«كونفرانس» الحزب الشيوعي التشيكي والمورافي

انعقد في براغ يومي 23 و24 أيار 2015 كونفرانس الحزب الشيوعي التشيكي والمورافي، بحضور ممثلي الأحزاب الشيوعية والعمالية واليسارية وحركات التحرر في العالم وممثلي السفارات الأجنبية والعربية المعتمدة في التشيك – براغ، وقد شاركت السفارة السورية في براغ بحضور الكونفرانس ممثلة بالسكرتيرة الأولى في السفارة السيدة منال عين ملك.

وقد كان الحزب الشيوعي السوري الموحد مشاركاً في أعمال الكونفرانس، وهو الحزب الوحيد من الأحزاب الشيوعية في المنطقة الذي وجهت له الدعوة لحضور أعمال هذا الكونفرنس، الذي كان تظاهرة ضخمة جرى فيها تبادل الآراء والخبرات والتوصل إلى صيغة نهائية بالإجماع حول أهم الملفات الهامة والساخنة في العالم.

على مدى يومين ناقش المجتمعون جدول الأعمال المؤلف من أربعة بنود.

1- عمل الأحزاب الشيوعية ونشاطها في أوربا، وتطوير مجتمعاتها وتنشيطها.

2- بناء جبهة للنضال ضد الفاشية، وذكرى 70 عاماً على انتهاء الحرب العالمية الثانية، والانتصار على الفاشية.

3 – تبادل التجارب والخبرات في تطوير بناء المجتمعات وخلق الأرضية والمناخ الملائم لذلك.

4- وثيقة المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي التشيكي (الاشتراكية في القرن 21)

وصدر عن المؤتمر بيان ختامي دعا فيه إلى نبذ العنف والإرهاب في العالم وأخذ الدروس من الحرب العالمية الثانية التي ذهب ضحيتها مايقارب 50 مليوناً من مدنيين وعسكريين وتدمير مدن وغيرها، وإبعاد شبح الحرب والنزاعات العسكرية، وحل الخلافات الدولية عن طريق الحوار.. واستنكر تصرفات أمريكا والناتو والغرب في العديد من مناطق النزاع الدولي، فهم يدعون إلى السلام ويعملون على تسعير نيران الحروب في العالم. وبيّن أن نتائج هذه الحروب المتفرقة في بقاع العالم ستنعكس بنتائج سلبية على أوربا. ويجب أن ننبه إلى النتائج الخطيرة للعولمة ومصالح البنك الدولي، وإلى الدور السلبي الذي تلعبه دول مجموعة السبع، إضافة إلى الدور الأمريكي في النزاعات الدموية في إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وبقية بقاع العالم. وأن حل النزاعات غير ممكن عن طريق العنف والحروب وإلحاق الآلام بالشعوب، وإنما الحل الوحيد يكون بالحوار والطرق السلمية.

إننا نلاحظ ارتفاع التوتر والنزاعات المسلحة وتعريض الأمن للخطر والتهديد ببوادر حرب جديدة، ويجب العمل على درء هذا الخطر بحشد كل الطاقات والإمكانيات للحيلولة دون ذلك. والعمل على محاربة الفقر والبطالة وكل أشكال الاستغلال.

لقد حان الوقت للأحزاب الشيوعية والعمالية واليسارية وقوى التحرر للدفاع عن السلام ومقوماته، والعمل بكل الوسائل والطرق والإمكانيات لنبذ العنف والقوة، وسلوك الطريق السلمي الديمقراطي للتعبير عن السخط ومواجهة الأخطار بكل الوسائل المتاحة، بدءاً من المظاهرات والاحتجاجات، واستخدام المؤسسات وعلى رأسها البرلمان، إلى المنشورات، وذلك في أوربا كما في دول أمريكا اللاتينية إلى الشرق الأوسط والأدنى إلى إفريقيا.

