الباحث والمؤرخ يوسف دبيسي…. راحلاً
إننا إذ نودع اليوم 6/5/2018 فقيدنا الشيخ أبا زياد يوسف الدبيسي، في رحلته الأخيرة إلى جوار ربه، فإننا نودع فيه إنساناً نبيلاً متواضعاً، مربياً فاضلاً، كاتباً جاداً، باحثاً كفؤاً، ومؤرخاً منصفاً، لا يخشى في قولة الحق والدفاع عن مؤونة أبناء جدلته من الخبز والحرية، لومة لائم ولا ظلم ظالم.
أحب يوسف سليم الدبيسي التاريخ مذ كان صبياً، يستمع إلى جلساء مضافة والده، يتحدثون مؤرخين محطات حيواتهم وعاديات أحوالهم، بحملة ممدوح باشا وسنة سامي باشا.
شاهد جمال عبد الناصر، واستمع إليه خطيباً مرات عدة في عهد الوحدة، وخلص من ذلك إلى أن جمالاً رجل يندر أمثاله في الإنسانية والعروبة والوطنية.
التقى كمال جنبلاط غير مرة، وبات معجباً بعلمه وفكره وسعة أفقه وتواضعه، وجمعته بسلطان الأطرش مقتضيات عمل، خرج منها مدهوشاً بهيبة سلطان وأناته وقلة كلامه ورصانته.
لقد طرز أبو زياد سحابة عمره التي امتدت قرناً كاملاً بالدرس والبحث والعمل الدؤوب والمكافحة: فكراً وقلماً ولساناً، عاملان اثنان تجاذبا طفولته، وتوزعا يفاعته، وتحولا هاجساً تتمحور حوله إحداثيات حياته، هما التاريخ والإيمان، التاريخ بمعناه الاجتماعي الإنساني، بما هو سجل تضحيات الآباء والأجداد وطقوسهم وعاداتهم بالذود عن الأهل وكرامتهم وترابهم، التاريخ كوطن، والإيمان بمعناه الشمولي، بما هو حسن عمل ومعاملة ومرجعية لتفسير الخلق والمخلوق، الإيمان كمحبة وصلة وارتقاء.
بشموخ الحزن والأسى، وشغاف الأكف والأفئدة، نشيّع اليوم طاهر جثمان فقيدنا إلى مثواه الأخير في سويدا الجبل، جبل السوريين والعرب، إلى التراب الذي طالما عطره بصدق نصه وعرق جبينه وكدح يمينه.
برحيل الأستاذ الباحث المؤرخ أبي زياد يوسف سليم الدبيسي نفقد قامة من رجالات الوطن الأوفياء، واكب الثورة السورية الكبرى عام ،1925 عاين مجرياتها، أحداثاً ومواقع واجتماعات ومراسلات، شاهد وصوّر كثيراً من مخلفاتها من أسلحة ودمار وسواه.. حاور بخصوصها غير مشارك ومسؤول ومهتم، وتوّج جهوده بمحاورة قائدها العام سلطان باشا الأطرش وتدوين مذكراته.
لفقيدنا الرحمة والغفران.. ولذويه الصبر والسلوان، ولسورية الفخر بـ(يوسفها) البار مقيماً وراحلاً.
الراحل في سطور
– ولد الراحل يوسف سليم الدبيسي عام 1918 في قرية الكفر من محافظة السويداء.
– تعلم في مدارسها ودرّس فيها بعد تخرجه في دار المعلمين في دمشق.
– نال إجازة في التاريخ من كلية الآداب في جامعة دمشق.
– تقدم للدراسات العليا في مصر، وكان الانفصال وراء عودته منها وانقطاعه عن الدراسة.
– توفي ودفن في مدينته السويداء نهار 6/5/2018.
من أعماله:
1- (مذكرات سلطان باشا الأطرش) ثلاثة أجزاء، بالاشتراك مع المرحوم الأستاذ صلاح مزهر.
2- (أهل التوحيد) خمسة أجزاء.
3- (تاريخ الحرب الأهلية في بلاد الشام)، وهي مجموعة وثائق لم يمكنه كبر سنه وضعف بصره من صياغتها ونشرها.