10 آلاف مركبة للنقل الداخلي
النقل الداخلي هو شريان الاقتصاد والمجتمع، وهو مؤشر كبير الأهمية على تطور الاقتصاد في أية دولة، فلماذا تتقاذفه الأهواء والمصالح بعيداً عن مصلحة الجمهور؟ إن معاناة المسافرين في النقل الداخلي اليومية في الذهاب والإياب كبيرة ومأسوية أحياناً بالنسبة للبعض في تزاحمهم وتدافعهم وصراعهمّ! بلغ عام 2000 عدد مركبات النقل الداخلي في الشركات العامة الأربع في دمشق وحلب وحمص واللاذقية 1531 مركبة. يقدر عدد الذين استخدموا وسائل النقل الداخلي يومياً 2 مليون نسمة يومياً، ونحو 730 مليون سنوياً. ينتقل نحو مليون نسمة يومياً في مركبات خاصة أو حكومية يعملون في الإدارات العامة ومؤسسات القطاع العام. بلغ عام 2001 عدد سيارات الأجرة 36840 يقدر أنها نقلت نحو 4 ملايين يومياً.
انتقل نحو 5.2 ملايين مشياً على الأقدام أو على دراجات هوائية. النقل الداخلي يتبع في دول العالم لوزارة النقل، أما في قطرنا، فيتم إلحاق بعض شركاته لمحافظة مدينة دمشق، لماذا؟ والتي خصخصته. هذا إجراء غير رشيد! ينبغي الرجوع عنه وإعادة تبعية شركة النقل الداخلي لوزارة النقل. النقل الداخلي قطاع عام في شتى الدول المتطورة، لأنه خدمة عامة ولا يجوز أن يكون قطاعاً خاصا، لأن القطاع الخاص يبغي تعظيم أرباحه أينما توجه. المطلوب من تعرفة النقل الداخلي أن تقارب الكلفة، لا أن تكون مصدراً فاحشاً للربح، كما هي الآن في تعرفه شركات النقل الداخلي ذات المركبات الكبيرة وهي 25 ل.س ، وفي تعرفة المركبات الصغيرة (الصراصير) 15 ل.س. وقد تراوحت هذه التعرفات في مطلع عام 2012 بين 7-15 ل.س على كل سفرة. عندما ننطلق من أن حجم الأسرة 5 أشخاص وسطياً، فهي تحتاج إلى 50 ل. س يومياً للتنقل للذهاب ومثلها للإياب، أي أنها ملزمة بإنفاق 3000ل.س شهرياً في حال سفرة واحدة ذهاباً إياباً، فكيف إذا كان عليها أن تستخدم أكثر من مركبة أو أن تنتقل أكثر من مرة؟! علماً أن الحد الأدنى للأجور هو نحو 10آلاف ل.س فقط، فكيف يسدد المشتغل بقية النفقات من أجرة سكن وطعام ولباس وثمن محروقات للتدفئة والماء الساخن والكهرباء والغاز وفاتورة الطبيب وثمن الدواء؟ فماذا يفعل الآن بعد ارتفاع تعرفة النقل لتصبح بين 15-25ليرة؟ هذا ظلم فادح للجمهور،الذي يعاني من ويلات حرب الاستنزاف التي يشنها العدو الاستعماري الأمريكي الأوربي الصهيوني على القطر العربي السوري عبر أدواته العديدة مثل (إمارات النفط) وتر كيا والتكفيريين من قتل ونهب وسلب وتدمير. يتصدى الجيش العربي السوري لهم ببسالة منقطعة النظير والشعب صامد متماسك. يسلط العدو الاستعماري رموز الفساد لإضعاف صموده عبر (التضخم الجامح) الذي مهد الطريق له الفكر الليبرالي المتوحش، الذي يهدد بتدمير المجتمع والاقتصاد، دون أن تتصدى له الإدارات الاقتصادية المتعددة! ليس النقل الداخلي مجال تشكيل الأرباح، فليتوجه القطاع الخاص لتعظيم أرباحه في القطاعات السلعية من زراعة وصناعة وغيرها. ليوظف استثماراته في مشاريع مربحة ربحاً معقولاً ويساهم بذلك في إعمار الاقتصاد. يبرر الربح في النظرية الاقتصادية بالمخاطرة والإبداع. النقل الداخلي هو خدمة للمواطنين ولا يجوز أن يكون ميداناً للربح. إذا كان النقل الداخلي (أعرج)، فأين ستتجه عربة الاقتصاد؟ النقل الداخلي مدعوم في الدول المتطورة نقلياً، فلماذا يتم خصخصته؟ أين ذهبت مركبات شركات النقل الداخلي التابعة لوزارة النقل؟ ولماذا؟
كيف يكون الحل الرشيد اقتصادياً
1- يصار إلى تصفية حسابات شركات النقل الداخلي الحالية. ويصار إلى البدء بميزان افتتاحي جديد.
