هل تزيد الموسيقا من ذكاء الأطفال؟
يقول خبراء: إن الآباء المستبدين الذين يصرّون على تعليم أطفالهم البيانو لاعتقادهم أن مثل هذه الآلات الموسيقية ستجعلهم أكثر ذكاء، يضيعون مالهم هباء.
ويؤكد علماء النفس أن المزاعم الشائعة بأن تعلم الموسيقا يعزز محصلة ذكاء الطفل ويساعده في التركيز أكثر في المدرسة، ليست حقيقية.
وذكروا أن الأدلة التي تربط الأطفال الموسيقيين بالإنجاز الكبير في المدرسة، يمكن تفسيرها تفسيراً أفضل في ضوء حقيقة أنهم يأتون عادة من خلفيات ذات امتيازات أكثر.
فالأطفال الذين يأخذون دروساً في الموسيقا، يميلون إلى أن يكون آباؤهم أفضل تعليماً وأعلى دخلاً، ويقومون هم بنشاطات دراسية إضافية أكثر من الأطفال الآخرين الذين في سنهم.
وقال باحثون إن التنشئة، وليس دروس الموسيقا نفسها، تساعد الأطفال في تطوير صفات مثل الاجتهاد، الذي يعزز العمليات الذهنية كالتذكر والتعلم والاستنتاج.
وكان عالم النفس غلين شيلينبرغ، من جامعة (تورونتو) الكندية، قد تفحص الصلة بين التدريب الموسيقي والذكاء في مجموعة من 130 طفلاً من سن العاشرة إلى الثانية عشرة. ودرس فريق البحث ما إذا كان بالإمكان تفسير هذه الصلة عبر سمتين شخصيتين رئيسيتين: الاجتهاد، والانفتاح على التجارب الجديدة.
وفسر شيلينبرغ الأمر بقوله: (كان الدافع الذي يحركنا هو حقيقة أن الأطفال الذين يأخذون دروساً في الموسيقا هم تلاميذ جيدون بشكل بارز. ففي المدرسة يبلون أفضل مما يمكن أن نتوقع من محصلة ذكائهم، لذلك من الواضح أن شيئاً آخر يحدث، وكنا نعتقد أن الشخصية قد تكون هي ذاك الشيء)، كاشفاً أن الارتباط بين دروس الموسيقا والذكاء كان يرجع في الأساس إلى شخصيات الأطفال. وعندما أخذ الباحثون في الحسبان المساهمة المحتملة لشخصية كل طفل في درجاته المدرسية ومعدل ذكائه وأزالوها من المعادلة العامة، اختفت الصلة بين تدريب الموسيقا والذكاء.
ولفت شيلينبرغ إلى أن الدراسة أظهرت أيضاً أنه كان يمكن التنبؤ بطول المدة التي قضاها الطفل في دروس الموسيقا، بناء على إجاباته على استبيان عن الشخصية.
وتابع أن (ما يعنيه هذا أن الأطفال الذين يأخذون دروساً في الموسيقا لديهم شخصيات مختلفة، وأن كثيراً من النتائج، أو كلها في الواقع، التي أظهرت صلات بين الموسيقا والإدراك قد تكون نتاج الفروق الفردية في الشخصية. ويمكن تفسير جل البيانات المتاحة بالقول: إن الأطفال ذوي الأداء العالي يأخذون دروساً في الموسيقا). واستطرد قائلاً بأن النتائج تظهر أن دفع المال للطفل كي يأخذ دروساً في الموسيقا فقط من أجل الفائدة التعليمية المفترضة هو (مضيعة كاملة للوقت). وأشار شيلينبرغ إلى أنه (في الأصل تكون الارتباطات مدفوعة من الاتجاه الآخر، وهو أن الناس الذين لديهم شخصيات معينة، ولديهم مستويات أعلى من القدرات المعرفية ومن أسر ميسورة، يكونون أكثر ترجيحاً لأخذ دروس في الموسيقا).
وقال عالم النفس في جامعة (ماكغيل) في مونتريال: إن (هذا لا يعني أن دروس الموسيقا لم يكن لها قيمة). وأوضح أن (هناك فوائد من وجود مجتمع يشارك فيه المزيد من الناس في الفنون، ولذلك حتى لو أن تعليم الموسيقا لا يجعلك عالم رياضيات أفضل أو رياضياً أفضل، وحتى لو أعطاك فقط متعة الموسيقا، فأعتقد أن هذه نهاية جيدة في حد ذاتها).