بين التعنت والتردد… المعارضة السورية لا تطرح موقفاً والسر لدى القوى الدولية… الولايات المتحدة وروسيا خصوصاً

أن ترجع قوى المعارضة لدى كل اختبار للإمكانات المطروحة لإيجاد خرق في الواقع الذي يزداد تراجعاً مأسوياً، إلى مربعها الأول، مربع إسقاط النظام والتنحي، فذلك لا يعني أكثر من التعنت اللاموضوعي والتردد الذي يشي بوضوح، أن خلف ما تعلنه قائلاً يقول!

لا أعتقد أن بين قوى المعارضة اليوم من لا يعرف أن لا سبيل لإسقاط النظام أو للتنحي.. السبل المتاحة تدور بين الخراب الكامل لسورية، وتغيير النظام.. وشتان ما بين الأمرين، التغيير والإسقاط معه التنحي.

تبدي بعض قوى المعارضة تفهماً لأوّلية الحوار، الذي يمكن أن يقرر أوجه التغيير وشكله وأعماقه (هيئة التنسيق مثلاً)، في حين أنه كلما بدرت من الائتلاف بارقة أمل عاد ليحيطها بالشروط التي تلغي كل أمل فيها. وبالأمس أعلن في اجتماعه بالقاهرة الشروط نفسها التي تعيد القضية إلى مربعها الأول.

ما يصلنا إما كلام للاستهلاك، وإما صوت يتحدث باسم غيره.. وكل موضوعي تعامل مع الحدث السوري يعلم أن ذلك لا يصح مدخلاً للحلول ولا للعمل عليه بمقتضى حسن النيات.

عروض الائتلاف السوري المعارض، لا تخرج عن هذا ولا عن ذاك، بل هي تأخذ من المنهلين. من جهة أولى تضع المقدمات نفسها التي تفقدها، أي قدرة للتحرك، وأي تمثل لحسن النيات. ومن جهة ثانية تضع شروطاً يبدو من خلالها أنها تتحدث باسم غيرها؟!

لذلك تبدو مترددة متواترة منتظرة من يرد عليها، ولا نتوقع أن يكون من رد ما لم تظهر جدية التحول في المواقف باتجاه البحث عن الحل السياسي، وإعلان فقدان الأمل بالحلول العسكرية، مما يعني أن تخرج نهائياً من أي تفكير بتدخل عسكري خارجي في سورية. لكن السؤال: هل يملك أي من أطراف المعارضة القول الفصل في التوجه للحوار؟ أو في تنفيذ ما يقرر بموجبه، ولاسيما على صعيد الهدف الأول للحوار والتحرك السياسي؟ أم أن ترددها وتعنتها يعكس خلافات القوى التي تقف خلفها؟

لقد كانت الخطوة المثلى للمعارضة، كي تتمثل حسن النيات وتتلقى رداً على ما يعرض، أن تبني على المبادرة السياسية السورية ­ مبادرة الرئيس الأسد­ التي تمضي الحكومة السورية اليوم بتنفيذها.. وفي إطار ذلك هناك ما يستجيب فعلاً لطلبات المعارضة وشروطها أو معظمها على الأقل. أنا لا أطالب بالتقيد بالمبادرة والخضوع لما تطرحه، بل أقول الانطلاق منها وما تحويه من أسس متتالية لبدء الحوار.

لكن هل هي تملك هذا الحق؟

العدد 1140 - 22/01/2025