2- تصفى ديون هذه الشركات مع صندوق الدين العام وشتى التشابكات مع غيره من الوزارات والإدارات. تعطى رأسمالاً كافياً لتمارس عملها.
3- تثبت تبعيتها بشكل دائم لوزارة النقل، الجهة الوحيدة المشرفة عليها.
4- تنسق جميع المركبات القديمة،لأنها مستهلكة فنياً واقتصادياً ويتم بيعها.
5- يتألف رأسمال شركات النقل الداخلي من قيمة المركبات الجديدة وقيمة الأراضي التي تستخدم للرحبة والمرآب والمستودعات وورشات الصيانة التي ينبغي تحديث معداتها، بما يتناسب مع الاحتياج الجديد للمركبات العاملة على الغاز.
6- تزود كل شركة منها بأسطول جديد كجزء من رأسمالها من المركبات التي تعمل على الغاز أو الكهرباء المولدة اعتماداً على الطاقة الشمسية.. علماً أن كلفة تحويل المركبة للعمل على الغاز بضعة آلاف ل.س للمركبة. وقد دأبت الأمم المتحدة منذ عقود على تقديم دعم مالي لتحويل المركبات للعمل على الغاز لأنه صديق للبيئة. يوجد الكثير من محطات تعبئة الغاز في الولايات المتحدة وألمانيا ومصر والهند وفنزويلا والجزائر وإيطاليا وغيرها.
7- تشاد محطات تزويد بالغاز في عدة مواقع جغرافية تحددها الضرورة الفنية والاقتصادية في المدن الكبيرة لتزويد المركبات بالغاز، أو محطات توليد الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية.
8- ثمة مزايا عديدة عند استخدام الغاز:
أ) يخفض الكلفة الجارية لاستهلاك الوقود كثيراً عند استخدام الغاز بدلاً عن المازوت سواء بالنسبة للناقلين للركاب أو السلع وبالنسبة للاقتصاد الكلي.
ب) أقل تلويثاً للبيئة من المازوت بنسبة 90%.
ت) أقل خطراً في حالة حوادث السير.
ث) العمر الفني للمركبات يكون أطول من تلك التي تعمل على المشتقات النفطية.
ج) الغاز متوفر بغزارة في القطر العربي السوري والأقطار العربية الأخرى والدول الإسلامية.
9- إعداد دورات تأهيلية للسائقين والجباة للعمل على المركبات الجديدة، سواء من الناحية الفنية أو حول آداب التعامل مع المسافرين.
10- إعداد دورات تأهيلية للفنيين وعمال الصيانة والإصلاح وإدخال باب الصيانة الدورية وليس إصلاح الأعطال فقط.
11- تسليم كل مركبة لعدد معين من السائقين، يتناوبون كـ(فريق عمل) في ورديات العمل عليها بشكل مستمر، ليصبحوا مسؤولين عن صيانة المركبة والعناية بنظافتها بشكل دائم.
12- يخصص سجل خاص لكل مركبة، يتضمن أسماء السائقين الذين يتعاقبون عليها وساعات عملهم يومياً على مدار العام وشتى حوادث السير والإصلاحات مع تواريخها والاستهلاك اليومي والتراكمي لعام كامل.. إلخ.
13- تأمين ساحات في نهاية كل خط للتوقف القصير للمركبات، حتى تنطلق في رحلة جديدة.
14- تعد في بداية ونهاية كل خط استراحة للسائقين والجباة تضم غرفة للانتظار ومقصفاً لتناول الطعام والشراب الساخن ومرافق صحية.
15- تتولى المحافظة أو البلدية في كل مدينة تأمين مرافق صحية مجانية للمسافرين والجمهور بشكل عام، يحدد فنيون مختصون عددها ومواقعها، انطلاقاً من عدد المسافرين والمارة حفاظاً على نظافة المدينة. إن إتاحة تأمين نظافة المدينة سلفاً بتوفير المرافق العامة الكافية، أقل كلفة من التنظيف اللاحق المستمر، عندما لا تكون هذه المرافق العامة متوفرة. إن تأمين النظافة سلفاً هو استثمار في الوقاية الصحية.
16- الصيانة الدورية للمركبات حسب ما تحددها كتب الصيانة الدورية التي ينبغي تعريبها مع استلام المركبات الجديدة يومياً وأسبوعياً، وتملأ بالوقود يومياً وتنظف قبل بدء العمل.