أيها الشيوعيون، يا حركات اليسار ويا قوى التقدم والتحرر

أبعدوا شبح الحرب! فقط بالطرق السلمية يمكن حل المشاكل المعيشية والفقر، وضمان التعليم والمساواة بالوسائل الديمقراطية.

لنحلّ مشاكل المجتمعات! لنناضل ضد الرأسمالية وعلينا أن لاننسى أن السلام هدفنا. لنعطِ الأمل للشعوب، وأن العالم دون نزاعات وحروب وعنف يمكن أن يوجد ويستمر ويمكن أن نغير ونؤثر في المجتمع بقوانا الذاتية.

ودعا المؤتمر الأحزاب الشيوعية والعمالية واليسارية وكل حركات التحرر في العالم إلى العمل على تطوير مستوى معيشة الشعوب، والعمل على نشر السلام والديمقراطية والنضال ضد الإمبريالية، وحل مشاكل المجتمعات، والاهتمام بمصالح الشعوب.

وقد مثّل الحزب الشيوعي السوري الموحد في الكونفرنس الرفيق نزار طرابلسي، وألقى باسم الحزب الكلمة التالية:

الرفيقات والرفاق المحترمون، أيها الأصدقاء..

اسمحوا لي لن أنقل إليكم تحيات الحزب الشيوعي السوري الموحد، ولجنته المركزية إلى كل الرفاق المجتمعين، متمنين لهذا الكونفرنس المنعقد النجاح، كما أننا نتوجه بالشكر للحزب الشيوعي التشيكي والمورافي على دعوتنا للمشاركة في أعمال هذا الكونفرنس.

إن هذا الكونفرنس ينعقد وبلادنا سورية تمر بمرحلة أليمة وصعبة تهدد كيانها ووجودها، فالشعب السوري يتعرض لأكبر هجمة إرهابية في العالم.

وقد دخلت الأزمة السورية في شهر آذار عامها الخامس، وخلال هذه الفترة تم تدمير البنية الأساسية للاقتصاد السوري ومرافقه العامة الاجتماعية والثقافية والخدماتية من معامل ومنشآت اقتصادية، إلى آبار ومصافي النفط والغاز، إلى المدارس والمستشفيات والمستوصفات وخطوط السكك الحديدية ومحطاتها، إلى المعالم الثقافية والأثرية. إضافة إلى تدمير المدن والأحياء الآهلة بالسكان التي بناها الشعب السوري خلال نصف قرن، عدا آلاف الشهداء من المدنيين والعسكريين، وعمليات الخطف والتهجير. والبارحة تعرضت تدمر لاعتداء إرهابي وسقطت بيد داعش الإرهابية، هذه المدينة الأثرية تعتبر من أقدم المدن الأثرية في العالم، وهي تعود إلى العصر الروماني القديم، وموضوعة على لوائح اليونسكو، وهي قلب الصحراء السورية وصلة الوصل بين العاصمة دمشق مروراً بوسط سورية إلى المناطق الشرقية. خلال هذا الهجوم الإرهابي سقط المئات من الشهداء والقتلى نتيجة مجزرة أليمة تعرض لها المدنيون الآمنون في المدينة وأدت إلى قتل ما لا يقل عن 400 من الأبرياء. من هذا المنبر نناشد المجتمع الدولي ومنظمة اليونسكو الوقوف بحزم والضغط على الإرهابيين للحيلولة دون تعرض هذه المدينة الأثرية للدمار والتخريب.

كل هذه المجازر والإرهاب الممنهج يجري تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، وبدعم مادي ومعنوي وتسليح وتسهيل لوجستي من قبل أمريكا والغرب وحلف الناتو وتركيا ودول الخليج وبالأخص قطر والسعودية، التي لاتزال تصدّر الإرهابيين عبر تركيا والأردن، ولاتزال غرف العمليات ومعسكرات التدريب موجودة على أراضيها، ومنها يتم التخطيط لكل العمليات الإرهابية المسلحة على الأراضي السورية.

