استحقاقات الحل السياسي تبلبل مواقف المعارضات وداعميها

منح تنصُّل بعض الأطراف الموقعة على اتفاق جنيف من التزاماتها، المعارضات المسلحة والمجموعات الإرهابية مزيداً من الوقت لمواصلة نهجها التدميري، ولعرقلة جهود الأطراف الإقليمية والدولية بشأن تهيئة مقدمات الحل السياسي.

وبذلت الدبلوماسية الروسية جهوداً حثيثة لإقناع أطراف الأزمة في الداخل،والأطراف الإقليمية والدولية المعنية بقبول الحل السياسي. وأجرى وزير الخارجية الروسي لافروف لقاءات مع ممثلي الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، ومع نظرائه في بلدان الجوار السوري، ومع ممثلي الاتحاد الأوربي، لكن أطرافاً مؤثرة ظلت تعيق التقدم نحو حل سياسي، وتضغط على متشددي المعارضة لعدم قبول الدخول في حوار مع السلطة السورية.

وتحظى لقاءات لافروف الأخيرة لأطراف في الحكومة والمعارضة ولأطراف عربية ودولية بأهمية خاصة، إذ حدث اختراق على جبهة الأطراف الدولية المعيقة للحل السياسي، وأظهر جون كيري، وزير الخارجية الأمريكية الجديد، تفهماً مختلفاً في مقاربة الأزمة، ولقاؤه مع لافروف في برلين يفتح أفقاً لوضع مقدمات جدية لبدء حوار مباشر بين السلطة السورية والمعارضة.

وظهرت بلبلة واضحة في صفوف (الائتلاف الوطني السوري) منذ طرح مبادرة الرئاسة السورية للحل السياسي، إذ رفضها الائتلاف أول الأمر، ثم أبدى رئيس الائتلاف معاذ الخطيب استعداداً مشروطاً للحوار مع ممثلي الحكومة السورية، وتلقى دعوة من موسكو لشرح رؤيته، ثم ألغى زيارة موسكو بضغوط وإغراءات قطرية وسعودية وتركية وفرنسية.. وظهرت البلبلة في مواقف الائتلاف حين عدّ تفجيرات الخميس الماضي في المزرعة بدمشق عملاً إرهابياً، وكان قد عدّ التفجيرات العديدة المماثلة التي وقعت طوال الأزمة أعمالاً (مشروعة ومجيدة).

ونعتقد أن استحقاقات الحل السياسي تتقدم الآن على مناورات الإعاقة، ولن يكون المهم في هذه المرحلة كشف الأطراف المعيقة والمتشددة، بل سيتركز الاهتمام على تنفيذ الدول الداعمة أو الراعية لالتزاماتها تجاه الحل السياسي، الذي أكد الجميع ضرورة التوصل إليه، وتفهموا أن التأخير في ذلك مكْلف للجميع.

ونرى أن تتحرك خطوات الحوار الداخلي بوتيرة أسرع، وأن تُدعَم اللجنة الحكومية واللجان الفرعية بورشات تخصصية حقوقية واقتصادية وسياسية واجتماعية، لها دينامية الاتصال بالأطراف المؤثرة على المعارضين وعلى المسلحين والبيئات الحاضنة لهم، والجدية الداخلية في التحرك وتغطيتها النوعية إعلامياً، تتلاقى مع الجهود الدولية والإقليمية، وتقلَص هامش المناورة والنفاق لدى الأطراف المعيقة.

العدد 1140 - 22/01/2025