17- تزويد جميع شركات النقل الداخلي في القطر بنوع واحد من المركبات العاملة على الغاز أو الكهرباء، وتتولى جهة فنية واحدة في وزارة النقل الاختيار والشراء، وكذلك شراء محطات التزويد بالغاز وتوفير مستودعات قطع الغيار الرئيسية. يتم تحضير مستودعات قطع الغيار الفرعية في كل شركة نقل داخلي، تتزود من مستودع قطع الغيار الرئيسي. يؤمن ذلك ما يلي: أ) الحصول على حسم جملة جيد. ب) سهولة الحصول على قطع الغيار بأسعار اقتصادية بسبب الكم الكبير. ت) سهولة تبادل الخبرات وطرق الصيانة الدورية والإصلاح والتشغيل.
18- حساب الكلفة الاقتصادية للسفرة الواحدة وحساب السعر الاجتماعي لها بما يتناسب مع مستوى الأجور والمعيشة لغالبية الجمهور، يتم تحديدها بالتعاون بين هيئة تخطيط الدولة ونقابات العمال مثلاً.
19- دعم النقل الداخلي على حساب الخزينة في وزارة المالية، وليس على حساب شركات النقل الداخلي كما هو متبع حالياً، فتبدو الشركات (خاسرة) دوماً مهما كان أداؤها جيداً. وقتئذ فقط يمكن تقييم أداء كل شركة نقل داخلي عن طريق الربح والخسارة.
20- يمكن استخدام مركبات النقل الداخلي ومواقف المركبات للإعلانات لصالح شركات النقل الداخلي 70% والباقي لصالح المؤسسة العامة للإعلان. يمكن بهذا تغطية الدعم المطلوب من الخزينة العامة وربما الاستغناء عنه نهائياً.
21- إنشاء شركات نقل داخلي في جميع المدن، لتأمين وصول المواطنين كافة، بشكل خاص قوة العمل والطلاب بأمن وراحة وسرعة، بين سكنهم ومقصدهم إلى موقع العمل والمدارس والجامعات وأينما أرادوا وبالعكس.
22- تحدد مواقف نظامية لمركبات النقل الداخلي مزودة بمظلة واقية بحيث تكون مساحة الانتظار فسيحة تتسع لعدد من المسافرين تحوي مقاعد للجلوس ولوحة تحتوي جدولاً زمنياً بأوقات مرور المركبات في كل موقف. وقد كتب بخط كبير اسم كل موقف لمركبات النقل الداخلي.
23- يضاف (رقم مضاء) كبير على كل مركبة بجوار (اسم الحي) الذي تقصده المركبة، كي يتسنى للمسافرين تمييز وجهة المركبات بيسر عن بعد. يرمز الرقم المضاء لمسار المركبة من أين وإلى أين، بحيث يكون لكل مسار رقم خاص به.
24- تكون بطاقات الاشتراك الأسبوعية والشهرية والفصلية والسنوية متاحة للجمهور بأسعار مشجعة لاقتنائها.
25- اختيار مركبات كبيرة ذات فسحات وتكون المقاعد قليلة، لتتسع المركبة لأكبر عدد من المسافرين خاصة في أوقات الذروة. وتخصص عدة مقاعد للمعوقين والمسنين والحوامل ويكون للمركبة 3 أبواب في الأمام لصعود الركاب الذين يحملون بطاقات اشتراك أسبوعية أو شهرية أو سنوية الخ. وفي الوسط للنزول حصراً وفي الخلف لدخول المسافرين الذين يحتاجون إلى شراء تذاكر للسفر حيث يجلس الجابي. تكون أرض المركبات مستوية ولا توجد فيها أدراج، كي يتحرك المسافرون بيسر وسرعة داخل المركبة.
26- تلغى الجباية الآلية لعدم جدواها الاقتصادية ويستعاض عنها بالجابي.
27- تباع تذاكر السفر داخل المركبات من قبل الجابي وفي أكشاك شركات النقل الداخلي.
28- تعمل مركبات النقل الداخلي قرابة 20 ساعة يومياً، لذلك من الرشيد تنسيقها كل 5 سنوات، قبل أن تكثر الأعطال وتستبدل بها مركبات جديدة من موارد الاهتلاك الذي ينبغي حسابه بمعدل 20% سنوياً إلى جانب الموارد الأخرى.
29- زيادة رأسمال الشركة بمركبات جديدة كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
30- يحصل المشتغلون في شركات النقل الداخلي من سائقين وفنيين وجباة وغيرهم على أجور جيدة تكفل لهم العيش الكريم، مما يرفع إنتاجية العمل لديهم ويحملهم على الحفاظ على المركبات وشتى العدد والتجهيزات، التي هي ثروة قومية، كأنها ملكهم.
31- يحصل العاملون في شركات النقل الداخلي سنوياً على حصة من الأرباح تعادل 25% لتقوية ارتباطهم بشركاتهم وتقوية حافز العمل لديهم.
