الأمم المتحدة تُقرّ إعلاناً لإنهاء العنف ضد النساء والعنف ضد السوريات مازال مستمراً ! …

أقرت لجنة الأمم المتحدة للمرأة بتاريخ 15/3/2013 إعلاناً تاريخياً يدعو إلى إنهاء العنف ضد النساء وحمايتهن من التحرش الجنسي والاغتصاب.

قوبل الإعلان بمعارضة شديدة من بعض الدول الإسلامية والفاتيكان، لكن المحادثات تكللت في النهاية بالنجاح بعد أن توصلت الدول الإسلامية والغربية إلى صيغة لتجاوز خلافاتها للاتفاق على الإعلان الذي وصف ب(التاريخي) والذي يتضمن مدونة سلوك لمكافحة العنف ضد النساء.

وقالت رئيسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة، ميشيل باشيليت (الرئيسة السابقة لتشيلي) (إن الناس في مختلف أنحاء العالم توقعوا القيام بعمل ولم نخذلهم. نعم لقد فعلناها). وقد وصفت شانون كوفالسكي، مديرة الدعم والسياسة في الائتلاف الدولي لصحة المرأة، الإعلان بأنه انتصار للنساء والفتيات. وأضافت أن (الحكومات اتفقت على اتخاذ خطوات ملموسة لوقف العنف. ولأول مرة اتفقت على التأكّد من إمكان حصول النساء اللواتي يتعرضن للاغتصاب لخدمات الرعاية الصحية مثل العمليات الطارئة لمنع الحمل والإجهاض الآمن).

وعلى الرغم من أن إعلان المفوضية، التي أنشئت سنة 1946 للدفاع عن حقوق المرأة، غير ملزم، إلا أن دبلوماسيين وناشطين حقوقيين صرّحوا بأن الإعلان يحمل ثقلاً عالمياً كافياً للضغط على الدول لتحسين أوضاع النساء والفتيات. فهل يشمل هذا الضغط أو التحسين أوضاع المرأة السورية وما تتعرض له منذ أكثر من عامين في ظل الأزمة الراهنة؟

لقد تعرّضت وتتعرض النساء السوريات، سواء في دول اللجوء أم في مخيّمات النزوح أم في الداخل السوري، إلى أبشع أنواع الاضطهاد والعنف من خلال ممارسات شتى ليس الاغتصاب أولها، ولا الاتجار بهنّ آخرها، فقد أفادت لجنة الإنقاذ الدولية بوقوع ما يقارب أربعة آلاف حالة اغتصاب داخل سورية منذ بدء الأزمة، حسبما أوردت صحيفة (دنيا الوطن) بتاريخ 15/1/2013.

كما كشف موقع الشروق أون لاين (1) بتاريخ 23/3/2013 عن وجود عصابة دولية مختصة بالاتجار بالفتيات والقاصرات السوريات اللاجئات في الجزائر. فقد تقدّمت عائلة فتاة سورية منذ ستة أشهر بشكوى إلى الأمن الجزائري تفيد بتعرّض ابنتها القاصر إلى محاولة إبعاد نحو الخارج، من قبل عصابة أوهمتها بتوفير فرصة عمل في أحد الفنادق المعروفة في الولاية، قبل أن يُعرض عليها التوجه نحو لبنان بقصد الخضوع لعملية تجميل، لكن شكوكاً راودت عائلة الضحية دفعتها للتحري عن صحة نشاط هذه المجموعة، بيّن فيما بعد وجود عدة سوريات لاجئات إلى الجزائر وقعن ضحايا لعصابات تتاجر بالرقيق الأبيض. فيما توصلت مصلحة الأمن الجزائرية إلى وجود شبكة دولية مكونة من لبنانيين وجزائريين ورجال مال وأعمال خليجيين، تعمل في الأوساط السورية وفي أماكن وجود العائلات الفارّة من مدن الشام بقصد الإيقاع بأكبر عدد ممكن من الفتيات السوريات والبنات القاصرات.

وأضافت مصادر (الشروق) أن الكثيرات منهن استُقدمن من مخيمات اللاجئين السوريين بتركيا والأردن ولبنان، بالتنسيق مع أفراد هذه العصابة، ليُحوّلن إلى إحدى دول الخليج للعمل في مجال الدعارة.

وكان موقع اليوم السابع المصري (2) قد ذكر أن الاتحاد العالمي للمرأة المصرية بأوربا تقدّم  بمذكرة رسمية للدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية والمجلس القومي للمرأة، ورئاسة مجلس الوزراء، للمطالبة بالتدخل الفوري لوقف زواج السوريات بمصر من الشباب المصري مقابل 500 جنيه للزوجة، بعدما شهدت مصر غزو السوريات لمدن عدة فيها.