لقد علمتنا الماركسية اللينينية أن الحرية والديمقراطية والثورات لاتتحقق بهذا الأسلوب الفاشي والدموي تحت قناع مايسمى (الربيع العربي). إن هذا الربيع ظالم ومحزن للمنطقة ومن نتائجه القتل والذبح والإرهاب وترويع الناس وتهجيرهم وسقوط مئات الآلاف من الشهداء، كل ذلك يصب في تنفيذ المشروع الإمبريالي الصهيوني بإعادة رسم المنطقة من جديد وتقسيمها إلى دويلات وكانتونات صغيرة على أساس عرقي أو ديني أو عشائري، وهذا ما تسعى إليه الإدارة الأمريكية منذ حربها على العراق وما بشرتنا به وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس عام 2006 بما يسمى الشرق الأوسط الجديد والديمقراطية التي دمرت وجزأت المنطقة، من أفغانستان إلى العراق إلى ليبيا ومصر وتونس والبحرين، وأخيراً محاولات تدمير اليمن بالعدوان السعودي الغاشم وتقسيمه.

أوائل أيار من هذا العام احتفلت البشرية جمعاء بذكرى 70 سنة على انتهاء الحرب العالمية الثانية والانتصار على النازية، هذا الحدث الضخم الذي أنقذ البشرية من إرهاب الفاشية والنازية وعنفهما. ومن المجدي أن نقف بإجلال واحترام لكل الشهداء الذين سقطوا في معارك التحرير، ونخص بالذكر شهداء الجيش السوفييتي الجيش الأحمر الذي قدم مايقارب 26 مليون شهيد، نقدر ونحترم كل قطرة دم وكل شهيد سقط على دروب التحرير، ونستنكر محاولات الإمبريالية ومخططاتها التي ظهرت مؤخراً والتي تحاول طمس الدور الهام والرئيسي للجيش الأحمر، وتحاول تشويه وقائع التاريخ ومعارك التحرير التي لايزال جزء كبير من الضباط ومتطوعي الأنصار في الجيش الأحمر أحياء ويروون صحة سير المعارك.

كذلك مرت ذكرى أليمة في نيسان 2015 وهي الذكرى المئوية للمجازر التركية بحق الشعب الأرمني التي يتحمل مسؤوليتها العثماني منذ 100 عام ولايزال ينهج الأسلوب نفسه حتى يومنا هذا بدعم العنف والإرهاب.

إننا على ثقة تامة أن قوى التحرر والديمقراطية وعلى رأسها الوطنيون والشرفاء الأحرار والأحزاب السياسية الوطنية والمنظمات الاجتماعية وكل الأطياف الدينية والسياسية والتيارات الوطنية ستنتصر وتدحر مؤامرات الإمبريالية والصهيونية والناتو والإرهاب بالدعوة إلى الحوار ونبذ العنف والجلوس إلى طاولة الحوار الذي يتميز بروح وطنية وتصميم للتخلص من الأزمة والعنف والإرهاب والعمل على إعادة المهجرين وبدء عملية الإعمار، وذلك بدعم قوى التحرر والديمقراطية في العالم وعلى رأسها الأحزاب الشيوعية واليسارية والديمقراطية والاشتراكية، وبفضل مساعدة الأصدقاء والدول وفي مقدمتها روسيا والصين وإيران ودول البريكس ومجموعة دول أمريكا اللاتينية التي لها مواقف مشرفة ومبدئية ودعم الشعوب الأوربية وشعوب العالم.

مرة أخرى نتمنى لهذا الكونفرنس النجاح وأن ينتج عنه توصيات ومقررات وبيان ختامي لخدمة البشرية ويكون له انعكاسات إيجابية في تطوير الحركة الشيوعية ونموها في العالم، وبتضافر جهود الأحزاب الشيوعية واليسارية الذي يؤدي إلى بناء قاعدة متينة لتطوير بناء الاشتراكية في العالم.

عاش الحزب الشيوعي التشيكي والمورافي..

عاشت الحركة الشيوعية في العالم..

عاش السلام..

العدد 1140 - 22/01/2025