32- تضاف مزايا عينية لجميع المشتغلين في شركات النقل الداخلي، من ثياب ملائمة للعمل شتوية وصيفية وأحذية للعمل. و تقدم لهم الوجبات الساخنة في مطاعم الشركات بأسعار مدعومة.
33- إجراء فحوص طبية عامة سنوية مجانية لجميع العاملين في شركات النقل الداخلي، حفاظاً على صحتهم وصحة المسافرين في مركبات النقل الداخلي.
34- ثمة مخطط لمسار كل خط، يتضمن مواقع وأسماء المواقف من نقطة الانطلاق حتى نهاية الخط، بشكل واضح كبير يعلق داخل كل مركبة.
35- تكون المسافة بين كل موقف والموقف الذي يليه 1 كم أو أكثر بقليل، حتى لا تتوقف المركبات كثيراً، مما يتيح للمركبات الوصول إلى آخر الخط بأقصر زمن.
36- الربط بين خطوط السفر في نقاط تقاطع،لتسهيل انتقال المسافر من مسار إلى آخر. ومن المفيد الإكثار من الخطوط الدائرية التي تربط عدة أحياء معاً بعد دراسة شبكة النقل في كل مدينة وبلدة.
37- ينبغي تحديد مسارات سريعة مخصصة للنقل الداخلي كما في الدول الصناعية، لا يسير فيها إلا مركبات النقل الداخلي و سيارات الإسعاف والحريق والمراسم. يوفر ذلك الوصول في أسرع وقت لقوة العمل وللطلاب ولمركبات الطوارئ.
38- تحديد مسار خاص للدراجات الهوائية إلى جوار رصيف المشاة في المدن وعلى الطرق بين المدن لضمان سلامة ركاب الدراجات الهوائية ولتشجيع وسيلة التنقل الرياضية دون محركات الصديقة للبيئة، لأن ذلك يخفف الضغط على وسائل النقل الداخلي وغيرها ويخفف الزحام. (تم إنجاز شبكة ممرات للدراجات الهوائية على الطريق الاتحادية في ألمانيا بطول 15 ألف كم حتى عام 2000).
39- لتخفيف الضغط على النقل الداخلي، يتم تسهيل انتقال المواطنين سيراً على الأقدام، وذلك بإنشاء أرصفة ذات مواصفات موحدة وارتفاع واحد في جميع المدن الكبيرة والصغيرة، وتأمين عبور الشوارع عند التقاطعات بسلامة وكرامة دون الاضطرار إلى (الهرولة) بالوسائل التالية: أ) وضع إشارات ضوئية.. ب) إقامة أنفاق للمشاة. ج) إنشاء جسور على مستويات مائلة تسمح بدفع عربات الأطفال وغيرها، وليس أدراجاً مراعاة للمسنين ومن يحملون أثقالاً.
نحتاج في الأعوام القادمة إلى أكثر من 10 آلاف مركبة، نستوردها على دفعات،لتحل مشكلة النقل الداخلي في جميع المدن وأحيائها حلاً رشيداً، فلنستوردها من إحدى الدول الصديقة وليكن من الصين مثلاً. و لتكن التعرفة 10 ل. س لا غير! لنبدأ بمداواة جراح المواطنين في خطوة أولية، بحل شامل لمشاكل النقل الداخلي في جميع المدن الكبيرة. لقد تم الاستيلاء منذ سنوات عديدة على العديد من أماكن انطلاق مركبات النقل الداخلي مثل (البرامكة) وغيرها وأبعدت مسافة 10 كم إلى (السومرية) ظلماً وتنكيلاً بالمواطنين، لإرضاء بعض (المستثمرين) لإقامة فنادق وغيرها! يقضي الرشاد الاقتصادي أن تعود كما كانت في السابق! النقل الداخلي ينبغي أن يظل ملكاً خالصاً للدولة،لأنه أحد رموزها وجزء من سيادتها الوطنية ولا يجوز أن يوضع تحت تصرف أحد، سواء أكان مستثمراً أجنبياً أو عربياً من قطر آخر أو من القطر العربي السوري. سرت شائعات عن رشا بقيمة 150مليون ل.س قد دفعت للحصول على خط سير واحد فقط!فكم دفع للحصول على الخطوط العديدة؟ أليس من الرشيد التحقيق في الأمر؟ ألا يدل ذلك على أن أرباح المستثمر الخاص كبيرة جداً في النقل الداخلي، دون أية مخاطرة، حتى يدفع هذه المبالغ إن صحت الشائعات؟ بالمناسبة لتخبرنا وزارة المالية عن حجم ضرائب الدخل التي يسددها لها سنوياً؟ النقل الداخلي خدمة تقدمها الدولة للمواطن ولا يجوز بأية حال أن يتولاها القطاع الخاص.