كيف تساعدك الـ (٣٠٠ ألف) على الرحيل سريعاً!

ريم سويقات:

بعد أن اصيب المواطن السوري بحالة من الدهشة، حين علم أن حجز الدور على المنصة الإلكترونية الخاصة بجوازات السفر لبعض المواطنين وصلت إلى عام ٢٠٢٤، أصابه شعور (بالإعجاب) أيضاً، فقال بعض المواطنين الذين قرؤوا نص قرار وزارة الداخلية: (واو!) و (واوا على جيوبنا!).

فقد أطلقت وزارة الداخلية في تعميم نشرته في ٢٤/٥/٢٠٢٢: (يستوفى بدل خدمة ورسم بمبلغ وقدره ٣٠٠ ألف ل. س، لقاء الحصول على جواز السفر الفوري، بصرف النظر عن حجز الدور على المنصة الإلكترونية الخاصة بجوازات السفر، وذلك جاء حرصاً من الوزارة على تلبية رغبة الإخوة المواطنين الذين هم في أمسّ الحاجة الضرورية للحصول الفوري على خدمة جواز السفر).

ولا ندري هنا، هل الهدف هو فقط إثبات النيّة الطيبة لحكومتنا بتسيير أمور (رعاياها) الذين يودّون السفر سريعاً، أم أن هناك أهدافاً أخرى؟!

تعود بداية (الحل السحري) للحصول على جواز السفر المستعجل إلى شهر تشرين الثاني من العام الفائت، حين أعلنت وزارة الداخلية استعدادها لإصدار الجواز خلال يوم واحد فقط، لقاء دفع ١٠٠ ألف ل.س، وفي حينه كان قد تراجع سعر صرف الليرة السورية إلى ٣٤٨٠ أمام الدولار الأمريكي الواحد.

إن الزيادة التي قفزت بنسبة 300 % اليوم للحصول على جواز السفر المستعجل، ربما لن تشكل فرقاً كبيراً لدى بعض المواطنين السوريين المقتدرين، فعملية حصولهم عليه تتطلب دفع أموال طائلة للموظفين في إدارة الهجرة والجوازات وكذلك للسماسرة، بهدف التمكن من حجز الدور وإصدار الجواز، وهذا كان قبل إنشاء المنصة الإلكترونية، وعادت الرشا من جديد بعد عدم تمكن البعض من حجز الدور على المنصة لصعوبة الحجز عليها.

إذاً ربما يكون الفرق الوحيد هنا بالنسبة لهؤلاء المقتدرين، هو دفع ٣٠٠ ألف ل.س دفعة واحدة بدلاً من دفعها رشوات متفرقة (على عينك يا تاجر!).

كان سبب تأخّر الحصول على الجواز في السابق والذي يستمر لشهور طويلة يعود إلى تأخر وصول المواد الأولية اللازمة لصناعة الجواز وطباعته، وذلك حسب ما قيل حينها، ما السبب اليوم في تأخير الإصدار لدرجة تصلُ إلى عامين كاملين؟!

ارحموا جيب المواطن، إذ من غير المعقول أن يتم الاعتماد على جيبه فقط في كل مرة يصدر فيها قرار (على أساس أنه يصب في مصلحته)، ففي ظلّ انخفاض القدرة الشرائية للمواطن ينطبق عليها المثل الشعبي (من تحت الدلف لتحت المزراب) إذ يضطر إلى السفر بهدف العمل وتحسين وضعه المادي، وقد سافر سوريون كُثر بطرق غير شرعية أودت بحياة بعضهم إلى التهلكة: إما الموت غرقاً.. أو السجن.

بدلاً من إرغام المواطن على دفع مبالغ طائلة استغلالاً لحاجته في هذا الأمر، ماذا لو عمدت وزارة الداخلية مشكورة إلى زيادة عدد الموظفين في إدارة الهجرة والجوازات، وإصدار العقوبات اللازمة بحق الفاسدين، والاهتمام برفع مستوى الخدمة المقدمة بالاعتماد على التقنيات الإلكترونية، فقد سمعنا مثلاً أن بعض البلدان تعتمد على أكشاك إلكترونية في الشوارع لإصدار الجوازات!

ما رأيكم، دام عزّكم!؟

العدد 1140 - 22/01/2025