الليرة في دائرة الخطر… والمركزي منفصل عن الواقع!
عادت الليرة السورية لدائرة الاستهداف، المنظم، والممنهج، وهذا لايقتصر على أعدائها الذين لايريدونها، قوية ومتينة ومتماسكة، بل هناك من يزعم زوراً وبهتاناً أنه يتخذ اجراءات مناسبة لحمايتها، والمحافظة على سعر صرف متوازن لها، لكنه في الحقيقة يعمل عكس ذلك، ويستهدفها بأعتى أنواع التصريحات والقرارات والاتجار غير المشروع بها.
فما شهدته أسعار صرف الليرة خلال هذا الأسبوع، يثير التساؤل حول من يقف خلف التصاعد التدريجي في أسعار الصرف؟ وتغذية الاتجاه الذي يقود إلى خفض قيمة الليرة، وتدني قدرتها في الأسواق؟ لن نأتي بجديد إذا أشرنا بالبنان إلى كل من يستهدف عملتنا الوطنية ويقف خلف الحدود، فهذا الأمر بات قديماً، ولن تكون هذه المرة هي الأولى أو الأخيرة لبذل مزيد من الجهود التي تستهدف عملتنا الوطنية، لكن أن يكون الاستهداف من الداخل، وتظهر تحليلات غير علمية، ولا تستند للواقع، ولا تعتمد على ما يجري في سوق الصرافة، فهذا لايمكن القبول به، أو السكوت عنه. فالمصرف المركزي حاول خلال الفترة القليلة الماضية تنظيم أكثر من جلسة لبيع القطع الأجنبي (اثنتان الأسبوع الماضي) إلا أن شركة صرافة واحدة لم تشتر دولاراً واحداً، ما عزز فكرة استقرار سعر الصرف، وأسقط نظريات الأثر النفسي وغريزة القطيع، التي لايتوانى المسؤولون النقديون عن ترديدها ليل نهار. فعقب أزمة ممتدة طوال ثلاث سنوات ونصف السنة، لم يعد لهكذا تفسيرات حضور مقنع لدى الناس، لأن ما يجري في سوق الصرف يعكس مدى حضور وتأثير مجمل القوى التي تلعب بالليرة وسعر صرفها دون رقيب أو حسيب، ومنه حالة الغياب التي يمثلها المصرف المركزي، وربما انفصاله عن الواقع برغبة منه. لأن زيادة العرض من القطع الأجنبي، دون شراء نظامي، لا ينسجم مع حالة الهيجان التي أصيبت بها حالة السوق السوداء، ما يدل أن ثمة شيء ما تحت الطاولة، وأن قوى هذه السوق غير النظامية ماتزال تتحكم بسعر الصرف، أما السلطة النقدية فتجد الأسباب التي تبرر ما يجري.
المطلوب من السلطة النقدية الآن، إجراءات أقوى، ومتابعة أفضل، واستقراء دقيق، لواقع ومستقبل سعر الصرف، حماية لعملتنا، وحفاظاً عليها، وتعزيزاً لقدرة من يتداول بها.