الأرض.. أمٌّ وكرامة
منذ أن وعى الإنسان ذاته في هذا الكون الفسيح، احتلّت الأرض عنده مكانة تُضاهي في قيمتها وجوده وحياته ذاتها، لما تُمثّله من عطاء وانتماء متجذّر راسخ في الوعي واللاّوعي بآنٍ معاً. فكلُّ البشر يعتقدون أنهم من الأرض جاؤوا وإليها سيعودون، مثلما هم متيقنون أنها الأم التي تهبهم من خيراتها كل ما يحتاجون للبقاء على قيد حياة وكرامة مرتبطة منذ الأزل بهذه الأرض..
لذا، لا عجب أن نلمس مدى تعلّق الفلاح بأرضه التي يزود عنها بروحه في غالب الأحيان إذا ما تعرّضت لمحاولات النهب أو السرقة أو… الخ، فهي مجبولة بعرقه وتعبه وصبره بانتظار مواسمها وغِلالها، يعتبرها بمثابة الأبناء مكانةً وحاجةً، لا يمكن أن يُفرّط بذرة تراب منها حتى لو ضاقت في وجهه سبل الحياة، وهي الوصيّة الأولى والأهمّ لأبنائه إذا ما شعر بدنو الأجل.. والأرض مكمن الخيرات والثروات على مختلف أنواعها وأهميتها، فبقدر ما تكون هذه الثروات عظيمة وثمينة، بقدر ما تمنح المواطن- الإنسان العَظَمَةَ والاستقرار والأمان والرفاهية، كما تُعطي الدولة مكانة رفيعة وهامّة بين الدول. لذا نجد أن هذا كله يتطلب أفراداً مخلصون أوفياء لأرضهم، مثلما يتطلب حكومات تُقدّر قيمة ومعنى الأرض والإنسان معاً، فتعمل على حماية الطرفين بكل ما تمتلكه من أدوات ووسائل تجعلها جديرة بحكم وإدارة البلاد والعباد.