التاسع من أيار يوم مشهود!
السمك الكبير يأكل السمك الصغير، وكذلك هو الحال بين مالكي وسائل الإنتاج، كأصحاب مصانع الأسلحة، والمسيطرين على الطاقة والنفط وبقية الثروات التي يمكن استخراجها!
نشأت تناقضات بين هذه القوى، وكانت تُحَلّ بإشعال الحروب بين هؤلاء الاحتكاريين، وشعوب العالم التي كانت تتحمل ويلات تلك الحروب ومآسيها! وأخطر تلك الحروب، الحربان العالميتان الأولى والثانية، اللتين يفصل بينهما أقل من ربع قرن!
الحرب الوطنية العظمى
اجتاحت جيوش ألمانية النازية في الأول من أيلول سنة 1939 أغلبية الدول الأوربية، ومن أموال هذه البلدان، وخيراتها، زادت ألمانيا من رصيدها، فاندارت في 21 حزيران سنة 1941 بملايين الجنود المدججين بأفتك انواع الاسلحة، نحو الاتحاد السوفيتي!
تمكنت القوات السوفيتية، لا من وقف الهجوم فقط، بل تمكنت من تحرير كل أراضيها المحتلة، وتمكنت من تحرير كثير من البلدان الأوربية، وتابعت هذه القوات زحفها حتى وصلت إلى برلين، عاصمة ألمانيا النازية، ومساء 8 أيار استسلمت ألمانيا دون قيد أو شرط، للقوات السوفيتية المحررة!
صنف هتلر العرب والأفارقة بأنصاف قردة، لا يلذ لهم إلا الضرب بالسياط!
قضي على ملايين البشر.. من مختلف الأعراق والأديان!
خسرت شعوب الاتحاد السوفيتي، في تلك الحرب، أكثر من 26 مليون ضحية، ودمّر فيه 70 ألف مدينة وقرية!
تمكن الاتحاد السوفيتي في فترة وجيزة من شفاء جراحه وترميم اقتصاده، واندار لمساعدة شعوب العالم كافة، وبلغت قيمة هذه المساعدات نحو 70 مليار دولار، من جهد شعبه، ومن جيبه، في حين حصلت الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة نفسها على 70 مليار دولار من المملكة العربية السعودية ودول الخليج وغيرها من الدول التابعة لها! تمكنت الشعوب المستعمرة، بفضل نضالها، وتأييد الاتحاد السوفيتي لها، من خلع نير العبودية، والحصول على استقلالها!
كانت حصة بلداننا العربية، من هذه المساعدات بناء 800 مصنع ومشروع، ومساعدة كثيرمن بلداننا وتزويدها بالسلاح، لتتمكن من الوقوف في وجه الخطر الصهيوني الداهم!
أهمية هذا الانتصار
1- لم تعد الإمبريالية العالمية قادرة على شن حرب عالمية جديدة، وأبلغ دليل على ذلك، بلوغ هذا الانتصار عامه السبعين من عمره!
2- رغم تفكك الاتحاد السوفيتي، في أواخر القرن الماضي، فإن الاتحاد الروسي، ودول البريكس، والعديد من الدول الأخرى في العالم، تعمل بجد لكبح جماح الدول الإمبريالية وعملائها في العالم!
لا يغيب عن البال إطلاقاً قول فريدريك أنجلس الآتي: (إن مايسمى المجتمع الاشتراكي، ليس حسبما أعتقد، شيئاً ما أعطي مرة واحدة وإلى الأبد، بل ينبغي اعتباره، مثله مثل كل نظام اجتماعي آخر، قابلاً لتغيرات وتحولات دائمة) – (انجلس – المجلد 4 – ص152).
وقال وصفي القرنفلي، الشاعر العربي السوري:
وإن رجعنا إلى التاريخ نقرؤه
من عهد يثرب حتى عهد ذي كرب
فما وجدنا فإن وجدت فهات لنا
للروس يوماً عداوت مع العرب
3- إن تاريخ البشرية المكتوب، يرينا أن آلاف الحروب قد أشعلت، على وجه أرضنا، فكان فيها منتصرون، ومنهزمون، وقدمت فيها القرابين البشرية الكثيرة، إلا أنها لم تحدث ذلك التغيير الذي أحدثه انتصار الاتحاد السوفيتي سنة 1945!
الحروب الناعمة
صحيح أن الإمبريالية لم تعد قادرة، على شن حرب عالمية جديدة، إلا أنها تشعل ما يسمى بالحروب الناعمة، فهي تمول وتسلح وتقدم كل الخدمات اللازمة لتدمير البلدان ذات الحضارات العريقة، وتجند آلاف المرتزقة، وقطّاع الطرق، تحت رايات إسلامية، والإسلام بريء منها!
فسورية منذ خمس سنوات، تتصدى وجيشها الباسل، لرد كيد هؤلاء الوهابيين، إلى نحورهم، وتخليص البلاد من دنس هؤلاء الأوباش!
إن شعوب العراق ومصر وليبيا وتونس ولبنان، جميعهم يقفون في وجه أولئك الدخلاء وأسيادهم!
قد يكون من أخطر الأمور وأكثرها إجراماً، الحلف الذي تقوده المملكة العربية السعودية ضد اليمن، البلد الذي لم يدخله غازٍ عبر التاريخ!
لا يخفي قادة هذا الحلف كيدهم وتآمرهم وأن ضرباتهم ستمتد إلى سورية، تحت عنوان تشكيل قوة عربية.
نسي هؤلاء المأجورون أو تناسَوا، أن إسرائيل قامت باقتلاع الشعب الفلسطيني سنة 1948 من أرضه، وهي تهدد اليوم بهدم المسجد الأقصى، وتقوم بتهويد مدينة القدس، وتبني عشرات المستوطنات، على الأراضي الفلسطينية المتبقية، وتقتل يومياً العديد من الشباب الفلسطيني.
ويرى الرجعيون العرب أن إيران هي عدوهم!
أخيراً، سيظل التاسع من أيار يوماً مشهوداً في تاريخ البشرية كله، وسيظل منارة للشعوب المناضلة في العالم، ومنها شعبنا!