نعم.. نحن نعاني، لكننا سنصمد في مواجهة (كورونا)

كتب رئيس التحرير:

ما واجهته بلادنا، وما عاناه شعبنا خلال سنوات الأزمة والغزو الإرهابي، ستفرد له آلاف الصفحات. الأمر هنا لا يتعلق فقط بالمجازر والحرق والتدمير الممنهج لكل ما بنته سواعد السوريين، ولا لفقدان الأبناء والتهجير القسري والبطالة والفقر والمعاناة المعيشية في ظل همجية الإرهابيين، والعدوان واجتياح الأرض السورية، ولا بحصار جائر وعقوبات علنية وسرية.

لقد كان الهدف إركاع دولة لم تقل نعم لمخطط أمريكي صهيوني لشرق أوسط جديد، يديره الدركي الصهيوني، وترهيب شعب عانى لعقود من منغصات سياسية وديمقراطية واقتصادية واجتماعية، لكنه رفض الإرهاب الأسود، ورفض مخططات الهيمنة الأمريكية، ورفض أيضاً تسيُّد الصهاينة لمنطقة هي المجال الوحيد للهواء الذي يتنشقه.

في كل المنعطفات التي واجهت شعبنا الصابر خلال سنوات الجمر، كان يرفض الركون إلى اليأس، بل كان مارداً كبيراً وقف خلف جيشه الوطني، جيش أبنائه، في مواجهة الغزو الإرهابي والعدوان المباشر، لإيمانه الراسخ بأن النصر النهائي على الغزو والعدوان، سيفتح الآفاق نحو سورية المتجددة، سورية التي تجمع السوريين، سورية الديمقراطية.. العلمانية.. التقدمية، التي تعظّم قيم الفداء والتضحية دفاعاً عن الأرض والسيادة، وتعلّي من كرامة المواطن السوري.. وحريته.. وسعادته.

وبعد الإنجازات التي حققها جيشنا الوطني في استعادته لمعظم الأرض السورية من سيطرة الإرهابيين، وحصر بقيتهم في بؤر محدودة، ومواجهته للعدوان التركي والاحتلال الأمريكي، ارتفع منسوب التفاؤل لدى المواطنين السوريين بقرب تحقيق الانتصار النهائي، ووضع نقطة النهاية لمرحلة صعبة، ربما ستصبح منعطفاً رئيسياً في تاريخ سورية الحديث.

المطلوب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، ونحن نواجه فيروس (كورونا)، التمسك بتفاؤلنا، وبإيماننا الراسخ بأن بلادنا التي واجهت المحن المؤلمة، وشعبنا الذي صبر على المعاناة القاسية، قادران على تجاوز هذه المحنة الجديدة، والخروج بأقل الخسائر، والمضي بعد ذلك إلى النضال من أجل تحقيق طموحات شعبنا السياسية والديمقراطية والاجتماعية.

صحيح أن هذا الوباء وصل إلى بلادنا في ظرف تعاني فيه من تداعيات الغزو والعدوان والحصار، وتراجع إيرادات الخزينة العامة، وركود القطاعات المنتجة، وأن شعبنا يقاسي الأمرّين للحصول على احتياجاته الأساسية، لكن الصمود في وجه (كورونا) اليوم يمثل ذروة تحدي بلادنا وشعبنا لكل ما يعيق بناء سورية المستقبل.

الحكومة، رغم التسرع في اتخاذ بعض القرارات كما يحدث أمام كوات الصرف الآلية- تتفوق على نفسها، وتسابق الزمن في اتخاذ الاحتياطات والتوعية وتسهيل بقاء المواطنين في منازلهم، ومازال عليها الكثير لتفعله، بهدف تجنيب المواطنين الخروج من المنازل، وخاصة تأمين وصول الخبز والمواد الأساسية والمواد المعقمة والرواتب إلى المواطنين بطريقة تجنّبهم التجمع.. والازدحام أمام الأفران ومراكز التسوق، ونقترح هنا تفعيل دور لجان الأحياء والمخاتير لأداء هذه المهام.

إن النجاح في التصدي لهذا الفيروس الخطير يعني الكثير لسورية وشعبها، وهو أمر نستطيع تحقيقه إذا ما حافظنا على تعاضدنا الاجتماعي، ووعينا بأهمية ملاقاة الإجراءات الحكومية، والتفاعل الإيجابي مع الإرشادات الصحية، ولجم الإشاعات والأخبار الملفقة التي تبثها المواقع المعادية لبلادنا وشعبنا، وهي تهدف إلى زرع اليأس والهلع في نفوس السوريين.

فليؤدِّ كلٌّ منّا واجبه في محاربة (كورونا)!

إننا، في الحزب الشيوعي السوري الموحد، واثقون من نجاح شعبنا في تخطي هذا المرحلة الصعبة، وأنظارنا موجهة إلى مستقبل سورية الذي نريده خالياً من الإرهاب.. والاحتلال.. والاستئثار.. والفقر.. والبطالة.. مستقبل ديمقراطي.. علماني.. تقدمي يليق بأبناء سورية.

العدد 1140 - 22/01/2025