ماذا لو..؟!

كثيرة هي الأسئلة التي لا تحتاج إلى عرّافة أو قارئة للأبراج أو للوجوه كي تفلسف الحالة وتأتينا بأجوبة فيها نصف شفاء لحيرتنا. وكي لا تذهبوا بعيداً في تخيلاتكم وأوهامكم فإنني أطمئنكم منذ البداية بأن ما سأعرضه عليكم في هذه المقالة لا يحتاج إلى ليلى عبد اللطيف ولا ميشيل حايك ولا مايك فغالي وخصلات شعره المضحكة.

وما دمنا نتحدث عن الأبراج وقراءة الحظوظ، فإنني من باب النصيحة لا أكثر ولا أقل أتمنى على بعض القنوات التلفزيونية المحلية أو المحطات المسموعة أن تحترم عقل المتابع، عندما تطل عبر شاشتها أو موجاتها إحدى قارئات الحظ والأبراج، وخاصة في الفترة الصباحية، وتبدأ بقراءة ما سيحدث في المستقبل وكأنها تمسك هذا المستقبل من ذيله.

وبالعودة إلى العنوان، فإنني لن أطرح كل الأسئلة التي تؤرّقني وتؤرّق معي عدداً من أبناء هذا الوطن المسكين الذي مازال يكابد للخروج من هذا النفق اللعين الذي وضعه البعض فيه دون إمكانية لرؤية الضوء.. هذا الوطن الذي كان على الدوام مسكناً وسريراً هانئاً لكل من أمّه وقصده.

العنوان بسيط ويمكن أن نطرحه على الجميع (موالاة ومعارضة) وما بينهما، ما دام حتى الآن هناك من يقف (نصف مع ونصف ضد). وهنا لا أعلم لماذا تذكرت البرنامج التي كانت تقدمه الإعلامية وفاء الكيلاني والأسئلة التي كانت أحياناً تُحرِج الضيف فيخالف معتقداته وأفكاره وأخلاقه ليبدو على الشاشة أنه إنسان متحضّر. وكمثال على ذلك السؤال المتعلق بسهر الابنة خارج المنزل دون علم أهلها لوقت متأخر، والمفاجأة أن يكون الجواب من الضيف (مع.. أي موافق) !.

المهم دعونا قبل أن تصابوا بالملل أن نبدأ بطرح (ماذا لو) على أصحاب القرار في هذا الوطن الذي نتمنى أن يعود جميلاً كما كان وأن تبدأ عمليات المحاسبة الصارمة بحق من أساء إلى قدسية التراب وحرمة الدم وخان الأمانة:

ماذا لو امتلك المواطن الجرأة والقدرة على تسمية الأشياء بأسمائها فيقول إن فلاناً ابن فلان الذي يشغل منصب كذا وكذا هو حرامي ومرتشٍ وفاسد، وقد سهّل تأمين الأرضية للفتك بهذا البلد؟!. هل كان يجرؤ أحد على قبول ليرة واحدة زيادة عن مرتبه؟!

ماذا لو أجريت المقارنة على الشاشة بين ماضي المسؤول قبل استلامه لمهامه وتربعه على الكرسي، وحاضره بعد تربعه على الكرسي، ثم استقالته، وذلك بعد الكشف على عقاراته وسياراته ومحلاته وأرصدته، وعن الطريقة التي اكتسب فيها كل هذا الكسب شريطة أن نبدأ بالكبار؟!

ماذا لو سُحبت أساطيل السيارات من مرائب الوزارات والمؤسسات والأفرع، وخصّص كل مسؤول بسيارة فقط تأخذه من بيته وإليه، وتعود لتبيت في المرآب؟!. دعونا نجرّبها لشهر واحد فقط ونحسب كم من الليرات السورية ستتوفر في الخزينة وهل يشعر هؤلاء بزيادة أسعار الوقود؟!

ماذا لو تم التدرّج بالعقوبة لكل من يخالف، فيما يتعلق بلقمة العيش، فتتضاعف العقوبة عدة مرّات قبل أن تصل إلى سحب الترخيص من صاحبها في حال استمر في تكرار المخالفة؟!. هل كانت تنقص ربطة الخبز رغيفاً واحداً.. وهل كانت الكازية تبيع العبوة سعة عشرين لتراً ناقصة أكثر من لترين؟!

ماذا لو استند قرار التعيين إلى المؤهلات العلمية والسيرة الذاتية والكفاءة بعيداً عن الاسم العائلي والتقرير الأمني والوصف الحزبي؟!. ألم تُنجز دراسة أمنية وحزبية وعائلية لمعظم من انشق (وانقلع) خارج الوطن؟!

ماذا لو لم تقع الأحداث في سورية؟ ألم يكن بعض من هرب خارج القطر من مسؤولين سياسيين وعسكريين ومثقفين ومطربات ومطربين وفنانين مازالوا يحتلون الشاشات والمنابر ليعطونا المواعظ والدروس عن الوطنية؟!. كيف وصل هؤلاء إلى ما كانوا عليه ومن هو المسؤول؟!

ماذا لو أصبح الأميّ والياً على الناس، والحرامي قاضياً بينهم، والجاهل إماماً للجامع؟!

واسمحوا لي أن اسأل عربان البترودولار:

ماذا لو قدّم العربان للراغبين في استرجاع فلسطين ربع ما قدموه للقتلة والتكفيريين في سورية، ووقفوا بعناد في المحافل الدولية كما وقفوا ضد سورية لإدانة إسرائيل؟!

ماذا لو التزم العربان بالمعاهدات التي وقعوها فيما بينهم، كالتزامهم بكل كلمة وكل حرف وكل همسة وغمزة مع الآخرين وخصوصاً مع العدو الإسرائيلي؟!

أخيراً ماذا لو لم تنشر هذه المادة؟!.. سامحونا!

العدد 1140 - 22/01/2025