ممحاة لافروف
تقدّمت روسيا في صناعة ماسحات بلّور السيارات، لمواجهة الشتاء الثلجي والتجمد.. ماسحات تبخّ ماءً ساخناً عند حلول الشتاء. وعلى هذا الأساس شغّل الروسي تفكيره بعمق ووجه نداء إلى كبار الصناعيين المهرة، لصناعة ماسحات تحقق السبق التكنولوجي لمسح ماء الوجه للذين لا يخجلون من مواقفهم المخزية، ومن تنكّرهم لما يقولون ولتخفيف التناقضات في تصريحاتهم وممارساتهم.
هزَّت المفاجأة لافروف حينما وجد على سريره ممحاة! وتساءل في نفسه مراراً عن سر هذه الممحاة الملونة بالأزرق والأحمر، لكنه لم يحصل على أجوبة مقنعة.. وقال أحد المقربين منه: إنَّ قشعريرة ترافقت بارتفاع حرارة وتعرُّق أدَّت إلى طرحه في الفراش ثلاثة أيام.. وأصيب الطاقم السياسي بالارتباك والحيرة، واضطر نوَّاب السيد الوزير للبحث عن السبب المباشر لهذا المرض المفاجئ، فاستخدموا المخابر الدقيقة المجهَّزة بالآلات الحديثة جداً، لتحليل المواد التي صنعت منها الممحاة خوفاً من أن تحتوي مادة سامة.
إن وزير الخارجية الروسي الذي لا يهدأ أبداً، باعتراف العرب والغرب والقريبين والبعيدين والأصدقاء والأعداء. استطاع بهذه الممحاة أن يمسح جميع التصريحات المعادية لسورية، بدءاً من التآمر السعودي القطري التركي الأردني، وصولاً دون توقف إلى المخطِّط الأول (البندر) الذي يجوب البلدان والمدن وغرف العمليات السرية، باحثاً عن إيجاد القوة الرادعة للسيد لافروف.. وكان مصيره الفشل واليأس !
لقد أعطى الخبراء المتخصصون في صناعة (المحايات)، تفسيرات ناجحة جداً وقالوا: إن اللون الأحمر يدل على أن جون كيري ومعلّمه (أوباما) يتحدثان يومياً عن هذا الخط وعن ردع وتهديد السوريين إذا تجاوزوه. ويمكنهم استخدام جميع الأساليب، حتى القوة العسكرية، وضرب سورية بصواريخ (كروز و توما هوك)، إذا لم يرضخوا لهم وينفذوا إرشاداتهم وسياستهم ومخططاتهم في الشرق الأوسط. أما الخط الأزرق الموازي للأحمر فقد استخدمه لافروف في حالات محددة، عندما تتعقد المباحثات مع السيد كيري. ويحاول دائماً أن يشعره أن روسيا والولايات المتحدة تسلكان معاً الطريق الذي يؤدي إلى السلام، وأن للدولتين مصالح مشتركة في المنطقة العربية..عندئذ تعرض ابتسامة كيري وتستطيل حتى تصل إلى الغمازتين المحفورتين في مستطيل وجهه، ويبدأ يحكّ بأصابعه الطويلة شعره الكثيف.
أما لا فروف فعندما كان يسمع (بإعجاب واستغراب) تصريحات كيري ونقضه لما جرى الاتفاق عليه في الاجتماع المغلق، يشهر ممحاته التي هي أشبه ب (مسدس كاتم للصوت)، أو سيف مسلط عليه ويبرز الخط الأحمر. ويبدأ يمسح بالممحاة الطاولة ذهاباً وإياباً، ثم يحرّك إصبعه في (النترات المفتولة) كأنه يرسم تضاريس السياسة الروسية في المنطقة.
لقد أصيب السيد كيري بالقلق والكآبة والخوف مما يجري بينه وبين لافروف.. وتساءل عن سر هذه الممحاة في نفسه..! وتصوَّر أنها تفرز مادة كيماوية سورية.. ورأى أنه امتلك صيداً ثميناً عبَّر عنه رئيسه أوباما، الذي أربك العالم بالتهديد بالعدوان على سورية، إلا أن ممحاة لافروف مسحت جميع التصريحات، وفتتت الأوراق (الرابحة) وحولتها إلى رماد!
وأصبحت ممحاة لافروف قيد التداول، وتعددت القصص عنها والحكايات السحرية .. وازداد الطلب عليها من السياسيين، خاصة من مجموعة دول (البريكس)، فهي الخط الأحمر الذي لم يقدر أحد القفز فوقه..! وأكد لافروف لأحد نوابه أنه (سيحتفظ بالممحاة السحرية في جيب سترته، فربما يحتاجها في جنيف.2.! ).