إذا كانت خاوية.

العدد 1140 - 22/01/2025