خاطرة ألم وبقايا أمل مع نهاية عام 2012
أخيراً دقت ساعة الزمن تعلن نهاية آخر يوم من (روزنامة) عام اتسم بكل أنواع العنف والقتل والدمار.. ومع نهاية هذا اليوم الأخير أيها العام العنيف ترحل بعيداً إلى فضاءات سحيقة لا رجوع منها أبداً.
وقد حزمتَ أمتعتك وحقائب سفرك، وفيها دواؤنا الذي نحتاج، وكل ما هو جميل ومفيد. ولم تترك إلا الداء القاتل الذي يكاد يفتك بنا جميعاً.. وحتى الألوان الجميلة التي نحب قد سرقتها عدا لونين هما: الأحمر والأسود.. فكان السواد يطغى على كل أيامك المريرة، حتى تحولت إلى ليال قاتمة. فكانت معظم أيامك الخوالي خالية من كل النهارات المضيئة المشرقة، لأن شمسك كانت على الدوام في حالة الكسوف التام. ويحك أيها العام المسافر كم كنت فظاً عنيفاً، إذ لم تتكلم إلا من فوهات البنادق والمدافع، ولم تستمع إلا إلى أزيز الرصاص ووقع الانفجارات، ولا تريد أن ترى إلا القتل والدم والدمار.
هكذا إذن تذهب أيها العنيف المتعجرف وتمضي، غير آبه لا تلتفت وراءك لترى أفعالك الرهيبة. فقد تركت وطناً يئن وينزف دماً.. وشعباً يبكي ألماً ويذرف دموعاً خوفاً على وطن.. وأرضاً كئيبة جدباء وقاحلة إلا من الأشلاء والدواء والحرائق، وأحياء وبيوتاً وشوارع وأزقة جميعها تنوح بكاء وحزناً على أهلها وناسها بعد أن دهمها الموت والخراب فأضحت مظلمة موحشة يتناثرها الغبار ويلفها الدخان الأسود. ويحك أيها الراحل الفظ العنيف، وتباً لكل أعمالك المدمرة القاسية وللآلام المبرحة والمتاعب الجمة التي قمت بها، ولا نزال نعانيها حتى الآن، فيا ليتك لم تولد ولم تأتِنا أبداً لكي لا نقاسي من موبقاتك وأيامك القاسية، ونغرق في ظلام دامس وسجن رهيب.
فكم وكم نحن متألمون غاضبون منك أيها العام العنيد الجبار، وأنت تخطو آخر خطواتك المرعبة وفي آخر لحظة من أيامك العجاف؟ ألم يساورك الندم، أو تنوي التراجع عما فعلت وعملت؟ أو تغير بعضاً من سلوكك السيئ المقيت؟ فكم وكم نحن متألمون خائبون، لأنك لم تكن كريماً رؤرفاً حليماً، بل على العكس كنت بخيلاً قاسياً جباراً، عنيداً.. وإلا فلماذا أخذتنا إلى دروب تؤدي بنا إلى غرفِ الموت؟! بدل أن تأخذنا إلى مكان آخر أكثر أمناً بعد أن تصحو وتنتفض لتمحو كل آثامك وخطاياك؟ وبكل شجاعة ومروءة تضعنا على الطريق الصحيحة بعد أن نتعلم كيف نرسم دروباً غير دروب الموت، تلك التي أخذتنا إليها. بل مسارات عاقلة آمنة توصلنا إلى قاعات كبيرة رحبة نجلس فيها حول طاولة كبيرة مستديرة رافضين العنف وأهله، نتحاور ونختلف إلا على حب الوطن وعزته، وعندئذ لا بد أن نصل إلى بر الأمان.
ولكن هذا كله لم يتحقق معك ومع إقامتك الثقيلة مع الأسف.
نعم نحن متألمون غاضبون.. لكن رغم هذه الآلام الكبيرة وخيبات الأمل المريرة التي نعيشها.. رغم ذلك فإننا متفائلون، ونقول لك: ارحل مهزوماً مذموماً منبوذاً إلى غير رجعة.. نعم نحن متألمون جداً، لكننا متفائلون كثيراً، وكلنا أمل أن يكون العام القادم الجديد حاملاً لنا كل جديد ومفيد، بل محطة مضيئة يتلاقى فيها الجميع من أجل الجميع، رافعين علم الوطن عالياً ونحقق جل أحلامنا وآمالنا وأهدافنا النبيلة التي لن نحيد عنها أبداً وهي: وطنٌ حرٌ وشعبٌ سعيد.