وقالت الناشطة سحر رمزي (إن السوريات يُردن العيش بسلام، وهذا واجبنا وحقهن، ولكن أن يتحول الواجب إلى قرار بزواجهن مقابل مبلغ بسيط من رجال مصر، سواء الذي لم يسبق له الزواج أو المتزوج بالفعل، وذلك بعد أن قرر شيوخ الجوامع في مصر هذا، وهم الذين يستضيفون هؤلاء السيدات، وأيّاً كان الفصيل الديني الذي ينتمي إليه هؤلاء الدعاة فنحن نرفض ذلك).

 وكشفت رمزي عن أن عدد زيجات السوريات في مصر وصل إلى 12 ألف حالة زواج خلال عام واحد، طبقا لإحصائية قام بها الاتحاد العالمي للمرأة المصرية، وهو ما يعد أكبر كارثة تشهدها مصر.

سلوى الشاعر المتحدثة الإعلامية للاتحاد العالمي للمرأة المصرية قالت ، إنه يمكن أن يحصل الرجل على أكثر من واحدة، لأن سعر الزواج منهن وصل إلى 500 جنيه لكل واحدة، وهناك من يتزوجها لغرض المتعة ويتركها ليأتي بغيرها، ويكون لدينا نساء وأطفال بلا مأوى ولا حماية ولا أب أو زوج. وفى النهاية سوف تلجأ السورية وغيرها أيضاً من النساء للزواج العرفي، وهو ما نحاربه لما فيه من إهانة للمرأة بشكل عام.

وقد ذكرت مجلة (النهار) الإلكترونية المصرية(3) في مقالة لها أنه في كل مسجد يُنادي المُنادي قائلاً: أيّ أخ مسلم عايز يتزوج من فتاة سورية يجب أن يحضر فوراً، المهر عدة جنيهات، والعروس عذراء لم يمسسها أنسٌ ولا جان.. كل المطلوب أن يوفر لها مسكن ومأكل وملبس وضرورات الحياة.. وهكذا أصبحت حرائر سورية سبايا في عصر الخليفة الإسلامي الذي يحكم مصر.

والجدير بالذكر أن المجلس القومي للمرأة في مصر سبق أن أعلن رفضه وإدانته الشديدتين لظاهرة زواج اللاجئات السوريات من المصريين، مؤكّداً أن هذا السلوك يمثّل اتجاراً بالبشر، ويُعدُّ اعتداءً على قيم وحقوق الإنسان، كما يتعارض مع المواثيق الدولية.

كما ذكرت صحيفة (ديلي تلغراف) البريطانية أواخر كانون الثاني الماضي في تقرير لها أن نساء وفتيات سوريات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاماً، يُعرضن للبيع وللزواج القسري أو البغاء بعد أن يُصبحن لاجئات. مبيّناً أن المئات من اللاجئات السوريات في الأردن تأثّرن بهذه التجارة غير الرسمية، إذ يقوم الرجال الطامعون بهن باستخدام عملاء كمدخل لاستخدامهن لأغراض الجنس مقابل المال. وأضافت الصحيفة أن هذه الممارسات تجري غالباً تحت ستار الزواج المؤقت الذي يستمر بضعة أيام أو حتى ساعات مقابل دفع مهور للاجئات.

هذا بعضٌ مما يتعرض له نساء سورية منذ أكثر من عامين، إذ تعدّ المرأة الكائن الأضعف من جهة، والذي يُمثّل شرف العائلة من جهة أخرى، فيكون العقاب والانتقام بانتهاك الجسد والشرف معاً.

هل باتت نساء سورية سبايا العصر الحديث..؟ سبايا الحكم الاسلامي في دول اللجوء ومخيّمات النزوح..؟

إنه بامتياز انتهاك لحقوق الإنسان ولكل المواثيق الدولية، كما أنه اتجار بالبشر والرقيق الأبيض في زمن التشدّق الدولي والمنظمات الدولية بحماية المرأة وصون حقوقها. فأين هذه المنظمات مما تتعرض له المرأة السورية في الداخل والخارج..؟ وإلى أيّ حد يعدّ إعلان لجنة الأمم المتحدة أعلاه إيجابياً وفعّالاً تجاه السوريات وما يُعانينه من اغتصاب وقتل وتهجير وانتهاك لحقوقهن وكرامتهن الإنسانية؟

ثمّ، وهذا الأهم، أين الاتحاد العام النسائي السوري من كل ما يجري للمرأة على الأرض، وما تتناقله وسائل الإعلام والاتصالات عن تلك الانتهاكات الخطيرة، وعن تسليع المرأة السورية واعتبارها أمَة في سوق نخاسة الحرب والفتاوى المهزومة أمام شهواتها ونزواتها الحيوانية المريضة؟

أين المنظمات النسائية المدنية السورية التي ما فتئت ترفع الصوت عالياً من أجل حقوق باتت واهية أمام ما تتعرض له نساء سورية من سبي واغتصاب واتجار؟

 

 

 (1)- الشروق أون لاين

http://www.echoroukonline.com/.html

 (2)- موقع اليوم السابع

http://www.youm7.com/

 (3)- مجلة (النهار) المصرية الالكترونية

http://alnaharegypt.com/?t=116021

العدد 1140 - 22/01/2025